لم يكن للقرارات التي اتخذتها وزارة التجارة، وحذرت فيها التجار الموسميين من مغبة تغيير النشاط خلال شهر الصيام، أي وقع على تنظيم الممارسات التجارية، حيث أن العشرات من أصحاب المحلات بقسنطينة شرعوا في تغيير واجهات محلاتهم، بما يتماشى والديكور الملائم لعرض ما تتطلبه قفة رمضان، ضاربين عرض الحائط تحذيرات الجهات المختصة التي قد تكلف المتعدي عليها تشميع محله وإحالة ملفه إلى العدالة. ''تغيير النشاط لفترة معينة لا عيب فيه، المهم هو التقيد بشروط الممارسة التجارية الصحية''، ''نعلم جيدا أن هذا مخالف للقانون لكن بعض أنواع التجارة تعرف ركودا خلال شهر الصيام ويجب التأقلم مع الوضع''، ''قرارات مديريات التجارة مجرد حبر على ورق ولا تخيف التجار''... هذه عينة من تصريحات بعض التجار ممن التقتهم ''الجزائر نيوز''، صباح أمس، وطرحت عليهم قضية تغيير النشاط خلال شهر رمضان، حيث وصف البعض الأمر بالعادي، لأن اهتمام المواطنين خلال هذه الفترة ينصب على نوع معين من المنتجات، ولتلبية الطلب المتزايد لا يكفي محل أو إثنين، وبالتالي تغيير النشاط، وكما يعود على التاجر بالفائدة، المواطن أيضا يستفيد من ذلك. سفيان، صاحب مكتبة لبيع مستلزمات الأدوات المدرسية بحي الدقسي العلوي، قال ''نشاطي خلال فصل الصيف يعرف ركودا تاما، وكي لا أبقى دون عمل منذ سنتين أصبحت أغير نشاطي خلال شهر رمضان، إلى بيع الحلويات التقليدية، خاصة وأن محلي يقع في منطقة لا يوجد بها تاجر آخر يمارس هذا النشاط، وبالتالي أنا لا أضر أي طرف''، وهو نفس ما ذهب إليه صاحب محل يقع بسوق الدقسي العلوي، حيث اقتربنا منه بينما كان بصدد تحضير المعدات لوضع مقلات كبيرة خاصة بصنع الزلابية، وقد قال ''مهنتي هي كراء فساتين العرائس، وبحلول شهر رمضان هذا النشاط يعرف ركودا تاما، ولأني بحاجة للعمل أضطر لتغيير نشاطي بما يتلاءم مع هذه الفترة، وأنا لا أرى حرجا في ذلك، المهم أن ما أبيعه للمواطنين صحي ويستوفي الشروط المطلوبة''. الإجراءات تخيف ولا تردع لم يخف من تحدثنا إليهم تخوفهم من الإجراءات الردعية المختصة بتغيير النشاط، التي تصل إلى حد تشميع المحل والمتابعة القضائية. وفي هذا السياق، قال سمير صاحب محل لبيع الخضر والفواكه ''هناك من التجار ممن لا يعيرون مثل هذه القرارات أي اهتمام، لأنها عادة ما تبقى حبرا على ورق، ولا تطبق على أرض الواقع، لكن الكثيرون قرروا مواصلة ممارسة نشاطهم كما هو خوفا من العقوبات التي قد تطالهم''، أما يزيد صاحب محل لبيع العطورو فكان شبه متأكد من عدم تطبيق هذا القانون، يقول يزيد ''في كل مرة ومع اقتراب شهر رمضان، نقرأ في الجرائد عن قرارات ردعية ستتخذها مديريات التجارة في حق من يغيّر نشاطه، لكن لحد الآن لم أقف على حالة واحدة بالسوق الذي أعمل به، تم خلالها معاقبة من غيروا نشاطهم، الأمر الذي ساهم في تفشي الظاهرة''. من جهتهم، اعتبر التجار النظاميون المتخصصون في صناعة الحلويات التقليدية أن تغيير البعض لنشاطهم هو تجاوز للقانون، ويضر بمصالحهم وتجارتهم التي تنتعش خلال شهر واحد في السنة، ليأتي آخرون ليزاحموهم فيها. سليم صاحب أحد محلات بيع ''الزلابية'' بحي واد الحد الشعبي قال ''منذ 02 سنة وأنا أمارس نشاطي، ولم أفكر يوما في تغييره بالرغم من حالة الركود التي يشهدها في بعض الفترات، لكن هناك من يضرب بالقانون عرض الحائط ويغير نشاطه تماشيا مع تجارة كل مرحلة، ولا أحد يتدخل لردعه. أما قرارات مديرية التجارة فهي لا تخرج عن نطاق الكلام وفقط''. وتبقى الأسواق الشعبية من أهم المناطق التي تنتشر بها مثل هذه الظواهر، على غرار سوق الدقسي العلوي، ومحلات حي واد الحد، وبعض المحلات الموجودة بقلب المدينة القديمة على غرار السويقة ورحبة الصوف، بالإضافة إلى المحلات التي تتوسط الأحياء، وعادة ما تكون بعيدة عن أعين لجان المراقبة، كونها تقع في أحياء مغلقة كما هو الحال بحي كوحيل لخضر ''جنان الزيتون''. أما عن أهم النشاطات التي يتحوّل التجار لممارستها خلال شهر الصيام، فذكر من تحدثنا إليهم أنها تتمثل في بيع الحلويات التقليدية و''الزلابية'' بالدرجة الأولى، يضاف لذلك بيع اللحوم والدجاج... وغيرها من المنتجات التي تعرف إقبالا كبيرا خلال فترة الصيام.