احتضن، أوّل أمس، فضاء مكتبة المركز الثقافي بالأبيار، أول عرض لمسرحية “نهار قصيت شلاغمي" المقتبسة من القصة التركية القصيرة “الشلاغم" للكاتب التركي عمر سيف الدين، والمترجم من طرف وليد قرين. قام بأدائه مجموعة من طلبة جامعة الجزائر2، قسم اللغة الإنجليزية. قبل بدء العرض، افتتح وليد قرين المحاضرة بالتعريف عن نفسه كمحب للكتب والترجمة، ليقدم بعدها زملائه في العرض على التوالي: باجي محمد في دور الشاب، عطرة بوعظمة في دور الإبنة المشاغبة، أسماء بلعزوز في دور الأم، محمد حميطوش في دور الإمام وكذا نبيل بن بوزة في دور الصديق المتأثر بالثقافة الفرنسية... ويستسرسل قرين بعدها بالحديث عن الأديب التركي “عمر سيف الدين"، الذي انتهج أسلوباً بسيطا وسلساً، لتكون أعماله الأدبية مفهومة من قبل كل الشرائح في المجتمع، وساعده التيار الواقعي على تجسيد الحياة اليومية والمشاكل التي عانتها تركيا “الدولة العثمانية في ذلك الوقت"، ليختتم مداخلته قائلا: “هدفنا بهذا العمل أن نبرهن أن الشباب يهتمون بالثقافة". تدور أحداث المسرحية حول المشاكل التي يواجهها شاب، نتيجة قصه لشواربه “الشلاغم"، تقليدا لأصدقائه، متناسيا أنه يعيش في مجتمع تقاس فيه الرجولة “بالشلاغم" ليصبح فريسة سهلة لغضب الأب الصارم والمتسلط ذي الشلاغم الغليظة، (وقد أبدع في تقمص هذه الشخصية الطالب جرابة خير الدين، بطربوشه الأحمر، هراوته الغليظة ونظراته المتوعدة) مما أدى إلى طرده من البيت كونه أصبح وصمة عار، تخجل منه العائلة.. تختلف ردود الأفعال حول “الشلاغم المقصوصة"، فالأصدقاء يفرحون كون صديقهم أصبح “على الموضة"، أما العائلة فتعتبر هذا التصرف مخزيا، بينما يفرح الإمام ظانا أن الفتى قص شواربه تقليدا لسنة الرسول، (أعفوا اللحى وحفوا الشوارب).! لعل أهم ما ميز المسرحية، التي دام عرضها حوالي عشرين دقيقة، هو القراءة التي كانت باللغتين التركية والعربية، وكذا طابع السرد، إذ توالت أحداث المسرحية التي كان يستحضرها الراوي (أدى دوره قرين) من ذاكرته. جسد هذا العمل المسرحي، المجتمع المتشدد بعاداته وتقاليده، الرافض لما هو دخيل (من الغرب). ورغم قصر مدة العرض الناطق باللهجة العامية، إلا أن الجمهور تمتع بلحظات فكاهية وفهم مغزى المسرحية التي تدعو إلى التسامح وتقبل الآخر باختلافاته.