لم تخلُ مسرحية ''القايدة حليمة'' للمخرج جمال قرمي، من الإسقاطات الحياتية، والنقد المبطن للأوضاع السياسية، الاجتماعية والثقافية، ورغم الجرأة اللفظية ''المقحمة'' في بعض من مفاصل الحوار، إلا أن العرض كان خاليا من الإبهار، ولم يخرج من دائرة الإشارات السطحية التي تنتفي معها قيمة الرسالة، فطيلة مدة المسرحية المقدرة بحوالي ساعة ونصف، انخرط الممثلون في مبالغات على مستوى الأداء، وصلت في كثير من الأحيان إلى التهريج المجاني. ''ثقافة الخزنة''، ''ثقافة الدربوكة''، ''ثقافة الزرنة''... إيحاءات مررها المخرج قرمي، على ألسنة أبطال المسرحية التي تحكي قصة خطبة شاب من الطبقة الأرستقراطية لفتاة من الطبقة الفقيرة، القصة كلاسيكية نوعا ما (إذا لم نقل إنها مستهلكة)، حاول قرمي، أن يعطيها بعدا سياسيا ممثلا في القايدة حليمة الجدة الديكتاتورية، صاحبة الأمر والنهي في العائلة الغنية (مثل الدور دلال كسيلي التي تظهر أصغر سنا بكثير من حكيم قمرود الذي أدى دور ابنها). الجدة تحكم العائلة بيد من حديد، الجدة صاحبة القرار وبيدها قرار تزويج الحفيد ''البهلول''، الجدة ترى في فكرة اختلاط دماء العائلتين فكرة مرفوضة، الجدة لا تريد أن تقدم وزن الفتاة ذهبا كمهر فقط لأنها فقيرة، وبعبارة أكثر طبقية ''لا تستحق هذا المهر''. أين الفتاة؟ الفتاة حبسها والداها في خزنة، لماذا؟ من جهة حتى لا تضيع الصفقة نتيجة أي ظرف طارئ، ومن جهة أخرى حتى يقتصر نشاطها اليومي على الأكل والنوم، محققة غاية زيادة الوزن التي تقابلها زيادة المهر. هل تخرج الفتاة وقت زيارة الخاطبين؟ لا، لماذا؟ لأن كود فتح الخزنة ضاع، ولا من معين سوى ''طير الليل'' اللص التائب الذي تحول إلى ''شيخ طالب''، ويبدو أنه لم يتخل عن حرفة تكسير الأقفال، تماما كعدم ظهور ملامح التغيير على مستوى الشكل المفترض لطالب. حيل الطالب تفشل، الفتاة ''الكنز'' تبقى محبوسة داخل الخزنة. بعد شد وجذب، وسعي وراء الحيل يشارك فيه الجميع، تفتح الخزنة في النهاية، يظهر ''الطالب'' طير الليل سابقا بداخلها، الخزنة يسكنها اللصوص، حاميها حراميها. كتب نص المسرحية ''نور الدين بران''، السينوغرافيا كانت لمراد بوشهير، فيما تقاسم الأدوار دلال كسيلي، ياسمين عبد المؤمن، حمدان بوماد، حكيم قمرود، مريم زبيري، عبد القادر سيلماني، الياس بولعراف، والعازفين منير رايس وعبد الحكيم قدور. من انتاج التعاونية الثقافية للمسرح بور سعيد بدعم من صندوق تطوير الآداب والفنون.