احتضن فندق الهيلتون على مدى يومين مؤتمرا تحت عنوان “الرعاية الصحية في شمال إفريقيا" بمشاركة شبكة من الخبراء العالميين وكبار المعنيين، بهدف تسليط الضوء على واقع أنظمة الرعاية الصحية في المنطقة وسبل تطويرها. وتركزت أشغال المؤتمر على محورين أساسيين هما مرض السكري والسرطان، وبغض النظر عن البلدان المعنية بهذا الموضوع، ونقصد على وجه التحديد الجزائر، تونس والمغرب، فقد تميز هذا المؤتمر بمشاركة 17 دولة. تركزت تدخلات المشاركين أساسا على الوضعية العامة للصحة في هذه الدول، ورغم أن المشاكل مازالت مطروحة، إلا أن أخطرها يتعلق بمرض السكري والسرطان، وقد حاول المتدخلون الإجابة على سؤال جوهري يتعلق بالسياسات التي يمكن اتباعها لتجاوز المخاطر، ولأجل هذا، فإن مثل هذه الملتقيات من شأنها أن تسمح بتبادل الآراء والتجارب والإستفادة من جهود كل الدول لمعالجة هذه الأمراض الخطيرة، إذ يتعين على الأخصائيين في الجزائروتونس والمغرب أن يندمجوا في المجتمع المدني لبحث السياسة الناجحة للصحة التي يمكن اعتمادها في كل بلد. وفي جانب آخر من الإنشغالات التي طرحها المؤتمرون، عرج بعضهم على مسألة التكوين والصيدلة وطرق المعالجة التي بإمكانها تطويرها بشكل يسمح بتوحيد الجهود لمكافحة مرض السكري والسرطان. يجب الإهتمام بالقوانين الصحية في سياق حديث المتدخلين، إحتل موضوع القوانين الطبية التي من شأنها أن تحدد لنا المستقبل فمثلا في الجزائر منذ أن كان الوزير أبركان على رأس هذا القطاع أسس قانونا وبرنامجا صحيا، غير أن قوانين 1976 التي اعتمدت هي التي بقيت سائدة ولم تنفع التعديلات التي أدخلت عليها، حيث بقيت هذه القوانين ناقصة وتحتاج فعلا إلى التغيير بشكل يسمح لنا بالوصول إلى قانون صحي متين على أن تسود ثقافة طبية في البلدان بدء من انتقال المهمة بين الأجيال والتفكير في وضع البرامج والإمكانات التي تسمح لنا القضاء على بعض المشاكل التي ما تزال مطروحة خاصة ما تعلق بجوانب التكوين، الصحة الجوارية والصحة الشاملة، وهو ما يفرض مشاركة العديد من القطاعات خاصة منها التربوية والبيئية والتواجد الكامل في كامل المناطق والعدالة في توزيع الأطباء والهياكل الإستشفائية. وكانت مسألة هجرة الكفاءات إلى الخارج محورا أساسيا في نقاشات الحاضرين، وضرورة العمل على الإستفادة منها ولما لا توفير الشروط الملائمة لعودتها رغم ما تمثله هذه القضية من حساسية خاصة ما تعلق بصعوبة تأقلم هذه الخبرات مع الأوضاع السائدة في هذه البلدان، ناهيك عن صعوبة تأقلم أسرهم وأبنائهم إجتماعيا، وإذا كانت هناك أسباب موضوعية تدعو إلى التعاون بين البلدان في مختلف التخصصات الطبية والصيدلانية التي تؤدي إلى تحسين الأوضاع في كل بلد، فإن الإشكالية المطروحة اليوم لا تخص بلدا أو مجموعة بلدان، بل أن المسألة هي إنسانية بالدرجة الأولى، وبالتالي فهي تكتسي طابعا عالميا، غير أن بداية التعاون في المجال الطبي تمر حتما عبر تبادل الخبرات والتجارب مع البلدان المجاورة والإقليمية والقارية ثم العالمية، ولا يمكننا أن ننغلق على أنفسنا لأن ذلك سيفقد كل دولة فرص تطوير قطاعها الصحي. وموازاة مع كل وجهات النظر التي طرحت، فقد كان تدخل بعض المختصين في مجال الصيدلة مهما جدا إلى أبعد الحدود، حيث ركزوا على أن ميدان الصناعة الصيدلانية يعتبر مكملا للميادين الصحية الأخرى، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نطور القطاع الصحي في أي بلد إذا كانت الصناعة الصيدلانية تعاني من مشاكل أو نقص، ويعتبر التعاون بين البلدان أحد الطرق التي تساهم في التقليل من التزود بالأدوية خاصة تلك التي تفتقر إليها بعض البلدان على منوال المغاربية منها التي حققت خطوات كبيرة في مجال الصيدلة، غير أنها ماتزال بعيدة عن المعايير الدولية، ومن هنا تأتي ضرورة التعاون في هذا المجال.