لست أدري لماذا أصبح ''الشونطاج'' هو اللغة الوحيدة التي يتقنها البعض، هذا ''الشونطاج'' الذي يستعملونه كورقة للضغط في وقت الحاجة من أجل تحقيق مصالح ضيقة لا غير؟ نهق حماري معلقا على هذا الكلام، هل تقصد ''شونطاج'' أبو جرة سلطاني الذي يصرح دائما بأنه يملك ملفات فساد يخرجها في وقتها للرد على خصومه مستعملا مصلحة الشعب للتلاعب بها من أجل مصلحته؟ أم تقصد السلطة التي تقوم في كثير من الأحيان بإغماض عينها عن الفساد الصارخ وتفتحها فقط حينما يتعلق الأمر بمصالحها· قلت ساخرا·· تقصد التحقيقات التي تقوم بها للبحث عن بصمات ''الشكارة'' في شراء وبيع القوائم الانتخابية؟ قال·· هل يمكنك أن تعتقد ولو لبرهة أن السلطة لم تكن على علم بما يحدث من بزنسة وطراباندو سياسي في مسألة بيع القوائم أو أشياء أخرى خارجة عن القانون؟ الأكيد أنها تعرف ولكن لم تحرك ساكنا حتى استفحل الأمر وأصبح لا يطاق، والأكيد أن هذا التحرك ليس سوى لخدمة مصلحة ما تهدد وجودها· قلت مازحا·· والشيخ أبو جرة هل تعتقد فعلا أنه يملك ملفات فساد ويلعب لعبة القط والفأر والسلطة صامتة عنه ولا تحقق فيما يقول؟ نهق نهيقا مخيفا وبه من اليأس ما يكفي وقال·· أبو جرة والسلطة وجهان لعملة واحدة، وما هو سوى بوق في يدها يتكلم بإيعاز منها ويسكت بإيعاز أيضا وملفاته التي يهدد بها منذ زمن أصبحت مثل قطعة خردة في سوق الدلالة السياسي الذي يساوم ويفاصل ويغش ويكذب دون مراعاة أي أخلاق أو مبادئ· قلت·· هذا هو المستوى عندنا، مجرد أبواق منفوخة لا أكثر؟ قال ضاحكا·· هل تظن أن السلطة، أي سلطة وفي أي دولة بإمكانها أن تتنازل بالسهولة التي تفكر بها؟ ثم كلما تراه من فساد ورشوة وبيع الذمم وغيره من المفسدات هو المكونات الحقيقية التي تشكل قوة السلطة الفعلية التي تحبذ أن ترتكز على أمثال أبو جرة عوض أن تسلم رقابها للنزهاء الذين يرفضون الاعوجاج· قلت·· ترى السلطة ستفصح لنا عن الأحزاب التي باعت واشترت في القوائم، أم أن الفكرة سيسودها الغموض مثل كل الأشياء التي بقيت غامضة ومبهمة في هذا البلد؟ نهق عاليا وهو يردد، لك الله يا وطني، لك الله يا وطني··