يصف الضابط السابق في الإستخبارات الجزائرية خلال الثمانينيات والكاتب الصحفي فيما بعد، عيسى خلادي الكمين الذي نصبته قوات الأمن المشتركة لأمير الحركة الإسلامية المسلحة يوم 3 فبراير من العام 1987 بهذه السطور “كان يوما شديد المطر، وكان الوقت ليلا، وكان بويعلي يفضل تناول العشاء قبل السفر إلى بلدة بوڤارة، (الروفيڤو سابقا، وهي ضاحية بمدينة البليدة)، ومن المكان الذي كان مختبئا فيه، وهي بلدة الأربعاء كان بويعلي قادرا على تحسس الطريق الضائع في الظلام في الأسفل على بعد بضع مئات من الأمتار كان الطريق الصغير يفضي إلى الطريق الوطني.. وعند المفترق، في ظل الغابات والأشجار ومختلف العوائق الأخرى، كان عشرات من الرجال بالبزة العسكرية وباللباس المدني، والمسلحين حتى الأسنان ينتظرون الإشارة بصبر وصمت، هذه الإشارة كانت إضاءات يطلقها العميل، سائق الشاحنة التي كان على متنها أمير الحركة الإسلامية المسلحة، فجأة رأوا الكتلة السوداء من جنود الإستطلاع تعبر الطريق ببطء، ثم أضاء العميل، مرة، مرتين، ثلاث مرات.. عندئذ انهمرت الطلقات النارية من كل الجهات، أصيبت شاحنة بويعلي برصاصات خارقة، وعلى الفور قتل بويعلي والعميل وكل المجموعة تقريبا، وكذلك قتل ضابط شرطة". وفي رواية أخرى، ذكر لي طيب عمامرة في مقابلة أجريتها معه في العام 2011، أن العميل الذي انقلب على مصطفى بويعلي وتعاون مع الإستخبارات هو محفوظ حية المدعو بوعلام.. وكان هذا الأخير ناشطا إسلاميا مقربا من مصطفى بويعلي ومن النواة الصلبة لجماعته، وكان يثق في إقامة دولة إسلامية في الجزائر إلا أن إلقاء القبض عليه من طرف مصالح الأمن في 16 ديسمبر من العام 1982 وخشيته من تعرضه للتعذيب، جعله يلين لعملية غسل دماغ، يتهم أن من وقف وراءها هو الشيخ محفوظ نحناح، الذي سبق وأن زاره مصطفى بويعلي رفقة أصيل منطقة المتيجة زايت كمال الذي سيعود من جديد في التسعينيات إلى إنشاء خلايا إسلامية مسلحة، وكان وقتها الشيخ نحناح يعيش بين نارين، فهو من جهة كان ممتنا للشاذلي بن جديد الذي أصدر عفوا في حقه والعناصر التي كانت معه في السجن منذ 1975.. لكن أيضا كان يثق في نية الشاذلي بن جديد الذي كان جادا في عملية التخلص من اليساريين وأنصار الحركة الثقافية البربرية الذين كانوا يشكلون إزعاجا بالنسبة للشاذلي في بداية عهدته، وهو من جهة ثانية كان يحرص على ألا يستعدي قسما من الحركة الإسلامية التي كان قيادوها الجدد يستعجلون الوصول إلى السلطة، وعلى أقل تقدير الإستيلاء على مساحات معتبرة لصالح جماعات الإسلام السياسي.. ويقول عدد من الإسلاميين الذين كانوا مقربين من مصطفى بويعلي في جلساتهم، أن اللقاء الذي جرى بين المدعو بوعلام، سائق مصطفى بويعلي والشيخ محفوظ نحناح أمام أنظار وتحت رعاية قيادات في مصالح الأمن، بحيث كان لب الحوار، أن ما يسير عليه أمير الحركة الإسلامية المسلحة هو مضر أساسا وبالدرجة الأولى بمصلحة الإسلام والإسلاميين الذين يجدون الرعاية من طرف خليفة بومدين وكذلك يشكل بداية لفتنة لن يستفيد منها إلا أعداء الإسلام والإسلاميين، وهي إشارة صريحة لليساريين وأنصار الحركة الثقافية البربرية، ولقد منح نحناح ضمانا للمدعو بوعلام بأنه سوف لن يتعرض إلى مضايقات من طرف مصالح الأمن وهذا خاصة بعد عدم موافقة العلماء لخط مصطفى بويعلي.. وفيما يبدو أن محفوظ حية يكون قد اقتنع بنصيحة الشيخ محفوظ نحناح، خاصة وأنه كان قريبا كذلك من محفوظ نحناح الذي تربى في حركته التي كانت سرية في تلك الفترة على أن يتعاون مع مصالح الأمن.. ومن هنا أفرج عن محفوظ حية المدعو بوعلام، وعاد دون أن يلفت إليه أي شكوك من طرف مصطفى بويعلي الذي كان يوصيه على عائلته الصغيرة، ولقد أفاد محفوظ حية المدعو بوعلام بمعلومات ثمينة عن تنقلات بويعلي وعن مخابئه، ولم يكن العميل يظن أن بويعلي قد يتفطن إلى خيانته عندما أشار بالإضاءات إلى قوات الأمن، وهنا كما قال لي طيب عمامرة وهو أحد الذين حكم عليهم بالإعدام في قضية بويعلي، ثم شمله عفو الشاذلي بن جديد إلى جانب عبد القادر شبوطي ومنصور ملياني وعبد الرحمن حطاب وعز الدين باعة وغيرهم ممن مكثوا في السجن بعد مصرع مصطفى بويعلي، إن مصطفى بويعلي عندما شعر بالخيانة وجه مسدسه نحو العميل، وصرخ في وجهه “أيها الخائن" وما أن سدد طلقاته باتجاه رأسه حتى انهال الرصاص من كل الجهات على الشاحنة التي كان يمتطيها مصطفى بويعلي.. إن النهاية المأساوية التي عرفها مصطفى بويعلي، أثلجت صدور قطاع كبير من القادة الإسلاميين، ومن بينهم الشيخ محفوظ نحناح والشيخ بوسليماني اللذين التقيا مع مصطفى بويعلي ونصحاه بالتراجع عن الخيار المسلح، وهذا جعلهما يتلاسننان بلهجة غلبت عليها الحدة والإتهامات.. في نظر الشيخ نحناح، كان التوجه نحو العمل المسلح هو فخ حقيقي لم ينصب فقط لجماعة بويعلي بل نصب للإسلاميين من أجل دفعهم نحو العنف، وبالتالي تجريدهم من صدقيتهم وسحب البساط من تحت أرجلهم وذلك من خلال تقديمهم إلى الرأي العام الوطني والدولي كمجموعات إرهابية، وقد رجع قادة الإخوان في الجزائر إلى مرجعيات في المشرق فوجدوا التأييد والتشجيع على ألا ينخرطوا في لعبة العنف التي أودت بالمئات من الإسلاميين إلى السجون في مصر، وذلك منذ اغتيال النقراشي على يد نواة متشددة داخل الإخوان، ما جعل زعيمهم آنذاك، الشيخ حسن البنا يصدر بيانا يتبرأ فيه من متشدديه، تحت عنوان “ليسوا بإخوان، ولا بمسلمين".. وإن كان البعض الآخر يرى أن ليلة مصرع بويعلي، “أغلب البيوت أصيبت بالصدمة، وخيم الصمت الثقيل على العاصمة الجزائرية، لأن بويعلي كان من قدامى مجاهدي الثورة الجزائرية الكبرى، وصاحب ماضي نظيف، وسجل ناصع لا يزال عالقا في أذهان الجزائريين، بكى بعض أبناء شهداء حرب التحرير على رجل كان يشملهم برعايته وعطفه وحنانه، وفي أحد بيوت حي القبة، أرملة وابن أكبر سمح له بعد ستة أشهر من الحجز الإجباري بمغادرة ثكنته العسكرية، وستة أولاد عاشوا سنة كاملة من الإقامة الجبرية، إنه بيت الشهيد مصطفى بويعلي، المناضل الذي انقلب على المؤسسة الحاكمة فغدا طريد عدالتها الإنقلابية" 1. ويقول أحمد كرفاح، وهو من رجال بويعلي، وكان وقتها طالبا في كلية العلوم الإقتصادية “نحن لم نكن هاربين من القانون، كنا نريد الإصلاح والقضاء على الآفات الإجتماعية، وكان يراد اختطافنا ليلا والقضاء علينا دون أن يدري أحد... وهذا ما رفضناه وقاومناه"، ويضيف أحمد كرفاح بنفس الشهادة لجريدة المسار المغاربي، في ديسمبر 1990، “في بداية الأمر أعلنت الحكومة عن نيتها في إجراء حوار، ولو سريا مع جماعتنا، جاءنا أناس مكلفين من الحكومة للتحاور معنا، فطرحنا عليهم شروطا تتمثل في النقاط التالية: 1 إطلاق سراح الإسلاميين الذين اعتقلوا على إثر تجمع 12 نوفمبر 1982 2 السماح للدعاة بالنشاط العلني في المساجد 3 الكف عن الظلم 4 والبدء في عملية التغيير وشددنا على أن كل السلاح الذي بحوزتنا هو جزائري، وليس من أية جهة أجنبية.. لكنهم رأوا في مطالبنا شروطا تعجيزية.. وذلك ما جعلهم لا يلوون إلا القوة وممارسة التعذيب، وأنا بدوري أشربت ماء المراحيض، ومورس علي التعلاق والكهرباء، وأجلسوني على يد مكنسة، ولما اقتدت إلى جانب إخوة لي إلى سجن البرواڤية، فرنسا التي دشنت هذا السجن لتعذب فيه الجزائريين، وضعت له النوافذ، أما الجزائر المستقلة فلقد أغلقت النوافذ بالآجر، وطيلة 27 شهرا لم يفتح باب الزنزانة التي كنت قابعا فيها". لقد أخذ بويعلي صورة أسطورية في مخيال مناصريه وأتباعه إثر مصرعه، وهذا ما جعل المفرج عنهم، 15 في عام 1989، بعد ظهور حركة الإنقاذ وسقوط نظام الحزب الواحد يقدمون أنفسهم للرأي العام على أساس أنهم مقاومون ومجاهدون في سبيل إقامة دولة إسلامية، وليسوا كما وصفتهم الصحافة الحكومية مجرد خارجين على القانون وإرهابيين.. ولقد وصفت مجموعة 15 المفرج عنها في بيان لها في الوقت أن الإفراج ما هو “إلا مجرد مناورة سياسية لتمرير قضايا سياسية أخرى" وفي نظر الجماعة “لا يمكن للسلطة الغاشمة التي أصابت كرامتنا وأنفسنا وأجسادنا أن تخدعنا بمثل هذا الإفراج المفاجئ" لذا يقول البيان “الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن نعرف بها صدق السلطة وحسن نيتها في الإفراج، تتمثل في تحقيق المطالب التالية: 1 إعادة الإعتبار لعائلات الشهداء الذين سقطوا برصاص السلطة الجائرة، وعددهم 15 عائلة وإعالة أولادهم وذويهم بحكم أن السلطة هي المتسبب في كل ما وقع.. 2 فتح المجال لكل إخواننا المتابعين في نفس القضية وهم الآن خارج الوطن دون قيد أو شرط.. 3 إعادة الإعتبار لجميع الإخوة الذين سجنوا في قضية بويعلي وذلك بإزالة كل تزييف للحقائق وقلب الأمور رأسا على عقب، الذي جعل الرأي العام يصدق كل ما يقال في هذه القضية من كذب وزور، وخاصة قضية مصرع الحارس بوقزولة عشية الهجوم على مدرسة الشرطة بالصومعة.. 4 متابعة كل من تورط بتعذيبنا تعذيبا وحشيا وانتهك حرمة نسائنا وأقاربنا واحتلال منازلنا وتدمير بعضها بمادة الديناميت 5 التعويض المالي لكل ضرر، مادي وأدبي، ورد جميع الممتلكات المصادرة ورد الحقوق جميعها بما فيها حق العمل وحق السكن وحق السفر.. كانت جماعة بويعلي تشعر بالنشوة والانتصار إثر أحداث أكتوبر 88 وسقوط نظام الحزب الواحد، وكان المناخ السياسي الذي أعقب الإعلان عن تعديل الدستور الذي كرس التعددية وميلاد أحزاب سياسية ذات طابع ديني يسمح للشاذلي بهذا العفو أن يكمّل خطته المتمثلة في الإنفتاح على الإسلاميين وتوظيفهم كورقة ضاغطة ضد خصومه من المتشددين في الأفالان الذين ظلوا إلى آخر لحظة يقاومون التعددية الحزبية لكن كذلك ضد حلفائهم من العسكريين الذين كانوا على رأس المؤسسة العسكرية والإستخبارات.. إن جماعة بويعلي لم تجد في نفسها أمام مثل هذه الأجواء أية رغبة أو ميل لأن تقدم اعتذاراتها للمجتمع عن السبيل المسلح الذي تبنته من أجل تحقيق مصالحها، ولذا نجد واحدا من عناصرها يروي وبكل فخر على أعمدة جريدة حكومية الماضي التبجيلي القريب لما قامت به جماعتهم منذ نهاية السبعينيات إلى غاية حلها وإلقاء القبض على أنصارها وعناصرها الذين كانوا يقدرون ب 600 شخص ناشط.. يقول هذا الناشط (مصطفى حمزة) رفقة رفيقه لجريدة أضواء ل 2 أوت 1989، (مصطفى معيزي) “أن قضية بويعلي كانت غامضة في بداية الأمر حتى بالنسبة لنا، وذلك خاصة بعد التصعيد الإعلامي الذي تلا فرار الشيخ بويعلي وهذا ما جعلنا نتوجه لشيخنا العرباوي كي نستفتيه في الأمر، فرد بكل صرامة كون القضية أكبر من الأشخاص وأن المهم في الحركة ذاتها، وهذا ما شجعنا على أن نواصل تحضيرنا الداخلي الذي حدده الدليل الذي أعده الشيخ بويعلي مصطفى والذي طلب فيه منا أن نعد العدة لعمل قاعدة كبير وسري بحيث لا يثير الشبهات في من ليسوا بمطاردين من قبل الأمن.." ويضيف رفيق بويعلي مصطفى معيزي قائلا “بعد تكوين المنظمة وقبول المخطط أو الدليل بدأت عمليات الإتصال بالإخوة في مدينة الأربعاء في حدود عام 1983، وهكذا دخلت عملية توسيع الحركة مجال التنفيذ والإتصال المباشر، ولذلك برمجنا لقاء ال 22 الذي قسمنا فيه الإخوان إلى سبعة أفواج، تكلف البعض بالشورى، والبعض الآخر بجمع الأسلحة وهكذا، وعمل كهذا لا يمكن أن يفسر بالتخريبي، أبدا، إنه تنظيم داخلي محض وتخطيط لأهداف بعيدة المدى.. كانت حسب بويعلي إحداث نواة الدولة الإسلامية من المحيط إلى الخليج وللحكومة الإسلامية في الجزائر، ولذا أفهمنا الشيخ أن كل مسؤول فوج مطالب بوضع خطة عمله التي تقدم للجنة الإستفتاء التي تحدد هي وحدها فقط نجاعتها أم لا، وهذا بعد عرضها على العلماء.." في البداية يواصل مصطفى معيزي (لم نكن نفكر في مواجهة الدولة والسلطة، بل كنا مكلفين بالتحضير فقط وبصورة سرية بعيدا عن العنف واستعمال السلاح، وعندما وجدنا التقسيم وبصورته تلك لا يساهم إلا في عرقلة عملنا، غيّرنا خطتنا فقسمنا الجزائر إلى 10 مناطق وعلى رأس كل منطقة مسؤول أول مؤقت وجماعة ترافقه إلى تلك المنطقة، أين تبدأ عملية البحث عن الناس الصادقين الأكفاء الذين يكتمون السر، ويقبلون المساهمة في حركتنا، ومن بينهم يمكن أن نختار من نوليه المسؤولية، المسؤولية لم تكن هدفا في حد ذاته، بل لم نتجاوز إطار الوسيلة التي يمكن أن نعمل بها لا غير، خاصة وأن الظرف تطلب منا أن نباشر حياة جديدة في المناطق التي وضعنا فيها حتى نباشر عملية الإنتقاء والإتصال بالناس"، ويقول نفس الناشط حول الإستيلاء على الأموال من المؤسسات العمومية مثل حادثة عين نعجة “بادئ ذي بدء أؤكد أن الحركة لا تمت بأي رباط لأية جهة أجنبية كانت، حركتنا، هي حركة إسلامية جزائرية بحتة، نشاطها رغم كل الصعوبات موّل بمالنا الخاص، وبمساعدات الإخوة والأخوات اللواتي تبرعن بمجوهراتهن، لكن عندما تغير الأمر وطرحت مسألة تقسيم الجزائر إلى مناطق ونواحي، صارت عملية تمويل الخطة تطرح نفسها بإلحاح، الشيء الذي دفعنا إلى التفكير في مصدر مالي يضمن لنا نشر أفكارنا، ويضمن لنا الإستقرار في المناطق التي ننشئها، فوجدنا مؤسسة البناء لعين نعجة، وبالفعل وبتواطؤات معينة التي كان يعمل بها أحد رفاقنا وهو جعفر بركاني واستولينا على أموالها كلها وعندئذ اكتشفنا أن الإعلام الرسمي شن حملته علينا انطلاقا من هذه النقطة، ولقد كنا متفهمين أن هذه الأموال هي أموال الدولة وليست أموال الشعب، لأنها لم تصل بعد إلى العامل.. ولقد كان من المقرر أن تصل كمرتبات ومنح عيد الأضحى، لكن الفرق هو كون هذه الأموال في الشركة، ولنسأل العمال إن هم لم يتقاضوا مرتبات ذلك الشهر، ثم لنسأل الدولة عن تبذيرها للمال العام.. نحن لم نأخذ المال من جيب المواطن والعامل، بل أخذناه من المصدر الذي لم يستطع حمايته، ولم يحمِ يوما المال العام، هنا الفرق، والفتاوى صريحة في هذا الشأن، وفيما يتعلق بالهجوم على ثكنة الصومعة للشرطة يوضح معيزي مصطفى أن الظروف هي التي أملته، في حين يسرد أحد رفاقه قصة الهجوم على الصومعة على أعمدة جريدة المنقذ لسان حال الجبهة الإسلامية للإنقاذ وذلك في عددها المؤرخ ب 11 أكتوبر 1990، فيقول “.. في ليلة دامسة من ليالي صيف 1985، وفي عمق جبال تابلاط، كانت منطقة سوحان على موعد مع التاريخ باحتضانها مجموعة صغيرة من أبناء الحركة الإسلامية المسلحة... ولئن كانت هذه الثلة المؤمنة قليلة العدد، فمسعاها كان عظيما، يكفيها فخرا، أنها قادت معارضة مشرفة لأنها كانت ترفع الإسلام شعارا لها، تخوض به معركة لا ترحم وعنيدة لا تلين، قوية قوة جبال تابلاط، وربوع هذا الوطن، المجاهد مصطفى بويعلي الشهيد، محمود، محمد، الملياني، عبد القادر، جعفر بركاني، معمر العيد، رابح.. أو عبد الله، ماحي، الإمام عثمان.. سليمان، عبد النور، حمزة سيد علي، سبعة عشر (17) رجلا اجتمعوا على كلمة سواء، الإستحواذ على السلاح، اللغة الوحيدة التي يفهمها النظام المهترئ.. بعدما قمنا بضبط مهام العملية والإجراءات المفضية إلى نجاحها، تحرك موكب الشهادة صوب مدينة بوڤرة، مرورا بمدينة الأربعاء عبر مسالك لا يراقبها الدرك وعلى متن سيارتين تجاريتين من نوع فولسفاڤن في حال جيدة وسيارة ثالثة من نوع مازدا تجارية تنقل على متنها بقية العناصر... وعند الوصول إلى مدينة بوڤرة وعلى بعد عدة كيلومترات من ثكنة الصومعة وقف الركب وهناك أوقفت سيارة مازدا وركب الجميع سيارتي فولسفاڤن، ربما للوقت وتحسبا لكل طارئ، وكان الشهيد مصطفى بويعلي كعادته، في كل عملية يتفقد إخوانه للتأكد من أن الجميع على أتم الإستعداد نفسيا، وجسديا، وكذلك كان الحال..