هل حسبت السلطات المركزية لنتائج عدم تحريك طاقمها التنفيذي للهروع إلى المناطق المعزولة من أجل مد الجماعات المحلية بالإمكانيات وفك الغبن عن ثلاثة أرباع الجزائر؟ لا تنزل أرقام الربط بالغاز وطنيا عن 90 بالمائة، عندما يعرضها كبار الدولة في قطاع الطاقة على الرئيس، ولم تنزل الجلسات الوطنية للتنمية المحلية التي قادها الكناس تحت سقف المطالبة بلامركزية القرارات، وذاك ما كان أول معطى رُفع في التقرير لرئيس الجمهورية، ولم تنزل مطالب البرلمان عن عتبة تعزيز صلاحيات المنتخبين المحليين، بل ومدّهم بالإمكانيات من أجل أن تتحمل الجماعات المحلية مسؤوليتها الكاملة، أمام الناس· وظلّ رئيس الجمهورية وقبله المنتخبون المحليون يؤكدون أن لب التنمية ينطلق من ''الدولة المحلية'' وليس من ''الدولة الوطنية''، وساد الاعتقاد أن كل الأطراف تدرك أتم الإدراك ما هو منوط بها من مسؤوليات، لكن بالرغم من كل ذلك تؤكد معطيات على الأرض، من خلال ما واجهته الجماعات المحلية في ثلاثة أرباع الجمهورية الجزائرية، بسبب موجة البرد القارس والثلوج والأمطار، أن لا شيء من تلك الإرادات والخطابات والشعارات تجسد على الأرض، وتبيّن استغاثات رؤساء البلديات أن جسر التواصل بين السلطات المركزية قد تحطم تماما، وكأن بالطرفين مفصولون ببحار لجية· لقد وضعت الطبيعة كل ذلك المشهد تحت كانت اختبار حقيقي وضع وأمام أمر الواقع· والنتيجة كانت أن قُرأت تلك الاستغاثات التي لم تحرك لها الدولة ساكنا، بأنها استخفاف واحتقار صريح للشعب من بعض الأحزاب السياسية· لقد كان قرار الوزراء عدم التنقل للمناطق المعزولة لمواساة المتضررين ومحاولات الرد على الصحافة المكتوبة التي ظلت تنقل مشاهد مروعة عن آثار التقلبات المناخية، من خلال التلفزيون بتصوير تصريحات مهدئة، قرارا خطيرا لا يخرج عن منطق المواجهة وإهمال الواجب، في وقت تكون السفينة تغرق· وتقول الحكومة إن منطق تعاملها مع الملفات هو كمنطق العامل في صمت· بالمقابل المطلوب أن تستجيب الدولة لنداءات العشب في مثل هذه الحالات وأن تحصي عدد استجاباتها كون المسألة تتعلق في النهاية بالمحاسبة السياسية التي على أساسها تثبت في مكانها عن طريق الانتخابات أو ترحلها، إلا إذا كانت هذه السلطة لا تحسب هذا الحساب وتكون ضمنت لنفسها البقاء من طرف جهة غير الشعب· الواقع أن في وقت ارسال الشعب الجزائري استغاثات من تحت أكوام الثلوج، كانت الدولة ترد عليها برسائل هذا نصها ''الانتخاب فعل مواطنة ومسؤولية''·