يعيش سكان ولايتي الشلف وعين الدفلى ظروفا قاسية فرضتها موجة الثلوج المتراكمة وصل سمكها المترين في بعض المرتفعات رافقها البرد القارص الذي اجتاح المدن والأرياف. في هذه الوضعية غير المألوفة من الاضطرابات الجوية وجه السكان المحاصرين بالثلوج نداءات استغاثة للتكفل بهم وتزويدهم بالمؤونة والأغطية وعلب الأدوية وكذا قارورات الغاز الذي تزايد الطلب عليه في مثل هذه الحالات الصعبة. ورصدت «الشعب» بعين المكان عمليات التضامن الواسعة التي شاركت فيها بلا تردد الجماعات المحلية والسلطات الأمنية والمقاولون والمواطنون مقدمين صور حية عن التآرز الاجتماعي في احلك الظروف، وهي حالة مألوفة في الوسط الجزائري دأبنا عليها في الأيام الحالكات. نداءات استغاثة تجاوبت معها السلطات الولائية بتجنيد كل الإمكانيات بالبلديات والمديريات والمصالح الأمنية ضمن حملة تضامنية واسعة. لم يتأخر بعض المتطوعين أفراد ومقاولات في تقديم الدعم ومساعدة السكان المتضررين من التقلبات المناخية المتواجدين تحت الحصار والعزلة بسبب انقطاع الطرقات والنقص الكبير في التموين بغاز البوتان الذي جندت له مؤسسة «نور غاز» بالشطية أزيد من 200 شاحنة ليلا ونهارا رغم متاعب هذه الشركة التي مازالت بحاجة إلى دعم من طرف الدولة لتغطية خسائرها. وقفت «الشعب» في استطلاعها الميداني على مظاهر هذه الحالة الاستثنائية التي واجهها سكان الولايتين بكل من سنجاس وواد الفضة وأحياء الشلف ومناطق بالزبوجة والكريمية وجهات نائية بولاية الشلف. ورأت «الشعب» في الاستطلاع الميداني بأبعد مناطق نائية وأعلى المرتفعات في الشلف وعين الدفلى كيف هي كبيرة مشاهد التآزر والتضامن ببلديات تاشتة وعين بويحي والعبادية والروينة وعين الدفلى والعطاف والعامرة ومدى تعامل البلديات والمصالح الولائية وبعض المقاولات بالمنطقتين مع الظروف المناخية متحدين الصعاب في إيصال المعونة إلى من هم محاصرين بسبب انقطاع الممرات والطرقات. واشتكت الكثير من العائلات التي كانت معزولة بسبب ركام الثلوج والطرقات المقطوعة وتعطل التيار الكهربائي من نقص التموين بالمواد الغذائية والأغطية والأدوية. وكانت اكبر الاحتياجات التزود بمادة غاز البوتان الذي مازالت عدة عائلات تشكو من نقصه حسب تصريحات المتضررين، وظلت تتهاطل علينا نداءات استغاثتهم للحصول على قارورة غاز من أجل التدفئة وضمان تحضير الوجبات الغذائية. فتح الطرقات أولوية استعجالية لايصال المساعدات للمتضررين متاعب الوصول إلى المناطق المحاصرة كانت إحدى الخطوات الأولى خاصة بالجهات المعزولة الجبلية وذات التضاريس الصعبة كما هو الحال في مناطق غابات بيسة ولغمونت الحجر التي عرفت شللا تاما، مما استدعى تدخل كاسحات الثلوج التي اعترضتها الإنزلاقات الأرضية وسقوط الأشجار الغابية بولاية الشلف. أما ببلديات عين الدفلى فقد ظل سكان سوق الاثنين والجبابرة بتاشتة وقرى بلدية الحسانية وبطحية وبوعروس بعين بويحي معزولة أكثر بسبب تراكمات الثلوج المتهاطلة بلا انقطاع كاسية هذه الربوع حلة بيضاء ناصعة تسر الناظر. هنا تدخلت السلطات الولائية بتوجيه جهودها نحو البلديات النائية، من خلال مدها بالجرافات وكاسحات الثلوج. وكان للمقاولين الدور البارز في حل هذه المعضلة التي استسلم لها السكان أمام انعدام إمكانياتهم المادية، وهو ما وقفنا عليه بمنطقة سدي صالح ببلدية سنجاس التي تعد مدخل جبال الونشريس من الناحية الشمالية. لكن ما عرقل تقدم عملية فتح الطرقات هي صعوبة التضاريس وهشاشة التربة خاصة بكل من بلدية بومدفع وواد الشرفة وواد الجمعة ومنطقة بلعاص خاصة نواحي سدي بوزيان حسب أقوال السكان الذين انتظروا تدخل المصالح البلدية المدعومة بمساعدة الولاية التي كانت لخلية الأزمة الدور الهام في توجيه التدخلات خاصة بالنواحي التي فاق سمك ثلوجها بين النصف متر والمتر و40 سنتيم حسب أقوال السكان لنا بعين المكان. 12 بلدية بلا كهرباء و''نور غاز'' تستنفر مصالحها
بالرغم من وجود مركز لتقوية الإنتاج الكهربائي بكل من واد السلي وأم الدروع بالشلف وخميس مليانة بعين الدفلى، فإن عدة بلديات ظلت محرومة من الإنارة كما الحال ببلديات بني راشد والصبحة والزبوجة وعين مران وتوقريت والمناطق الجبلية بالناحية الجنوبية والشمالية لولاية عين الدفلى. الأمر جعل مصالح سونلغاز تستنفر إمكانياتها ووسائلها للوصول إلى هذه المناطق بعدما تم فتح الطرقات. كما تمكنت ذات المصالح من تصليح الأعمدة التي تعرضت للسقوط خاصة بمناطق عين الدفلى حسب مصادر من مديرية سونلغاز بعين الدفلى ل«الشعب». أما بولاية الشلف فقد كانت التدخلات قليلة فيما يتعلق بالإنقطاعات الكهربائية. الأزمة التي واجهت أغلب سكان القرى بولايتي الشلف وعين الدفلى رمت بثقلها على صاحب مؤسسة «نور غاز» السيد زايري بن شرقي بالشطية الذي يمون 5 ولايات مجاورة. وتتمثل في تسمسيلت وغيليزان وتيارت وعين الدفلى والشلف بالإضافة إلى مستغانم التي توقفت محطتها حسب محدثنا الذي كشف عن برنامج استعجالي لتعبئة القارورات التي فاقت 12 ألف وتسخير 200 شاحنة. «الشعب» زارت المؤسسة وأطلعت على سير نشاطها في ساعة متأخرة من الليل حيث أكد لنا مسؤولها ان الوحدة تستقبل 8 شاحنات عملاقة من مدينة آرزيو بوهران لتموين السكان بالغرب الجزائري بقارورات الغاز ذات الطلب غير المسبوق في هذه الآونة. علمنا أن ذات المؤسسة تنسق مع المصالح الأمنية والدرك الوطني لإيصال هذه المادة للمناطق المنعزلة بضواحي بني حواء وتيبازة، بني بوعتاب والمرسى وتبركانين وبطحية والحسانية والعبادية والعطاف وتاشتة والكريمية وغيرها من المناطق التي شهدت ندرة حادة في هذه المادة. الأمر جعل ذات المؤسسة رغم الصعوبات التي تواجهها والتي تحتاج إلى دعم من طرف الدولة لضمان عملها والحد من الخسائر التي تعرقل نشاطها، تزيد من حجم عمل فرقها التي تضم 160عامل بدون راحة. ألتزمت المؤسسة بهذا أمام مصالح سوناطراك ونفطال في الشهر المنصرم. كما طالب صاحب المعمل الاستثماري الجهات المعنية بدعم هذا المشروع الحيوي يوفر تغطية للمداشر بالولايات المذكورة. يقول السيد زايري بن شرقي في تصريح ل«الشعب» ان كل التدابير اتخذت لتوفير هذه المادة باستغلال 63 ألف قارورة للمناطق المذكورة إذ لقي الدعم الكافي ومعاينة السلطات المركزية لمؤسسته يشير محدثنا. ومن جانب آخر تعمل بعض البلديات بالإشراف المباشر على عملية التوزيع لهذه المادة كما هو الحال ببلدية بن علال بعين الدفلى الواقعة بمرتفعات جبال زكار بأعالي مليانة بعين الدفلى، حيث تمكن رئيس بلديتها من توزيع 6 شاحنات على مداشر المرجة وبوحدود في انتظار الأحياء الواقعة بمركز البلدية يقول رئيس المجلس السيد ملوكة. في حين أن منطقة سوق الاثنين بتاشتة المحاذية لمناطق تيبازة مازالت تعاني من أزمة غاز البوتان، شأنها شأن منطقة بوعروس بعين بويحي ومنطقة بني جرثن. تدخلات لاسعاف المعوزين والمشردين
الأضرار التي مست العائلات المعوزة والمتشردين حركت المصالح الصحية وعناصر الحماية المدنية وقيادة الأمن الولائي ومصالح الدرك من القيام بعمليات تضامنية لتوزيع الوجبات الساخنة والأغطية والبطانيات وجمع الأشخاص بدون مأوى وتوجيههم إلى دور العجزة وبعض منهم إلى مستشفى البليدة. كشفت المصالح الولائية لنا على استمرار هذه العمليات إلى غاية زوال هذه الموجة من الثلوج والبرودة التي تجتاح الولايتين، هذا وقد لقيت هذه المبادرات ارتياح السكان. على صعيد آخر سجلت «الشعب» بعين المكان مدى ارتفاع منسوب السدود بهذه المنطقة بسبب كميات الثلوج الكبيرة. وحسب المعطيات التي تلقيناها من مسؤولي الموارد المائية هنا فقد عرفت نسبة المياه المخزنة بسدود الولايتين ارتفاعا معتبرا. فقد وصل منسوب سد سدي يعقوب 166 مليون متر مكعب وسد واد الفضة 26 مليون متر مكعب، كما شهدت سدود عين الدفلى كسد سدي أمحمد بن طيبة وأولاد ملوك بالروينة وسد غريب بواد الشرفة. نفس الوضع تعرفه سدود المستقبل ببومدفع، وحرازة بجليدة ودردر زيادات كبيرة في منسوبها وهو ما يبشر بموسم فلاحي ناجح وتوفير مياه الشرب للمناطق التي تتمون من مياه السدود.