كثيرا ما قذفت الأحزاب السياسية بعضها البعض وما تزال تتراشق حول موضوع من رمى بنفسه في أحضان السلطة ومن رفض هذا الحضن وتمرد عليها وقرر النضال السياسي بعيدا عنها وبعدا عن توجيهاتها وممارساتها· نهق حماري نهيقا شديدا وقال·· اعطني حزبا واحدا يتجرأ ويقول إنه يعيش بعيدا عن السلطة ويمكن أن يأخذ قراراته دون مهماز؟ قلت ساخرا·· الشعب هو الوحيد الذي لم تضمه السلطة إليها ولم تحاول يوما استمالته، لأنها تدرك أن لا ناقة له ولا جمل، ولن يفيدها إلا في بعض المواعيد الانتخابية التي تخيطها على مقاسها وعلى مقاس كل من يدور في فلكها· نهق نهيقا مُرا وقال·· كل الأحزاب الكبيرة والحزيبيات الصغيرة التي تراها تشطح في الحياة السياسية تقتات مثل الطفيليات من فلك السلطة ولا يمكنها أن تعيش بعيدة عنها حتى لو طلقها النظام بالثلاث· قلت ضاحكا·· يعني كل ما تتزايد به لويزة وجاب الله مجرد كلام للاستهلاك السياسي أو ربما حتى متفق عليه من قبل· قاطعني ناهقا·· وحتى ''الطريحة'' التي أعطتها السلطة لأبوجرة سلطاني في الانتخابات تؤكد التواطؤ المعلن بين كل الفواعل السياسية بين حاكم ومحكوم· قلت·· وهل في السلطة حاكم ومحكوم يا حماري؟ قال ساخرا·· الحكم كله في يد السلطة والنظام سواء كانت في السياسة أو حتى في أبسط الشؤون الأخرى وتأكد ألا أحد يمكنه أن يشطح أو ينطح خارج ما ترضاه السلطة وما تهواه· قلت·· لماذا إذن كلفت نفسها عناء تفريخ مثل هذه التشكيلات السياسية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لماذا لم تصنع أحزابا قوية حتى تفعل بها ما تشاء بقوة؟ ضرب الأرض بحافريه وقهقه عاليا وقال·· وهل تظن أن النظام غبيا أو مغفلا حتى يصنع من هم أقوى منه؟ لا طبعا·· لا يمكن ذلك·· الأحزاب المتناحرة الآن تتناحر بمهماز فوقي وكل التفاصيل الدقيقة التي تحدث فيها أيضا كذلك، لذلك عليهم بالصمت لأنهم يصبّون جميعهم ورغم اختلافاتهم في بحر السلطة الواسع جدا والعميق أيضا· قلت·· السياسة ''واعرة'' ولا يفهمها سوى حمار مثلك·