في 19 جوان ,1956 تم إعدام أحمد زبانة، من طرف الإدارة الكولونيالية، وكان هذا الإعدام علامة فارقة للحظة تراجيدية مزدوجة، تمثلت من جهة في التوجه الراديكالي للكولونيالية من أجل تصفية جذرية ليقظة الجزائريات والجزائريين الذين اختاروا السبيل المسلح للتخلص من العبودية الكولونيالية وفي الوقت ذاته خلق إنسان جديد، يحمل مشروعا مناقضا للمشروع الكولونيالي الذي كان يبدو في سرمديته وأبديته المتمثلة في أكثر من قرن من الإحتلال كما القدر المتجذر في روح الإنسان المستعمر ومن جهة ثانية تمثلت في ذلك الإصرار الشعبي الفردي والجماعي لتجاوز الزمن الإستعماري ليتحقق على نقيضة الزمن الإستغلالي، زمن جديد يقوم على الفعل التدشيني لمعنى الحرية واستعادة الكرامة··· وظل أحمد زبانة بمثابة الشهادة الخالدة على باربارية الإستعمار، تحول أحمد زبانة إلى أسطورة تجذرت في أعماق الذاكرة الجماعية لما مثله من تضحية وشجاعة ولكن أيضا لما مثله من فضح للبنى الأخلاقية المهزوزة للنظام الكولونيالي··· فزبانة الذي لم يسلم الروح في المحاولة الأولى للإعدام، بدل أن يبقى على قيد الحياة، قام جلادوه بإعادة عملية الإعدام·· تحول زبانة الأسطورة إلى لحظة مضيئة داخل الذاكرة الوطنية والشعبية الجزائرية، وفي الوقت ذاته تحول زبانة إلى دلالة على الوعي الشقي للمحتل وللنظام الكولونيالي، وربما استمرار هذا الوعي الشقي هو ما دفع إدارة مهرجان ''كان'' لرفض الفيلم، لأن يكون في المهرجان··· كتب سيناريو الفيلم الشاعر عز الدين ميهوبي وقام بإخراجه الناقد والمخرج السينمائي سعيد ولد خليفة، وكان سيشكل لحظة مهمة في مهرجان ''كان'' على ضوء مرور خمسين سنة على استقلال الجزائر في فتح نقاش حول الذاكرة المشتركة بين الجزائر وفرنسا من خلال لحظتين، الأولى تتعلق بماضي الإستعمار والثانية بما حدث فعلا أثناء حرب التحرير الوطنية، وهذا التجنب والرفض لأن يتحول النقاش إلى حوار دون طابوهات عن الظلال الغامضة، لذاكرة الحرب يؤكد على أشياء ثلاثة رئيسية، الشيء الأول، أن حرب التحرير لا زالت تشكل عقدة للضمير الفرنسي، والشيء الثاني أن الحرية في تناول الذاكرة المشتركة بين الجزائر وفرنسا لازالت بعيدة على التحقق، أما الشيء الثالث أن التاريخي لا يزال تحت سيطرة السياسي الذي يعمل على توظيفه انطلاقا من المصالحة التي تمليها موازين القوة الراهنة·