أكد رفض مختار بلمختار أمير ما يسمى كتيبة الملثمين، الامتثال لقرار دروكدال أمير تنظيم القاعدة القاضي بتنحيته عن الإمارة، عجز قيادة التنظيم عن السيطرة على ما يسمى كتائب أو إمارة الصحراء، التي لا تدين بالولاء للأمير طبقا لعقيدة الفكر التكفيري، بل لعوامل أخرى. عجز الأمير العام للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبد المالك دروكدال، عن تنحية مختار بلمختار عن إمارة كتيبة الملثمين بسبب التأثير الكبير لبلمختار على الوضع الميداني في شمال مالي، وتؤشر وقائع الخلاف الأخير بين دروكدال وبلمختار إلى حقيقة العلاقة بين قيادة القاعدة في بلاد المغرب وكتائب الصحراء، المبنية على الكثير من العوامل التي تتعلق بالولاء للمال والولاءات القبلية، والعلاقات العامة مع الأطراف الفاعلة في منطقة الساحل. وأكدت مصادر متعددة رفض مختار بلمختار الامتثال لأوامر قيادة القاعدة في بلاد المغرب بالتنحي عن قيادة كتيبة الملثمين، حيث قال الحسن ولد اخليل المسؤول الإعلامي لكتيبة الملثمين التابعة اسميا لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، في تصريح لوكالة نواكشوط للأنباء، وهي الوكالة التي التقت بصفة حصرية مع مختار بلمختار، إن الأمير المكنى خالد أبو العباس لا يزال أميرا لكتيبة الملثمين، وأضاف ''لم يتغير أي شيء''، رغم أن الأمير أبو مصعب عبد الودود قائد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قرر عزل أمير كتيبة الملثمين مختار بلمختار، وأرسل قراره إلى أمير منطقة الصحراء يحي أبو الهمام الذي أوفد عددا من العناصر برسالة من الأمير العام للتنظيم إلى مجلس شورى كتيبة الملثمين تضمنت قرار العزل. وبرفضه الامتثال لقرار التنحية، يكون مختار بلمختار قد ارتكب كبيرة تستوجب قتله، حسب أعراف الجماعات المسلحة ونصوص الفكر الجهادي المتشدد الذي يبيح دم الخارج عن الجماعة، لكن العارفين بأوضاع الجماعات الجهادية في شمال مالي، أكدوا بأن دروكدال يعلم قبل أي شخص آخر استحالة تنفيذ مثل هذا القرار، فالنفوذ الواسع لخصمه بلمختار وسط قبائل شمال مالي المؤيدة للجماعات السلفية، قد منع حسان حطاب من تنفيذ قرار مماثل عام 2001 عندما عين عبد الرزاق البارا أميرا على الصحراء، بالإضافة إلى العلاقة القوية التي نسجها مختار بلمختار مع عدة أطراف في المنطقة، حيث تتحدث مصادر متعددة بأن لدى الرجل اتصالات مباشرة مع وزراء ومسؤولين كبار عسكريين في دول إفريقية، كما أن الرجل فتح منذ عام 2005 قناة اتصال مع الأجهزة الأمنية الجزائرية بغرض تسليم نفسه. وقد ساهم بصفة مباشرة في صفقة الإفراج عن الدبلوماسي الكندي المختطف روبرت فاولر، وقد واصل خالد أبو العباس على مدى عدة سنوات تحدي قيادة تنظيم القاعدة، وقبلها جماعة الدعوة والقتال، وكانت آخر أعمال التحدي لبلمختار هي ظهوره علنا قبل سنة تقريبا، عندما أثار حواره مع وسيلة إعلام موريتانية عدة تساؤلات حول الهدف الحقيقي لهذا التصرف، خاصة وأنه اللقاء الصحفي الأول الذي يجريه قيادي بالصف الأول في الجماعة السلفية للدعوة والقتال منذ انطلاق العمل المسلح في الجزائر قبل 19 سنة، حيث لم يجرؤ أي من عناصر الجيا ثم الجماعة السلفية وتنظيم القاعدة على الظهور علنا، بسبب ما يترتب على مثل هذا الفعل من عواقب. ويفسر الكثير من المتابعين الظهور العلني لبلمختار بأنه تحد مباشر لدرودكال، حيث يرى ابن مدينة غرداية بأنه الأحق بالإمارة، بسبب ماضيه مع الجماعة السلفية وتوليه الإمارة الإقليمية في وقت مبكر عن دروكدال، وقتاله في أفغانستان. ويعتقد مراقبون بأن دروكدال يرغب في القضاء نهائيا على عناصر التمرد وسط كتائب الصحراء، من أجل ضمان الولاء المطلق لهذه الكتائب للإمارة العامة، ويعتقد كذلك أن التالي ضمن القائمة سيكون بلا شك عبد الحميد أبو زيد الذي تشير كل المصادر إلى أنه يسيطر على القيادة العسكرية للتنظيم بحكم الأمر الواقع، ويدرك مختار وأبو زيد بأن بقائهما على قيد الحياة مرهون بولاء المسلحين، وهو ما دفع بلمختار لرفض قرار التنحية. وكانت ''الخبر'' قد أشارت في مقال سابق حول تولي أبو الهمام إمارة الصحراء بأن أول ''ضحايا'' هذا القرار سيكون بلمختار.