قال حماري باستياء·· لست أدري هل يشعر الشعب من أمثالي بحالة الفراغ السياسي التي يعيشها البلد، أم أن هموم الناس ومشاغلهم اليومية جعلتهم لا يهتمون بما يحدث في كواليس السلطة وهذا ما يتركها تفعل ما تشاء بنا؟ قلت له باستغراب·· أعرف أنك تلمح على الحكومة ''المعوجة'' وعلى البرلمان الذي يضم نوابا ربما لن يكونوا في المستوى المطلوب، ولكن لست أدري لماذا جاء هذا الإحساس الآن؟ وأنت الذي عشت وستعيش بنفس الفراغ والخالوطة السياسية حتى تموت· نهق نهيقا فيه من الخبث وقال ·· خطابات الرئيس كلها كانت تؤكد بأن الحال سيتغير والإصلاح سيلعب دوره ولكن يبدوا أن كل ما قيل سينفذ بنفس الوجوه على شاكلة بن بوزيد وولد عباس وغيرهم من ديناصورات الحكومة· قلت له ضاحكا·· لا تفزعني وتقول أنك تريد نصيبك في القسمة السياسية القادمة؟ ضرب الأرض بحافريه وقال ساخرا·· لو طلبت حقي يقولون أنت حمار، لا تصلح سوى للأمور الخاصة بالحمير، السياسة ''واعرة عليك''· قلت·· وهذه هي الحقيقة يا حماري·· لا يجب أن تتطلع لما هو بعيد عنك، فمثلا نحن الشعب ندرك أننا يمكن أن نخترق أي ميدان سوى السياسة، لأنه وحسبهم عقولنا صغيرة لا تصلح لتسيير شؤون الدولة بقدر ما تصلح للتفاهات· قال بغضب·· المصيبة أن عقولهم الكبيرة أيضا لم تضع بعد ملامح الخريطة السياسية القادمة، واكتفوا ببرلمان يطعن فيه الصغير والكبير وقالوا نجحنا· قلت·· السلطة يا حماري تحب مقولة ''كل عطلة فيها خير'' وتقوم بشؤونها حبة حبة حتى لا تخطأ ولا تحب الأمور المستعجلة· قال ناهقا·· أنا معك أنها سلطة جبارة، يكفي أنها تدير شؤون السياسة كخاتم في أصبعها، تفعل ما تريد وما تراه صالحا في عينها ولا يهمها ما يقوله الجميع· قلت·· هل ترى أن هذا أمر مستحب في تسيير أمور الدولة؟ نهق حماري نهيقا مستفزا وطويلا وقال·· السلطة يا صديقي لا تهتم بالقيل والقال ولا بشطحات من يتهمها بالإخلال·· كل همها أن تطبق وفقط وليذهب الجميع إلى الجحيم· قلت ضاحكا·· ليس هناك جحيما أكثر من جحيم السلطة·· الله يهنيهم ويزيدهم·