جامعة الجزائر 2 التي ما زالت رغم تغيير تسميتها تسمى ''شعبيا'' جامعة بوزريعة· المهمة هي البحث في تداعيات إضراب بعض طلبة قسم اللغة الإنجليزية الذي تواصل منذ بداية السنة الذين لم يتمكنوا من اجتياز عتبة الامتحانات الاستدراكية، لكن القضية بدت أعقد بكثير· جمع كبير من الطلبة متجمعون عند المدخل، ويتحدثون عن إضراب غير الإضراب المتعلق بالطلبة المعيدين· أين هم ممثلو الطلبة المضربين؟ نسأل، فيجيب طالب: لقد تفرقوا كلّ إلى سبيله، بعد أن استجيب لكل طلباتهم، غير أن عدوى الإضراب انتقلت إلى الأساتذة أنفسهم، بسبب ما يقول تضامنهم مع زميلهم رئيس القسم الذي أقيل من منصبه وكان أمر إقالته أحد أهم مطالب الطلبة المضربين، ويؤكد أن الأساتذة بالفعل شرعوا في إضرابهم والدليل هو البيان الذي أصدروه والمعلقة نسخة منه عند مدخل القسم في الطابق الأول من البناية· وكان الدخول إلى البناية حيث توجد عدة أقسام مثيرا، التيار الكهربائي منقطع منذ الصباح، ووسط ظلم الرواق نبحث عن مدخل القسم، وكان البيان معلقا بالفعل، لكنه يتكلم على لسان أساتذة قسم اللغة الفرنسية عن ''استقالة'' الرئيس لا ''إقالته'' كما يتحدث الطلبة في الخارج، وينص البيان على مسألتين أساسيتين تتعلق الأولى بعدم تطبيق القرارات المتعلقة بإنقاذ الطلبة المضربين، أما الثانية فهي خاصة بحالة الغموض المتعلقة بالذهاب إلى العطلة أثناء المدة القانونية المحددة لعطلة الشتاء، ويفصّل البيان في المطلبين، والنتيجة هي هذا الإضراب الذي انتقلت عدواه من الطلبة إلى الأساتذة، لكن أين هم الطلبة المضربون؟ وأين هم الأساتذة المضربون؟ لا أحد يوجد هناك من المعنيين· نسأل بعض الطلبة غير المعنيين بالإضراب، ويؤكد أحدهم أنهم موجودون خارج القسم، قرب مدخل الجامعة حيث يستعين بعضهم بآلات موسيقية يعبرون من خلالها على حالة احتجاجهم، لكنهم لم يكونوا هناك، وكل الطلبة الذين نسألهم غير معنيين بالأمر، ويقول بعضهم أنهم تفرقوا بعد أن تحققت كل مطالبهم وعلى رأسها إقالة رئيس القسم الذي دخل في صراع معهم اضطر رئاسة الجامعة التضحية به إنقاذا للموقف، وعندما نرى بعض الطلبة الحاملين لآلات موسيقية، يقول أحدهم مازحا أنه سائح وليس بطالب، لكن زميله يؤكد بأنه طالب بالفعل لكنه لا يأتي إلى الجامعة إلا في أوقات محددة جدا، وفي كل الحالات لم نعثر على أي طالب من المعنيين بالإضراب الأول الذي أدى إلى الإضراب الثاني· وفي لحظة يأس من ''العثور'' على بعض الطلبة الذين دخلوا في إضراب طويل، وتبين أنهم تفرقوا وقد بقوا طويلا في حالة اعتصامهم ذاك، نعود إلى قسم اللغة الإنجليزية وبالتحديد إلى مكتب رئيس القسم المعني الأول بالموضوع، لكن السكرتيرة هنا تؤكد بأنه غائب مثل كل أساتذة القسم الذين ذهبوا إلى اجتماع مع رئيس الجامعة ويبدو أن الأمر له علاقة بالبحث عن مخرج من هذه المشكلة، ولا تعلم السكرتيرة متى يعود الأساتذة المضربون إلى قسمهم· ووسط الظلام الذي سببه انقطاع التيار الكهربائي، يبدو أن انقطاع التيار بين مختلف أطراف الأزمة سيفاقمها أكثر وهي تتحول من طور إلى آخر، ومع إصرار كل طرف على مواقفه، فالأزمة مرشحة لفصول أخرى ضحيتها الأولى بعض الطلبة الذين ضيعوا شطرا مهما من سنتهم الدراسية وكل المؤشرات تنذر بتضييعهم سنة كاملة ستتحول إلى لون السواد رغم أنها تسمى في الأعراف الاجتماعية والإعلامية ''سنة بيضاء''·