قال سيريل تاونسند سياسي بريطاني ونائب سابق، إن تنظيم ''القاعدة'' الذي لا يشكل الآن بالتأكيد سوى بقايا ما كان عليه في السابق، قد نقل انتشاره مجددا، حيث قال ''نادرا ما تكون الكتابة عن شؤون الاستخبارات أمرا حكيما، فقلة قليلة من الناس تظن أنها تعرف الحقيقة، لتكتشف العكس في بعض الأحيان .والقيام بتوقعات على صعيد عام قد لا ينمّ عن حكمة، فالمفاجآت تشكل جزءا كبيرا من عمل وكالات الاستخبارات الوطنية .وعلى رغم ما قيل، ليس أكيدا أن تنظيم ''القاعدة'' بات في أيامه الأخيرة، كما يُشاع باستمرار في الغرب بعد قتل أسامة بن لادن في أبوت آباد في ماي عام ,2011 بل يعتقد أن هذا التنظيم يعيد تنظيم صفوفه بنجاح كبير في شمال مالي عند الحدود مع جنوبالجزائر. وذكر السياسي البريطاني والنائب السابق أن حركة ''طالبان'' سمحت لتنظيم جديد نسبيا، هو ''القاعدة''، بامتلاك معسكرات تدريب في أفغانستان منذ أكثر من 12 سنة، وطلبت واشنطن من المسؤولين في ''طالبان'' بعد الهجمات الجوية التي استهدفت الولاياتالمتحدة في شهر سبتمبر ,2011 تسليم القادة الإرهابيين من أجل محاكمتهم وطرد تنظيم ''القاعدة'' .رفضت كابول ذلك، مما أدى إلى قيام تحالف دولي يقوده الأمريكيون ويدعمه بشكل أساسي التحالف الشمالي في أفغانستان بإسقاط نظام ''طالبان''. من ناحية أخرى، يضيف السياسي البريطاني في مقال له بعنوان ''مالي المعقل الجديد لتنظيم ''القاعدة'' الذي نشره في صحيفة ''الحياة''، فإن جزء من الحل بالنسبة للرئيس باراك أوباما في صراعه ضد ''القاعدة'' و''طالبان'' هو السماح بشن هجمات جوية مفاجئة على قياديي التنظيمين الذين تمت مطاردتهم باستخدام طائرات دون طيار .من الواضح أن أوباما لم يجد أي حرج من طريقة الاغتيالات عبر ضربات جوية، فقد ساهمت طائرات خفيفة الوزن دون طيار بمقتل أكثر من 2500 شخص في مناطق القبائل الباكستانية الخارجة عن السيطرة والمتمردة التي لا تصلها قوات الحكومة الباكستانية. وأشار النائب البريطاني إلى أنه من المفترض أن تخفض عملية الاستئصال هذه لرؤوس التنظيمين معدل عمر أي قائد في ''القاعدة'' بواقع عشر سنوات في المناطق القبلية .إلى ذلك، قرر تنظيم ''القاعدة'' الانتقال إلى مناطق انتشار جديدة في أفغانستان وباكستان، وعلى رغم أنه أخذ في الاعتبار الانتقال إلى الصومال أو مالي، فقد اتخذ في النهاية من اليمن مقرا أساسيا له .وعام ,2009 قدر وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي أن عدد مقاتلي ''القاعدة'' في بلاده تراوح بين 200 و300 مقاتل .وتم اللجوء مجددا إلى الطائرات الأمريكية دون طيار على نطاق كبير. واستشهد سيريل تاونسند بما كتبه ريتشارد بيستون، محرر الشؤون الخارجية في صحيفة ''التايمز'' البريطانية، في أكتوبر عام 2011: ''إن المنظمة التي طالما كانت تفاخر بآلاف المقاتلين المنتمين إليها، باتت الآن تضم بعض المئات فقط .والمجموعة التي قادت في ما مضى حركة تمرد ضد القوات الأمريكية في العراق، وشنت هجمات إرهابية انطلاقا من اليمن إلى إفريقيا وأمريكا وأماكن أخرى، قد تمت الآن إعاقة تقدمها'' .والجدير بالذكر أن تنظيم ''القاعدة'' الذي لا يشكل الآن بالتأكيد سوى بقايا ما كان عليه في السابق، قد نقل انتشاره مجددا وخلال مارس، دعم تنظيم ''القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي'' قوة متمردة من الطوارق كانت تقوم بانقلاب عسكري تمكن من الإطاحة بالرئيس أمادو توماني توري من منصبه .وبعد ذلك، شجّع التنظيم المتمردين الطوارق على الاستيلاء على المناطق الشمالية الثلاث في مالي خلال أفريل .وتم في خضم العملية وضع اليد على مخزونات هائلة من الأسلحة والمعدات الخاصة بالجيش المالي، بالإضافة إلى مركبات عسكرية أمريكية ووسائل اتصال عبر الأقمار الاصطناعية كانت تزودت بها مالي لمحاربة ''القاعدة'' .فمثلا تم الاستيلاء على 87 سيارة من طراز ''لاند كروزر'' كانت قد أُعطيت إلى وحدات مكافحة الإرهاب.