في كل موسم تنظم حملات لتنظيف شواطئنا، هل تعتقد بأنها كافية لتفادي الأوساخ التي تعرفها طيلة السنة؟ أنا أرى بأن مثل هذه الحملات المناسباتية غير كافية في غياب سياسة وقائية دائمة طيلة السنة، بالإضافة كذلك إلى غياب تربية أخلاقية لدى المواطن الذي قصد الشاطىء من أجل الترفيه عن النفس وقضاء أوقات مريحة، لكن سلوكاته غير الأخلاقية أثّرت بشكل مباشر على محيط البحر بصفة عامة· ويتجلى لنا ذلك من خلال مختلف النفايات والفضلات التي يتركها المصطاف كل يوم وراءه عندما يغادر البحر، في الوقت الذي كان بإمكانه إزالتها من خلال تحليه بأسلوب حضاري· كما تتحمل السلطات المحلية على مستوى كل بلدية المسؤولية في تلوث شواطئنا والمحيط العام للبحر، لأن فترة الاصطياف لا تكفي للمحافظة على شواطئنا لأن المنطق يقول أن السبيل الوحيد لضمان نقاوتها يمر حتما عبر التكفل بها على مدار السنة· لكن الأمر لا يتعلق فقط بالفضاءات المخصصة للإصطياف، بل إن الإشكال المطروح اليوم يتعلق بالأوساخ الموجودة في أعماق البحار؟ هذا هو بيت القصيد، فالمتمعن اليوم في الحالة المزرية التي تتواجد عليها موانئنا نتيجة الأوساخ والنفايات اليومية التي تلقى في البحر يستطيع دون عناء الوقوف على التلوث الكبير الذي تعرفه مياه البحر، فلو أخذنا مثلا ميناء الجميلة بعين بنيان الذي تم تجهيزه منذ سنوات قليلة لوجدناه اليوم في وضعية كارثية والسبب يعود أساسا إلى تصرفات الصيادين الذين يرمون يوميا أطنانا من النفايات والأوساخ في البحر، مما جعل المياه ملوثة إلى درجة لا تطاق· وفي هذا الصدد أشير إلى أن المسؤولية يتحملها الجميع من سلطات بلدية وصيادين ومواطنين، لأننا بصراحة نعاني نقصا كبيرا في ثقافة المحافظة على نقاوة مياه البحر عندنا، عكس ما يوجد في بعض البلدان الأوروبية التي تسهر طيلة السنة على ضمان شواطىء وموانىء نظيفة· ما من شك أن وضعية شواطئنا تسببت في بعض الأمراض مثل الكوليرا؟ هذا اعتبره تحصيل حاصل، إذ أن وجود الأوساخ والنفايات الضارة يؤدي حتما إلى بروز أمراض مختلفة مثل الملاريا، الكوليرا، أمراض العيون والجلد، وفي هذا الإطار فإن هناك مليون طفل في العالم يموتون نتيجة تلوث المياه· وفي سياق آخر، أرى بأن الدولة لا تقوم بدورها كما يجب خاصة ما تعلق بالعقوبات التي من المفروض أن تفرضها على كل من يقصر في حماية شواطئنا وموانئنا لتصبح اليوم ملوثة وفي حالة مزرية للغاية·