تكشف معلومات وردت إلى “الجزائر نيوز" أن مختار بلمختار أمير كتيبة الملثمين النشطة في منطقة الساحل، قد فتح الباب لعناصره من أجل مغادرة مواقع النشاط المسلح بالساحل، بهدف تسليم أنفسهم، والاستفادة من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وقد استجاب أولى العناصر لهذا الموقف الجديد، الذي انكشف عنه وجود محاولات فرنسية بوركينابية لنقل النشاط الإرهابي إلى الساحل الإفريقي. يقول مصدر مؤكد أن عنصرا من عناصر كتيبة الملثمين التي يقودها مختار بلمختار المكنى بالأعور، قد سلّم نفسه، مؤخرا، إلى مصالح الأمن الجزائرية تبعا لقرار اتخذته قيادته والمتضمن فتح الباب أمام كافة المجندين تحت إمارة مختار بلمختار، لهجر العمل المسلح والالتحاق بزملاء سبقوهم إلى ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتفيد مصادرنا أن هذه الخطوة كشفت مباشرة عن معلومات بالغة الأهمية، تتمثل في اتصالات أجرتها معه المخابرات الفرنسية والبوركينابية عندما كان ضمن كتيبة الملثمين، حثته على مساعدتها في تنفيذ مخطط يقضي بنقل الأعمال الإرهابية إلى عمق الصحراء الجزائرية، إلا أن تنفيذها جاء عبر قنوات أخرى رفض المصدر الكشف عنها حاليا لدواعٍ أمنية، وهو السياق الذي جاءت وفقه العمليات الأخيرة التي عرفتها مواقع أمنية في تمنراست وورڤلة، بدعم لوجيستيكي من بوركينافاسو. وأضحى من الواضح جدا، بهذا الموقف الفارق في الحركات المسلحة بالساحل أن مختار بلمختار قد شق عصا الطاعة عن عبد المالك دروكدال أمير الجماعة السلفية للدعوة والقتال (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)، وكانت بعض العناوين الوطنية قد أوردت الخبر، قبل أسبوع، بينما سبق ل “الجزائر نيوز" وأن كشفت أن مختار بلمختار قد أرسل إشارات إلى إمكانية مهادنته للجزائر، بعدما وقع في خلاف شديد مع جماعة التوحيد والجهاد التي قامت باختطاف دبلوماسيينا من مدينة غاو المالية، وأعلنت إعدامها لأحد الأفراد وهو الطاهر توات، إذ لم تكن كتيبة الملثمين موافقة على ما صدر عن جماعة التوحيد بذلك الشكل، مما جعل مختار بلمختار ينتقم للخروج عن أوامره لكونه قائدا لإتحاد الكتائب المسلحة في الساحل، فنصب كمينا لجماعة أبو علقمة التابعة للتوحيد والجهاد والنيل منه رفقة إثنين من مرافقيه، وهو الخبر الذي تأكد فيما بعد ونشرته الصحف الدولية والجزائرية، لكن جاء إعلانه مشوها بتفصيل “مغلوط" أفاد أن أبو علقمة قضى نحبه في حادث سيارة رباعية الدفع، إلا أن مصادرنا تؤكد أن عبد المالك دروكدال قام بتنحية مختار بلمختار مباشرة بعد أن تأكد لديه أن الأخير هو من كان وراء تصفية أبو علقمة، ونشب على إثر ذلك خلافا حادا بينهما، تكون من بين تداعياته، فتح بلمختار الباب لعناصره بهدف هجر السلاح، وهو ما يُضعف بشكل كبير من قساوة شوكة القاعدة في الساحل باعتبار بلمختار يسيطر على أجزاء هامة من المنطقة، ويعلم بالتفاصيل استراتيجية تنظيمه فيها، مما يعطيه أفضلية وأد وإحباط أية محاولات لنشاط نوعي هناك، خاصة وأن تحركا عسكريا يشدد القبضة في الساحل. بلمختار يجس نبض موقف الجزائر ويريد وضع حطاب ومن بين ما جاءت به نتائج الموقف الجديد لأمير الملثمين، أن أحدا من عناصره كشف إثر تسليم نفسه أن المخابرات الفرنسسية بتعاون مع نظيرتها البوركينابية حاولت تجنيده وبعض زملائه في نقل النشاط الإرهابي إلى عمق الصحراء الجزائرية، وقرأت مصادرنا في هذا، صحة للاتهامات التي كانت تطال باريس وواغادوغو في تحالفهما ضد الأمن في المنطقة وتوتيرها لمآرب اقتصادية غربية. أما موقف بلمختار الجديد، فإن توبة أحد عناصره، تعتبر رسالة جس لنبض وموقف السلطات الجزائرية منه “خاصة وأن بلمختار أرسل إشارات بكونه غير متورط في جرائم تعاقب عليها نصوص ميثاق السلم ويريد بذلك التفاوض حول الوضع ذاته الذي يتمتع به حسان حطاب حاليا".