في كل عواصم العالم تكون نسبة المشاركة الانتخابية ضعيفة، وإذا كانت لكل عاصمة خصوصياتها السياسية فإن الطبقة السياسية في الجزائر قدمت بمناسبة تشريعيات 10 ماي وجوها غير معهودة لتفجير ثورة الصناديق في العاصمة، فهل ستتمكن أسماء جديدة من قلب معادلة ''العاصمة لا تنتخب؟''· ''القرابين'' الانتخابية التي قدمتها الطبقة السياسية للعاصمة من أجل رفع نسبة مشاركتها الانتخابية التي كانت دوما في الحضيض، أمام رهان تاريخي، إذ لا يوجد غير وزير واحد على رأس قوائم التشريعيات لكافة الأحزاب السياسية، وحتى بالنسبة للتيار التكنوقراطي الممثل في الحكومة غيّب مرشحيه ضمن ثاني أهم مناسبة انتخابية في تاريخ التعددية السياسية بالجزائر. الحكومة أخرجت للعاصميين من خلال ''حركة مجتمع السلم'' أهم منجزاتها في تاريخ الأشغال العمومية، حيث يدرك الجهاز التنفيذي مدى ارتياح العاصميين بنسبة معدل عالي من اختناق الطرقات بسبب الحركة المرورية، من خلال إعادة رسم خارطة شبكة الطرقات بها، وستكون حركة مجتمع السلم ضمن تكتل الجزائر الخضراء أكبر المستفيدين من تكتيك ترشيح غول ومحاولة رفع نسبة المشاركة في العاصمة. أما الجديد الآخر في التشريعيات القادمة هو أن الآفلان اختار رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الدكتور محمد العربي ولد خليفة على رأس قائمة العاصمة ، كما أن جبهة التحرير الوطني تدخل لأول مرة العاصمة وهي تلبس ثوب الكفاءة العلمية دون توزير· فإذا كان المعروف عن عبد العزيز زياري أنه طبيب ووزير في آن واحد، فإن صلاح الدين بورزاق الذي تلى ولد خليفة في القائمة، طبيب فقط يعمل بإحدى العيادات الكبرى في العاصمة، وهي رسالة من الحزب العتيد على تغيير الذهنية الترشيحية. المفاجأة الأخرى للعاصميين من طرف الطبقة السياسية تأتي من جانب حزب العدالة والتنمية لزعيمه جاب الله الذي رشح زوجته في المرتبة الثانية بالعاصمة بعد عمار خبابة محامي الجبهة، في وقت كان يُعتقد أن يكون هو على رأسها، إلا أن جاب الله كان ينتظر -حسب مصادر مؤكدة- الأثقال من الشخصيات التي تقدمها الأحزاب ليكون ندا قويا لها. وأخرجت جبهة القوى الاشتراكية للعاصميين رجلا عرفوه بقوة في المسيرات السبتية عقب أحداث العنف التي عرفتها الجزائر بداية العام الماضي، وكان ضمن تنظيم جماهيري يجمع العديد من التنظيمات والتكتلات الجمعوية والحزبية، لكنه سرعان ما اختفى من الساحة ليظهر مصطفى بوشاشي باسم الأفافاس، وهو مستقيل من رئاسة الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بينما حافظ حزب العمال على تقليد تقديم لويزة حنون كأبرز المرشحات الإناث في العاصمة· وتجسد التغيير أيضا عن طريق الجديد الكمي الذي طرحته أبرز التشكيلات في العاصمة، إذ قدم الفجر الجديد، رئيسه الطاهر بن بعيبش متصدرا للقائمة، وقدمت جبهة الجزائرالجديدة رئيسها جمال بن عبد السلام الذي ظل تحت عباءة الإصلاح الوطني في وقت سابق، بينما دخل عمارة بن يونس بامرأة على رأس القائمة في العاصمة دون أن يترشح هو، واسمها كريمة بوراوي، كوجه شباني ونسائي جديد.