قال حماري وهو نصف جثته على الشرفة ويراقب المارة في سيرهم ويعلق على هذا وذاك ثم طرح سؤالا رأيته في منتهى الأهمية.. هل هؤلاء الناس الذين يجرون في مختلف الاتجاهات من أجل توفير لقمة العيش لأولادهم تهمهم لحية أبو جرة أو كوستيم أويحيى وبلخادم؟ قلت بحذر·· لا أتوقع ذلك·· قال بتأكيد·· هل من يحمل الهمّ في قلبه يمكنه أن يفكر في همّ الآخرين؟ قلت·· لا أتوقع ذلك·· قال·· هل يمكنك أن تتعاطف مع من يسرق مالك ويغتصب حقوقك وينظر لك بعين مغمضة ويدعي أن وجوده في الساحة السياسية هو من أجل الدفاع عن حقوقك؟ قلت·· لا أتوقع ذلك·· صرخ حماري في وجهي وقال·· أنت لا تتوقع أي شيء وهذه السلبية هي التي شجعتهم على الإصرار على البقاء أطول والغرف أكثر من البئر·· قلت·· تعلمنا أن نصمت ونقول تخطي راسي·· نهق نهيقا مخيفا وقال·· هذا ما جعل البعض يخرج من عقله ويتخيل نفسه رئيسا وليس لأحد الحق سواه في ذلك·· قلت أنت تلمح على الراقي؟ قال·· ليس الراقي وحده من يطمح في التريس ويرى ذلك من حقه ولكن الدائرة اتسعت وأصبحت تشمل قائمة طويلة·· قلت·· هي مناورات سياسية تصب كلها في صالح السلطة·· قال حماري·· إذا كانت السلطة فعلا استطاعت أن تروضهم جميعا في سركها وتجعلهم مهرجون يرقصون على الحبل ويقفزون فوق النار فتستحق كل الإعجاب·· قلت·· هذا ما يحصل تماما وكفاك تشويشا على أبو جرة وأصدقائه حتى يتقنوا تنفيذ الخطة بإحكام··