افتتاح "قمة إفريقيا لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات 2025"    الدفع الالكتروني ضمن طرق الدفع المقترحة لشراء الاضاحي    أمن ولاية الجزائر: حجز أكثر من 75 مليون سنتيم مزورة    حجز ما يقارب 3800 كبسولة من المؤثرات العقلية    ملف الذاكرة قضية أمة.. وليس ريعا استعماريا    أنقرة تدعّم المقاربة الجزائرية لتسوية الأزمات الإقليمية    الرابطة تنظم إلى "الفاف".. تحذر الأندية وتتوعد بعقوبات شديدة    التجسيد الفوري لتوجيهات الرئيس يسرّع الاستثمارات    دور ريادي للجزائر في مكافحة الإرهاب    وضعية مقلقة لمنصف بكرار في البطولة الأمريكية    صناعة الألواح الشمسية: مجمع "لونجي" الصيني يبدي اهتمامه بالاستثمار في الجزائر    وزير الخارجية التركي: الجزائر إحدى ضمانات الاستقرار في المنطقة    نادي بارادو ينفي الاتفاق مع الزمالك بخصوص بولبينة    جمعية إيكولوجيكا تنظف شاطئ "الجنة"    مساع لتكفل أفضل بأطفال طيف التوحد    الجزائر تمنح الإبداع حضورا مميزا    نوتات عابرة للحدود.. من طوكيو إلى القاهرة مرورًا بسيول    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    مواعيد جديدة لفتح أبواب جامع الجزائر    وفد برلماني يزور فيتنام لتعزيز التعاون بين البلدين    أجال اقتناء قسيمة السيارات تنتهي نهاية أفريل    تمكين زبائن "بريد الجزائر" من كشف مفصّل للحساب    كرة القدم/الرابطة الأولى موبيليس: الكشف عن التشكيلة المثالية للجولة    جيش الاحتلال يواصل جرائم الإبادة الجماعية بحق المدنيين.. استشهاد 10 فلسطينيين جراء استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة    المغرب: تنديد حقوقي بالتضييق على مسيرتين بالدار البيضاء و طنجة رفضا لاستقبال سفن محملة بأسلحة إبادة الفلسطينيين    اليمن يُهاجم هدفين إسرائيليين في الأراضي المحتلة..استهداف حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" والقطع التابعة لها    "براغ تلتقي بالجزائر .. رحلة سينمائية وإبداعية" : لقاء سينمائي دولي لتعزيز التبادل الثقافي وتطوير الكفاءات    الصين : بكين تعارض إبرام دول أخرى صفقات مع واشنطن على حسابها    أبواب مفتوحة بتيزي وزو:"الخدمة الوطنية مدرسة لصناعة الرجال وتعزّز الشعور بالإنتماء للوطن"    ورقلة..برنامج هام لتدعيم شبكات توزيع الكهرباء في الصيف المقبل    كرة القدم / الرابطة الأولى موبيليس - الجولة ال24 : تأجيل لقاء شبيبة الساورة - اتحاد الجزائر إلى يوم السبت 26 أبريل    بوغالي يعزي في وفاة عضو مجلس الأمة البروفيسور وليد العقون    الشباك الوحيد وهيئتا التصدير والاستيراد: اضفاء شفافية أكبر على الاستثمارات وتعزيز مكانة الجزائر الاقتصادية دوليا    وفاة الفنانة بادي لالة عميدة فن التيندي    وزارة التربية تعكف على وضع استراتيجية لتحسين ظروف الدراسة في المؤسسات التعليمية    مكافحة المعلومات المضللة : الاتحاد الإفريقي يجدد اشادته بدور الجزائر الريادي في مكافحة الإرهاب    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    اليوم العالمي للابتكار والإبداع: الوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث تبرز جهودها لدعم التنمية المستدامة    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51240 شهيدا و116931 جريحا    تحديد مواعيد جديدة لفتح أبواب جامع الجزائر ابتداء من اليوم الاثنين    العنف يُخيّم على الكرة الجزائرية مجدّداً    سِباق مثير بين المولودية وبلوزداد    عرض استراتيجية قطاع الشباب    مؤتمراتحاد عمال الساقية الحمراء ووادي الذهب: التأكيد على مواصلة النضال لتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الصحراوي    توثيق جديد للفهد "أماياس" بشمال الحظيرة الثقافية للأهقار    قسنطينة : اختتام الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي    موضوع ندوة علميّة : إبراز جهود جمعيّة العلماء المسلمين في النّهوض بالمرأة والأمّة    توعية النواب حول مخاطر اختراق الهواتف النقّالة    انطلاق تظاهرة شهر التراث    صادي يجتمع بالحكام    هذه مقاصد سورة النازعات ..    سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    تقييم أداء مصالح الاستعجالات الطبية: سايحي يعقد اجتماعا مع إطارات الإدارة المركزية    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''فاعل الحبر'' للشاعر رمزي نايلي.. الشعر ذاك المكان الأنطولوجي
نشر في الجزائر نيوز يوم 16 - 01 - 2012

على هامش الطبعة الرابعة للمهرجان الدولي للمسرح المحترف، وقّع الشاعر الجزائري الشاب، رمزي نيلي، باكورة أعماله الشعرية التي جاءت بعنوان ''فاعل الحبر''· عن منشورات فيسيرا .2011 الديوان الشعري لحظة للإمساك باللحظة الإنسانية في فلتانها الأبدي، حيث تغدو اللغة مرجعا لتدمير القناعات البالية التي يحملها الإنسان المعاصر عن الحب وعن الفن·
في قصائده الخمسة عشر طرح الشاعر العلاقة الأبدية بين الفن والسلطة في تشكلاتها المختلفة، حيث كانت المرأة ولا تزال المُحفّز الدائم للمعركة الشعرية·
الأنثى وسلطة الغياب
تظهر الأنثى في قصائد الشاعر الشاب ذاتا غائبة، لا تتجلى إلا في صورة مُخاطب خفيّ لا يعرف عنه القارئ سوى أنه فضاء لمعركة الشاعر من أجل وجوده· الأنثى الغائبة هي ضرورية، لأن وضعية الانفصال هي التي تحرر الشاعر أكثر من سلطة الصمت ليواجه اللغة، بما هي مؤسسة اجتماعية تنتمي إلى الجماعة، فيفجّر ثباتها، ويجعلها أرضا زلقة·
''فارتديني
كما ارتديتك
طول عمري···
شاقا بك جسدي
مخالفا افتراءات الأزهر
كفرا
أسير بك إلى لحدي
مفزعا نفسي والقبيلة
والإمام
فيرقونك مني·'' (فاعل الحبر· ص 24)·
الشعر جرأةٌ، وشجاعةٌ في مجابهة القوى الاجتماعية والدينية داخل المجتمع، كأن لا حياة للشعر خارج هذا الصدام الأبدي مع القانون والعُرف والتقاليد· يحكم على نفسه بأنه الغريب الأبدي الذي يعيش على تماس المجتمع، كسبيل لملامسة جوهر الوجود· لا قانون القبيلة، ولا سلطة اللاهوت، يمكن أن يمنعا الشاعر في أن يعيش لحظته الإنسانية مع الآخر الذي فيه· الأنثى هي آخره الذي يلتصق به حدّ الحلول، لذا لن تكون للحياة معنى إذا فُصلت الذات عن ذاتها·
الأنثى هي أيضا اللغة التي يكتب بها· اللغة أنثى، فياترى ما مذكّر لغة؟ فالشعر إذن، أنثوي في جوهره، طالما أنه فن لغوي· لكن الأنثى التي فيه متمرّدة على ذاتها، لذا، لا يمكن للشعر الحداثي أن يتصالح مع نفسه، فهو خروج عن المألوف، انزياح مستمر يثير شهوة الدهشة، دهشة اكتشاف نفسه أولا، ثم اكتشاف العالم الذي ينكسر على مراياه، فأي امرأة جموحة تلك التي يصعب تهذيبها ما لم تكن أنثى الشعر؟
''تلك التبسمات الخجلة تمزقا وقوليها
أنك الأنثى
لا تستحي بعد··· فحتى اللغة
لا زالت أنثى
وهذا الحرف المصهور في خاصرتها
يحرّك شهوة في التبعثر الجديد'' (ص 34)·
الشعر بوح غير الممكن
يكتب الشاعر
''لن أتكلم ليلتها
بل
سآوي
إلى قلب قلبي
وأكتب لك
ما كنت أحب
أن أقول''
الكتابة هاهنا تتخذ موقع البديل المثالي لغواية الكلام· لا شيء يقدر على زحزحة ليل الصمت مثل الكلمة المكتوبة· لماذا؟ لأنها نقش ثابت، ومقاوم للزمن المتقادم، الذي يتيح للنسيان مساحة أكبر لاستيعاب أشياء العالم· ما الشعر إذن؟ كتابة ذاتية لا علاقة لها بالعالم إلاّ باعتباره زاوية نظر، رؤية، إحساس، رغبة··· إلخ العالم الذي يعيشه الشاعر لن يكون فيزيقيا بعد أن يندغم في لغة الشعر·· لأنه سيتجرّد من بعده الواقعي، والتاريخي، ويصير احتمال وجود ليس إلاّ·
الشعر بما هو كتابة، مهرب أنطولوجي للذات الشاعرة، حيث ''الكتابة''، ''مأوى''· لكن أليس المأوى ضد الحركة، حيث الشعر كائن قلق، مضاد للثبات والسكون، فكيف به يصير مأوى الشاعر القلق؟
لقد كتب الفيلسوف الألماني ''أدورنو'' أنّ ''الإنسان الذي لم يعد له وطن، يتخذ من الكتابة وطنا يُقيم فيه''· قد نفهم من علاقة الشعر بالمأوى هذا الإحساس الذي ينتاب الشاعر بالغربة والنفي في فضائه الإجتماعي، فلا يجد إلا الكتابة منزلا للإقامة· الأوطان في آخر المطاف منازل مؤقتة للإقامة، كما يقول أدورنو دائما·
اليقين الذي يموت عند أبواب الشعر: ''لا تعشش القصيدة يا حبيبتي، إلا في روح لا تعشش في اليقين'' (ص 67)·
لا يملك الشعر يقينا ثابتا، ما يُعلمنا إياه هو أن لا حقيقة مطلقة في هذه الحياة، والشعر بما هو وعي جمالي بالوجود، لا ينتج وعيه ذاك داخل أسوار اليقين والنهائيات والمطلقات والمسلمات· من سيقول جازما أن أشعة الشمس التي تبزغ علينا كل صباح خائعة لقانون مطلق وثابت؟ لا أحد بما فيهم علماء الطبيعة· وحده الشعر القادر على الإنسجام مع الطبيعة في نسبيتها، وهي النسبية التي أراد الشاعر أن يكتب بها تجربته في الحياة· الشاعر كائن نسبي، لأنه أول من يتمرّد على شعره·
على كلّ، قصائد الشاعر ''رمزي'' مسكونة بالميتافيزيقا، مرجعيتها الوحيدة هي قلق الذات التي تعيش في عالم تنهار فيه اليقينيات واحدة بواحدة، مثل سقوط آلهة الحروب، لكننا ونحن نقرأها نشعر بمرارة واقعنا الذي لم يتغير بعد، فمازال الحب جريمة أخلاقية، ومازال الشعر فعلا مخلا بالأخلاق العامة··


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.