يبدو أن الدور الذي تلعبه الجزائر في منطقة الساحل، وما يجري في شمال مالي، جعلها محل تنافس أكبر دول العالم من أجل إقناعها بضرورة موافقتها على شن حرب على دولة على حدودها الجنوبية ترفضها الجزائر، ليس لأنها ترفض الحرب على الجماعات الإرهابية في المنطقة، لأن لا أحد يمكنه أن ينكر ما خاضه الجيش الجزائري وقوات الأمن ضد الإرهاب على أرضها ولوحدها في وقت رفضت هذه الدول الكبرى مساعدتها منذ عشرية كاملة. وإنما ترفض أي تدخل عسكري من خارج دول الميدان وهي النيجر ومالي وموريتانيا والجزائر فقط، باعتبارها المعنية بهذه الحرب التي تقع على حدودهم المباشرة، عكس ما يروج له من الجزائر بأنها ترفض الحل العسكري نهائيا ضد الإرهابيين، حسب ما أكدته مصادر أمنية ل “الجزائر نيوز". وخير دليل على هذا الاهتمام الذي تحظى به الجزائر من قبل الدول الكبرى هو عدم تمكن البعض منهم تنفيذ حرب شرعت في التحضير لها منذ شهور بحجة حماية شعبها بالرغم من أنها ليست من المنطقة وهي فرنسا، هذا ما قاله رئيسها فرانسوا هولاند، عشية الزيارة التي قادته، أمس، إلى السينغال ثم إلى جمهورية كونغو الديمقراطية، لحضور أعمال القمة الفرانكفونية، إنه سيحاول أن يقنع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بضرورة مكافحة الإرهاب عسكريا غادة زيارته الرسمية إلى الجزائر قريبا. وجاءت تصريحات الرئيس الفرنسي في مقتطفات من حوار خاص مع “فرانس24" وإذاعة فرنسا الدولية وقناة “تي في 5 موند"، بث أمس عبر قناة فرانس 24، محاولته إقناع الرئيس الجزائري عبد العزير بوتفليقة بضرورة مكافحة الإرهاب عسكريا، مضيفا إنه لا ينوي إعطاء أي درس للجزائر، لأنها تعرف أكثر من أي جهة أخرى معنى العنف والإرهاب وعانت منهما لسنوات، والذي أرجعه هولاند إلى ترددها في موقفها من التدخل العسكري في مالي. وذهب الرئيس الفرنسي في سعيه لاستمالة الجزائر للموافقة على موقف بلاده إلى حد التأكيد بأنه من واجب فرنسا طمأنة الجزائر، حيث قال: “إن الجزائر تنتظر، مع أخذ مسافة، التدخل المحتمل. وعليّ أن أطمئن الجزائر". كما يبدو أن هناك اختلافا في وجهات النظر بين الجزائر بشأن تصنيفات الجماعات الناشطة في شمال مالي غداة دعوة فرنسا الجماعات المسلحة إلى الحوار مع حكومة مالي دون الجماعات الإرهابية، إلا أن الإشكال أن فرنسا على علم بأن جماعة أنصار الدين شرعت منذ مدة في مفاوضات مع حكومة مالي بالجزائر، وهو ما يعني أن جماعة أنصار الدين ليست جماعات إرهابية، وبالرغم من ذلك فإن رئيسها هولاند في حواره، أمس، قال إن القضاء على القاعدة في منطقة الساحل وعلى جماعة أنصار الدين وكل الإرهابيين دون ذكر جماعة الجهاد والتوحيد رغم نشاطها بالمنطقة يعني اعتراف منها بأنها الحركة الأجدر بأن يفتح الحوار معها وإلا فلِمَ لم يذكرها الرئيس، هو الذي سيضمن سلامة فرنسا والفرنسيين، حسب هولاند، منوّها بأنه طالما لم يتم القضاء على هذه الجماعات، سيبقى الخطر على فرنسا وأوروبا قائما، ما يفسر أن فرنسا تريد إدراج الجماعة ضمن الجماعات الإرهابية لا المسلحة وهو جوهر الخلاف بين البلدين.