فيما عدا صاحب محل لبيع المواد الغذائية العامة، لم يكن من الصعب علينا أن ندخل في حديث مع تجار وسط العاصمة، حول الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، كون درجة السخط التي وصلوا إليها، جعلتهم مهيئين للشكوى. بدا صاحب محل صغير للمواد الغذائية في شارع بيردو متحفظا عن الإجابة عن سؤالنا، حول تأثير انقطاعات الكهرباء المتكررة بهذا الشارع، التي وصلت الأسبوع الماضي إلى أكثر من 10 ساعات متواصلة، على صلاحية المواد التي تتطلب الحفظ داخل المبردات، فقد اكتفى بالقول: ''علب الياوورت هي المواد الوحيدة المعرّضة للتلف في حانوتي، وهي بالتأكيد تفسد وتسبب لي خسائر في حالة ما إذا انقطع التيار الكهربائي''. أما تجار ميسونيي، فقد زاد انقطاع التيار الكهربائي من معاناتهم، بعدما أصبحوا شبه متعودين منذ تسعة أشهر، على معاناة يومية مع الغبار، والطريق المهترئ بسبب الأشغال، الأمر الذي نفر الزبائن من دخول الشارع. عندما دخلنا إلى مخبزة تقع على بعد أمتار من مدخله، قابلنا صاحبها اسب وعلى وجهه تعابير الأسف للوضع، في ذلك الوقت الذي كلمنا فيه، كان التيار لتوه عائد بعد انقطاع، يقول مالك المحل: ''منذ خمسة عشر يوما وأنا أرمي حوالي ألف خبزة يوميا، تتلف بسبب انقطاع الكهرباء، البارحة رميت عجينة، بما يعادل 20 كيسا من الدقيق''. وفي حين لم تسلم سونلغاز من انتقاد اسب، فإنه شكك بالمقابل في الأسعار التي تروّج للمولّد الكهربائي الخاص بالخبازين، في الوقت الذي يتصاعد فيه الحديث عن إمكانية منح السلطة لقروض دون فوائد، للتجار من أجل اقتنائه. يقول اسب: بالمستفيد من هكذا صفقات هم المستوردون، سعر المولّد الكهربائي ارتفع بشكل جنوني مؤخرا''. أما صاحب قصابة الأمال، فقد اشتكى من عدم إمكانية استعماله للمولّد، حتى إن تمكن من الحصول عليه، يقول اغرفة التبريد كبيرة، وتشغل حيزا هاما من المحل، وبالتالي لا أملك متسعا لإضافة مولّد كهربائي، حتى وإن تمكنت من شرائه. أضف إلى ذلك أن محلي يقع وسط تجمع سكاني، وكما هو معروف المولّد الكهربائي يصدر صوتا مزعجا. الحل هو القضاء على الانقطاعات، لا محاولة ترقيع الوضع، نحن نعاني من خسائر كبيرة، خاصة وأن اللحم مادة سريعة التلف''. الأمر يبدو أنه متعلق بخسارة مادية فقط، لكن صاحب المحل أكد أن الانقطاعات أصبحت تشكل هاجسا نفسيا لهم، يضيف الم نعد ننام مرتاحين، الوساوس تحاصرنا بخصوص السلعة التي نتركها في المحل، لدرجة أننا أصبحنا نشتري حصة من اللحوم لا تكفي ليوم واحد، حتى نضمن عدم بقائها إلى الغد، خوفا من تلفها''. أما صاحب محل ميسونيي لبيع المثلجات والمرطبات، فقد كان الأكثر سخطا على الأوضاع، خاصة بعد أن تعرّضت تجهيزاته لأعطاب تسببت في خسائر كبيرة، يقول المالك اتصور أن آلتي صناعة المثلجات، قد تعرضتا لأعطاب بسبب انقطاعات الكهرباء، كلفتني شراء مكبسين ضاغطين ب 16 مليون سنتيم، هذه خسارة فادحة، لقد مللنا من هذا الوضعب. واتهم صاحب المحل سونلغاز بالتقاعس في أداء عملها: ''سونلغاز لا تعرف من العمل سوى إرسال الفواتير، وفي حالة الأعطال لا يظهر لها أثر، نتصل بهم هاتفيا ولا من مجيب''. ولم يكن في حديث صاحب المحل أي نبرة تفاؤلية، حيث استمر في الحديث عن الوضع بانفعال: ''نحن نشتغل في مهنة أصبحت مهددة بالزوال، هناك 2500 مخبزة أقفلت عبر التراب الوطني، بعد أن ملّ أصحابها من تحمّل أعباء خسائر ليسوا مسؤولين عنها بتاتا، الأمر كارثي فعلا، وعلى السلطات التدخل بأقصى سرعة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه''.