لا يختلف إثنان على أن الميدالية الذهبية التي ظفر بها العداء الجزائري المتألق توفيق مخلوفي، عن جدارة واستحقاق في اختصاص 1500م، التي رفع بها الراية الوطنية في سماء لندن، تعد إنجازا في حد ذاته للرياضة الجزائرية بالنظر إلى ما تم تسجيله في أولمبياد بكين، الذي لم تنجح فيه الجزائر من حصد المعدن النفيس بعدما اكتفت بميداليتين فضية وبرونزية فقط. ورغم إنجاز العداء مخلوفي، فإن مشاركة باقي الرياضيين الجزائريين في أولمبياد لندن 2012، لم تكن في مستوى آمال وطموحات الجزائريين، بعد الخروج المبكر لأغلبيتهم منذ الأسبوع الأول من المنافسة، أين توالت إخفاقاتهم ونكساتهم بعدما عجز جلهم في تخطي الأدوار الأولى من المنافسات التي خاضوها، باستثناء الملاكمان وضاحي وبن شبلة اللذان تخطيا الدور الأول، لتسجل المشاركة الجزائرية في أولمبياد لندن الجاري خيبة أمل كبيرة في جل الرياضات التي دخلت بها المنافسة، كالسباحة والمبارزة والكرة الطائرة والمصارعة والجيدو، خاصة في الاختصاص الأخير الذي كان يعول الشارع الرياضي كثيرا على المصارعتين صورية حداد وعسلة من أجل تشريف الألوان الوطنية. 2004.. بداية التراجع ومخلوفي يعيد ذكريات مرسلي وبولمرقة وبنيدة كانت ميدالية بنيدة مراح، الذهبية في أولمبياد سيدني آخر محطة للرياضة الجزائرية للتألق، قبل أن تشهد تراجعا رهيبا بدا من سنة 2004 عندما عاد الوفد الجزائري خالي الوفاض من أولمبياد أثينا، حيث فشل جميع الرياضيين الجزائريين في تحقيق نتائج في مستوى الآمال التي كانت معلقة عليهم. وبعد ذلك بأربع سنوات، حاولت الرياضة الجزائرية استعادة هيبتها في المنافسة الأولمبية، وهذا بالعودة إلى منصة التتويج وتحقيق نتائج أفضل وأحسن في مختلف التخصصات، وكذا الظهور بمستوى يشرف ويعيد لها مكانتها وصورتها الحقيقية، إلا أنها عادت وفي جعبتها ميداليتين فقط، الأولى فضية والثانية برونزية وفي اختصاص واحد وهو الجيدو، ورغم ما قيل عن شحة الميداليات التي أحرزتها الجزائر في أولمبياد بكين، إلا أنها كانت بالنسبة للبعض وخاصة منهم متتبعي الوضع الرياضي من تقنيين وأهل الاختصاص بمثابة بداية التقهقر الفعلي لانتصارات تحققت ذات يوم في الألعاب الأولمبية، إذ أن النتائج التي أفرزتها مشاركتنا في بكين كانت مؤشرا حقيقيا على أن الآتي سيكون أسوأ، وهو ما اتضح اليوم من خلال النتائج السلبية التي سجلتها الرياضة الجزائرية في معظم الاختصاصات التي مثلتنا في لندن، ما عدا ألعاب القوى بعدما أعاد العداء توفيق مخلوفي إلى أذهان الجزائريين ذكريات نور العدائيين مرسلي وبوالمرقة وبنيدة مراح. التفكير في الأولمبياد القادم يبدأ من الآن رغم ما قيل وما سيقال عقب نهاية الألعاب الأولمبية الجارية حول النتائج السلبية التي سجلها أغلب الرياضيون الجزائريون في لندن باستثناء انجاز العداء مخلوفي الذي حفظ ماء وجه الرياضة الجزائرية في هذه التظاهرة، ثمة جانب لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نتجاهله وهو أن الطموح الذي كان لدينا في إحراز الميداليات لم يكن موضوعيا، لأن الطموح الحقيقي يسبقه تحضير جدي وفعلي لمثل هذه التظاهرات والمواعيد العالمية التي تعرف فيها مشاركة أبرز وأحسن الرياضيين على مستوى العالم، ما يعني أن المنافسة ستكون على أشدها والأكثر جاهزية ينجح في الوصول إلى مبتغاه، ويظفر باللقب في النهاية. ويتوجب على القائمين على شؤون الرياضة في الجزائر التحرك من أجل وضع حد للتراجع الرهيب في النتائج التي شهدتها الرياضة خلال السنوات الأخيرة، وهذا بتحديد الأسباب وإيجاد الحلول الناجعة التي من شأنها أن تعيد الهيبة للرياضة الجزائرية من جديد، وفرض نفسها في المحافل الدولية، بوضع استراتيجية محكمة من أجل الرقي بالرياضة الجزائرية والوصول بها إلى منصات التتويج وتحقيق نتائج أفضل في الأولمبياد القادم.