لا أدري لماذا تبادر إلى ذهني هذا السؤال ولكن فعلا يحتاج إلى إجابة عميقة تبين لنا أين موقع دولتنا من الإعراب؟ نهق حماري نهيقا مستفزا وقال·· احسبها بعقلك ولن تجد عناء في ذلك، حكومة عرجاء بوزراء يصلحون لكل شيء سوى للتسيير والإستوزار، نواب يتداولون على البرلمان منذ سنوات وتلخصت مهامهم في رفع الأيادي والموافقة على كل شيء ولا شيء، مؤسسات سياسية تفعل ما تشاء سوى ممارسة السياسة الفعلية، أحزاب كبيرة وسنفورية همها الوحيد هو إذكاء الصراع بداخلها وإشعال النيران وتصفية الحسابات فيما بينها ولا هم للمناضلين سوى الربح السريع على طريقة البزنسة السياسية· قلت ساخرا·· سوّدت الدنيا في وجهنا أيها الحمار· قال ·· السواد هو الأصل ولست أفتري على أحد حينما أقول لك أن كل ما نملك هش، من السلطة وصولا إلى الشعب ولا أحد يبذل مجهودا حتى يخرج من صفة ''الكرطونية'' التي أصبحت هي السمة المميزة لنا· قلت مندهشا·· تحاملك وصل إلى الشعب أيضا؟ قال ناهقا·· وهل يمكنك أن تستثني الشعب مما يحصل في أيدي دولة؟ كل ما تريد الدولة فعله لا يكون إلا بالشعب وعن طريقه·· لا يمكنها أن تستورد ''غاشي'' آخر حتى تفعل ما تريد؟ قلت·· تقصد مثلا أن أبناء الشعب هم من وصلوا إلى البرلمان وهم الذين تقاعسوا على تأدية واجبهم اتجاه من اختاروهم لتمثيلهم، وأن الوزراء أيضا من الشعب ومع ذلك يديرون ظهرهم لكل ما يخص الشعب· قال ناهقا·· نعم الأمر كذلك، ولكن لا تفكر بأن السلطة لم تضع يدها في الأمر؟ قلت·· كيف يا حماري؟ قال بحزن·· يختارون من يستطيعون برمجتهم وتسييرهم كما يريدون، وأنت تعرف عندما يجد شخصا نفسه في منصب سياسي مع غياب تام لمصطلح اسمه ''مؤسسة'' يصبح يشطح وينطح كما يريد لذلك إذا أردنا فعلا إسقاط ''الدولة الكرطونية'' يجب أن نؤسس لفكر مؤسساتي لا يزول بزوال فلان أو علتان· قلت بأسف·· لا أظن أننا نقدر على ذلك بهذه الوجوه التي تتصدر المشهد السياسي·