كشفت أزمة الثلوج التي تعصف بالكثير من مناطق البلاد، عن غياب استراتيجية وطنية مدروسة، لمواجهة الكوارث الطبيعية، وجاء تلكؤ الحكومة وعجزها عن الاستجابة لانشغالات المواطنين وتخلّفها عن مواكبة الأحداث، ليؤكد هذه الحقيقة المؤسفة. ورغم أن موجة الثلوج التي ضربت البلاد منذ أزيد من أسبوع، لا يمكن أن ترقى إلى مستوى الكارثة، على غرار فيضانات باب الوادي بالعاصمة في نوفمبر 2001، أو زلزال بومرداس في ماي 2003، إلا أن حجم تدخل الحكومة كان محتشما وبطيئا، بدليل استمرار انقطاع المئات من الطرقات والمسالك بسبب الثلوج، رغم التحسن النسبي للأحوال الجوية. فمنذ نهاية الأسبوع المنصرم وعشرات الألوف من الجزائريين، في جبال ميلة وجيجل وتيزي وزو وسكيكدة وقسنطينة وتيزي وزو والبويرة وغيرها.. معزولون عن العالم، ويعانون البرد والجوع والمرض، ويرزحون تحت أطنان الثلوج المتراكمة على بيوتهم وعلى المسالك والطرقات التي تفك عزلتهم، ولولا الهبّة الشعبية التضامنية التي انطلقت من قرى ومداشر هذه المناطق رغم إمكانياتهم المحدودة بجمع الأغذية والأغطية وتوزيعها على مستحقيها، لكانت الكارثة أخطر والأزمة أشد. والغريب في الأمر أنه وعلى الرغم من مرور عشرة أيام كاملة بلياليها، إلا أن هناك مناطق لم يتم اكتشافها بعد، لأن الثلوج أزالت الكثير من المعالم، كما لم يتم التأكد من أن قاطني هذه المناطق لايزالون على قيد الحياة، مادامت الطرق مقطوعة، وسمك الثلوج بلغ مستويات فاقت التصور. فشل الحكومة في إدارة أزمة الثلوج، لم يتوقف عند عجزها عن إزالة الثلوج عن الطرق لتسهيل نقل حاجيات المواطنين المتضررين، بل امتد حتى إلى الفشل في إصلاح الأعطاب التي أصابت شبكة الربط الكهربائي، وضمان التزود بغاز البوتان وحتى غاز المدينة، رغم أهمية هذين العنصرين في التقليل من معاناة المواطنين من البرد القارس، الذي طال أمده. العشوائية وضبابية الرؤيا، هما أبلغ توصيف يمكن أن يطلق على الطريقة التي تتعاطى بها الحكومة مع المواطنين المتضررين من أزمة الثلوج، فتوزيع المواد الغذائية والأغطية وغاز البوتان، وما إلى ذلك من المساعدات التي حشدتها السلطات المحلية في الولايات لمواجهة الوضع المتأزم، يتم بطريقة فوضوية، ما فتح الباب أمام المتلاعبين، كي يحولوا هذه المساعدات عن وجهتها الحقيقية، ليحصل معها ما تعود الجزائريون على مشاهدته كل سنة، مع قفة رمضان ومطاعم الرحمة. إن مسؤولية الحكومة فيما يعيشه الجزائريون من معاناة، لا يبررها ما يمكن أن يقدم من أعذار، لأن النشرية الخاصة التي قدمتها مصالح الأرصاد الجوي، كانت قد أنذرت الجميع بقدوم أزمة ثلجية، ورغم ذلك لم تبادر الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية التي يمكن أن تجنب الجزائريين ما يعيشونه اليوم من معاناة.