في خضم النقاشات والآراء والتعاليق التي أحدثتها النتائج التي حصدتها الرياضة الجزائرية، وبالتحديد في لعبة كرة القدم، لا يحتاج المرء إلى عناء تفكير لاكتشاف مدى محدودية الرؤى لدى بعض الذين تشجعوا وأدلوا بأفكارهم واقتراحاتهم حول ما يجب أن تكون عليه رياضتنا· ولعل ما يؤخذ على الأقاويل التي تداولتها وسائل الإعلام هو تركيزها المفرط على أحوال النوادي والرياضيين الذين ينشطون في المستوى العالي، وتناست تماما راهن وأوضاع بقية النشاطات الرياضية الأخرى على منوال الفئات الصغرى، والأقسام الدنيا، وربما حتى رياضة الأحياء· وإذا كانت نزوات الساهرين على أندية كرة القدم اتجهت منذ عشريات كاملة على الاهتمام دوما بصنف الأكابر، فإن ذلك سرده أساسا على انعدام رؤية ثاقبة لما يجب أن تكون عليه أمور كرتنا خاصة ورياضتنا بصفة عامة· كما أنه غير خافٍ أن ميزانيات الأندية الكبيرة كما الصغيرة تذهب جلها تقريبا إلى صنف الأكابر، فيما تستفيد الأصناف الصغرى من بعض الفتات إن وجد· فأينما ذهبت أو حللت أو استمعت أو تابعت أن سألت أو لاحظت ستجد الوضع مشابها لدى كل الأندية، وستقف بالتأكيد على الوضعية المزرية التي تعيشها مختلف الأصناف بدءا بالمدرسة ومرورا بالناشئين والأصاغر، وانتهاء بالأواسط كحلقة أخيرة قبل انتقال اللاعب على الفريق الأول (الأكابر)· وتتجلى مظاهر الإهمال الذي تعاني منه هذه الفئات في فضاءات التدريب شبه المنعدمة، وإن وفرت لها، فلن تكون أبدا على حساب برنامج الأكابر، إذ حدث في الكثير من الأحيان أن توقفت تمرينات الفئات الصغرى في منتصف الحصة التدريبية بسبب قدوم أصناف الأكابر، وكم من حصة يتم إلغاؤها تماما بسبب تزامنها مع تواجد عناصر الفريق الأول· أما إذا انتقلنا إلى الظروف التي يمارس فيها شبان هذه الأندية نشاطهم الكروي، فسنكون أمام كارثة عظمى، حيث تفتقد هذه الفئات إلى الألبسة وعناء التدريب، كما تسند مهمة تكوينها وتلقينها فنون اللعبة إلى أشخاص لا يملكون أدنى مستوى في عالم التدريب· وفي جانب آخر من الوضع المزري حقا الذي تعاينه الأصناف الصغرى، يمكننا إدراج انعدام الاهتمام الجماهيري بالبراعم، التي تنشط داخل الأندية، حيث تلعب بعض لقاءاتها أمام مدرجات فارغة، وفي غياب مسؤولي الأندية الذين يتواجدون طيلة الموسم الكروي بجانب صنف الأكابر ولا يكلفون أنفسهم حتى معاينة بعض عناصر الفئات الصغرى، وما تزال هذه السلوكات سائدة اليوم ونحن نعيش تجربة احترافية·