هل سيقف يوما ما الشاب خالد أمام قضاء بلاده ليجيب كيف تلقى حقوقه المادية في إحدى حفلاته عامي 2007 و2008 بالجزائر؟ وهل سيقف الكينغ خالد هذا الموقف، بينما يكون الوزير عمار غول ينتظر دوره للإجابة عن خلفيات تهديده للفرنسي كييزا عن شركة “إيجيس" بالترحيل إن لم يدفعوا له مستحقاته؟؟؟ الأكيد أن الرأي العام الجزائري ينتظر بفضول كبير محاكمة المتورطين في الفساد الذي شاب إنجاز الطريق السيار شرق-غرب.. ولكن أكثر ما ينتظره الجزائريون من هذه المحاكمة، هو رؤية الشخصيات التي ستقف أمام العدالة كمتهمين وتلك التي سيتم دعوتها كشهود، وفي أي صنف سيكون الوزير عمار غول الذي تربطه ببعض المتهمين علاقات حميمة وبالبعض الآخر علاقات مهنية ومسؤولية، كونهم كانوا يعملون تحت أوامره مباشرة.. ويرى متتبعون للملف أن “الظرف السياسي الذي تمر به البلاد، خاصة بعد الإصلاحات السياسية، لا يحتمل معالجة قضائية لملف الطريق السيار على شاكلة ملف “الخليفة بنك" وإلا ستزيد هوة الثقة عمقا بين السلطة والشعب"، إذ يعتبر كثيرون كما سبق ونشرت الصحافة أن الحيتان الكبيرة أُخرجت من شبكة تلك المحاكمة كما تُخرج الشعرة من العجين.. “الجزائر نيوز" تحوز على وثائق رسمية بالغة الأهمية، تحوي معلومات خطيرة حول قضايا فساد في قطاعات حساسة للغاية، ذُكرت فيها أسماء مسؤولين سامين في الدولة وشركات أجنبية جعلت من العمولات والرشوة بالنسب المئوية، قاعدة عمل في إنجاز أكبر المشاريع التي تضمنتها برامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لكن لم يظهر من حقيقتها شيء.. “الجزائر نيوز" ستسلط الضوء هذه المرة على ما لم تنشره الصحافة عن الطريق السيار وما إذا كان الوزير عمار غول متهما أم شاهدا.. أم الإثنين معا.. معلوم أن ملف الطريق السيار شرق-غرب أصبح جاهزا للمحاكمة طبقا للزمن الذي استغرقته وللتحري القانوني الذي قام به كمال غزال، قاضي التحقيق لدى الغرفة التاسعة بمحكمة سيدي أمحمد. واللافت للانتباه أن مجموعة المتهمين القابعة بالسجن حاليا، وهم محمد خلادي وشاني مجدوب وتاج الدين عدو قد تجاوزوا المهلة القانونية للحبس الاحتياطي في انتظار محاكمة ليس هناك ما يدل على قربها، مع العلم أيضا أن الملف بدأ التحقيق فيه منذ سنوات، وعلى سبيل المقارنة فإن فضيحة القرن “الخليفة بنك" التي تعتبر من أعقد المحاكمات في تاريخ الجزائر المستقلة، فقد تم تصفيتها وإجراء محاكمتها وتحضير الرأي العام لها في أقل من عامين وأصبحت في “خبر كان" منذ 2006. أما قضية الطريق السيار، فهي تدخل عامها الثالث دون أن تبرح مكانها المتمثل في صفحات الجرائد والصالونات الخفية. تاريخ غير شائع في وزارة الأشغال العمومية يفيد مصدر عليم أن صاحب فكرة الطريق السيار شرق-غرب هي لفاروق شيالي، تعود إلى سنة 1970 ويشغل حاليا هذا الرجل منصب مدير عام للصندوق الوطني لدراسات المشاريع الكبرى التابع لوزارة المالية، كان الوزير عمار غول قد أنهى مهامه في القطاع عند مجيئه للأشغال العمومية، حيث وجد ملف الطريق السيار جاهزا. فوجد فاروق شيالي نفسه بلا عمل لولا انتشاله من البطالة من طرف وزير المالية الأسبق مراد مدلسي لينصبه مستشارا لديه ثم مديرا عاما للمشاريع الكبرى. ولم تكن المراجعة في المناصب التي أجراها غول لدى توليه الأشغال العمومية، بخصوص فاروق شيالي الوحيدة آنذاك، بل كما هو معروف وشائع بين المسؤولين الجزائريين لدى تقلدهم المناصب، يجلبون معهم إطارات تصحبهم طيلة المدة التي يقبعون فيها على رأس قطاعاتهم. وتفيد شهادات أن غول تخلص من الكثير من الإطارات التي ورثها عن عمارة بن يونس، سواء في الوزارة أو في المديريات الولائية، ولتغطية تلك الحملة التي جرى بشأنها آنذاك حديث في الكواليس أنها تستهدف “القبايل"، عيّن إطارا اسمه عبروس سليمان من تيزي وزو مفتشا عاما، لكن الشهادات تفيد بأنه كان مجردا من الصلاحيات. ليلتفت بعدها إلى أمين عام الوزارة الذي وجده يتمتع بعلاقات قوية بسبب موالاة كثير من الإطارات له" وهم عموما من الفرانكفونيين الذين يجيدون اللغة التقنية للأشغال العمومية"، وكان لزاما على غول المعرّب القادم من حزب إسلامي - حسب محدثينا - أن يكسر هذه الأجواء بتعيينات جديدة لا يخفى على أحد أن كثيرا منها كانت لها علاقة بحركة مجتمع السلم التي ينحدر غول سياسيا منها. ... وتاريخ آخر عن بداية تجسيد الطريق السيار وتفيد المعلومات كذلك أن من بين ما يعقّد المحاكمة وقائع تفيد العدالة كثيرا، كأن تعود لأسباب الزيارة التي قام بها بيار فالكون صاحب شركة صينية تعمل في مجال الوساطات بين الحكومات صاحبة المشاريع والمؤسسات المنجزة لها، وهو حامل لجنسيات فرنسية وأنغولية وجنوب إفريقية وجواز دبلوماسي. هذه الزيارة كانت سنة 2006 بدعوة وتنظيم من وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس الدستوري محمد بجاوي، واحتضن اللقاء إقامة جنان الميثاق بحضور كل من وزير الطاقة السابق شكيب خليل وعبد اللطيف بن آشنهو ووزير القطاع عمار غول. كان هدف اللقاء أن يتم تحضير توليفة لجعل الطريق السيار ينجزه الصينيون مقابل تكلفة تبلغ 4.5 مليار دولار على أن يتم دفع مقابلها بترولا وليس مالا، إلا أن الشهادة تقول إن “شكيب خليل كان أعقل الحضور بإعلانه التريث في الدقيقة الأخيرة وقوله للمجموعة إنه على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أن يعلم بالأمر قبل اتخاذ أي قرار على مستوى الوزارات". كلام خليل لم يسقط في أذن صماء، فقد سبق عمار غول الجميع إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ليقنعه بضرورة تمويل المشروع وأن هناك مجموعة من المسؤولين تحاول تحييد المشروع عن مساره الحقيقيو وأن ذلك يعتبر صدقة جارية للرئيس بوتفليقة يستفيد منها الجزائريون. كانت هذه الكلمات لعمار غول التي أسرّ بها لمقربين منه، وهي الكلمات ذاتها التي حملت الرئيس بوتفليقة على وضع الثقة في غول لينفرد بالمشروع دون تدخلات زملائه في الحكومة ومحاولات منح الصفقة لأصدقاء أجانب. ليس هذا فحسب، ففي 2004 جرت محاولات من غول لإقناع الراحل الجنرال العربي بلخير، على خلفية قربه من الرئيس بوتفليقة، لإقناعه بأحد رجال الأعمال السعوديين لإنجاز المشروع إلا أن الراحل كان قد نصح غول بأن يحافظ على مستقبله واتقائه الشبهات كإطار في الدولة وجعل هذا السعودي يترشح لنيل الصفقة مثله مثل جميع المؤسسات الراغبة في ذلك. لكن هل عمل غول بهذه النصيحة؟؟؟ تبين معلومات مؤكدة بحوزتنا أن قضايا الفساد التي عرفها الطريق السيار بدأت من شطره (وسط-غرب) عندما ظهر المسمى شاني مجدوب كوسيط بين الشركة الصينية ومسؤولي وزارة الأشغال العمومية لعلاقاته بهؤلاء، بهدف الحصول على مزايا مالية غير مستحقة نظير تمكين الصينيين “سيتيك أرسي سي" من تسهيلات إدارية بطرق غير قانونية. وكان شاني مجدوب يقدم نفسه على أنه إطار من الأمن باستطاعته التأثير في المتعاملين الأجانب والمحليين معا، وهي الحلقة التي كانت مربوطة أساسا مع الأمين العام السابق للوزارة بوشامة الذي تذكر المعلومات بشأنه أنه استفاد من هدايا نظير تقديمه خدمات للصينيين عبر وسيطهم. كما يوجد من بين الحلقات المهمة عدو سيد أحمد تاج الدين الصديق الحميم للوزير عمار غول، وهو من مواليد ندرومة بتلمسان وصاحب شركة صيد للأسماك ببني صاف استفاد من تدعيمها خلال مرور عمار غول بوزارة هذا القطاع. كان شاني مجدوب - حسب وثائقنا - صاحب علاقة حميمة مع لاي زانق، ابنة الرئيس المدير العام للمجمع الصيني “سيتيك"، وطبقا لهذه العلاقة فقد أمضى على عقد للمجمع كمستشار ببكين على أساس أنه صاحب علاقات وطيدة بمسؤولين سامين في الجزائر، وأنه باستطاعته أن يكفل للمجمع الصيني حل كل المشاكل التي تعترضهم في مقاطع المشروع الذي هم بصدده في الطريق السيار شرق-غرب، ليتحصل على رشاوى ومبالغ مالية ضخمة في رصيده. وكان من بين مهامه حل مشاكل التأشيرات ووضع قواعد الحياة والضمانات البنكية وسقف الأثمان الخاصة بالمشاريع. ولمباشرة مهامه، لجأ المعني بالأمر إلى المدير العام لإقامة الدولة بنادي الصنوبر ليربط له علاقة مع الأمين العام للأشغال العمومية بعد أن كان قد حاول ذلك، أيضا، عبر وسيط أمني آخر برتبة عقيد. وبعد أن رتب شاني مجدوب العلاقات وفتح الباب أمامه لتسوية المشاكل للصينيين، عقد لقاءً في بكين بينه وبين مجمع “سيتيك" لمناقشة فتح شركات وهمية يتم من خلالها تحويل الرشاوى نظير تذليله للصعوبات لهم من خلال كبار بعض إطارات وزارة الأشغال العمومية، وهو اللقاء الأول الذي تسلم فيه الدفعة الأولى من المشاكل كاختبار لصحة ما يدعيه شاني مجدوب، قبض من خلالها حصة 350 آلاف أورو. فتوجه الأخير رأسا إلى الأمين العام لوزارة الأشغال العمومية قادما من بكين وبحوزته 10 ملايين دينار كهدية للشروع في حل ما يعترض المجمع الصيني من مشاكل في تجسيد المشروع، وعقب ذلك عاد شاني مجدوب إلى الصين لإبلاغ المجمع بأن عقباتهم ستزول، وأنه بلّغ بها مسؤولا كبيرا في وزارة عمار غول، ليضعهم أمام أمر الواقع بضرورة منحه 1.25 بالمائة من المبلغ الإجمالي لشطر الطريق السيار وسط-غرب على رصيد شركة وهمية تسمى “Sperit of eagle" وهي شركة مسيّرة من طرف شركة ائتمانية أخرى مقرها بهونغ كونغ تسمى “srhm" مختصة في تسيير رؤوس الأموال وخلق شركات وهمية والمحاسبة. وتمكن شاني مجدوب من رفع عمولته مع الصينيين مرة أخرى بنسبة 0.97 بالمائة من إجمالي تكلفة المقطع وسط-غرب للطريق السيار، علاوة على 1.25، الأولى بمناسبة قرار جديد وضعته وزارة الأشغال العمومية يتمثل في تسديد المجمع الصيني للمستحقات المالية للأعمال الاستثنائية للمشروع والتي لم تكن مبرمجة ضمن العقد الأول المبرم، وكان القرار صادرا عن المؤسسة الوطنية للطرق السيارة. كانت تلك الزيادة مهيأة لتصبّ في رصيد شركة وهمية أخرى تسمى “شوفيوت" تسيرها كذلك الشركة الائتمانية سابقة الذكر. مع زيادة مشاكل المجمع الصيني، التقى شاني مجدوب بالصديق الحميم لعمار غول، وهو عدو سيد أحمد تاج الدين ليتوسط له لدى مدير المشاريع الجديدة بوزارة الأشغال العمومية خلادي محمد، إلا أن الأمر لم ينجح وكان على شاني مجدوب انتظار فرصة وجود الأمين العام لوزارة الأشغال العمومية بوشامة محمد، على رأس وفد من المتربصين الجزائريين بالصين، ليلتقي به هناك ويبرز من خلال ذلك للصينيين قربه من المسؤولين الجزائريين لتزيد قيمته بينهم، وهي القيمة التي جرّت له زيادة في نسبة العمولة ب 1,87 بالمائة تضخ في رصيد شركة وهمية أخرى اسمها “أي بي أم". وتفيد المعلومات أن شاني مجدوب بلغت محصلة عمولاته في هذا الشطر من المشروع فقط 30 مليون دولار تم تقسيمها على الشركات الوهمية لتبييضها ومن ثمة إيداعها ببنوك في سانغفورة والنمسا على قسمين، هذا دون النقود التي استلمها نقدا المقدرة ب 11 مليار سنتيم على دفعتين، أولها “تم جلبها على متن سيارة خاصة واستلمها المعني على مستوى مكتب شركة “أوريفلام" بدالي براهيم وكانت مقدرة ب 4 ملايير سنتيم ذهبت منها 800 مليون سنتيم للشاب خالد لإقامته حفلات خاصة بشركته في كل من سيدي يحيى ورياض الفتح" تفيد وثيقة رسمية بحوزتنا. بعد ذلك أصبحت العلاقة بين شاني مجدوب وأمين عام وزارة غول وطيدة بعد أن كان الأخير يذلل كل الصعوبات أمام المجمع.. وهنا يطرح السؤال هل يمكن أن يكون الأمين العام للوزارة قد تدخل في كل هذا مما درّ عمولات طائلة على الوسيط دون أن يعلم؟؟ هل كان غول في الوزارة أم لا وملايين الدولارات تضخ من أموال الطريق السيار عبر بنوك العالم؟؟ تقول وثيقة من وثائق “الجزائر نيوز" إن شاني مجدوب كان في كل لقاء مع أمين عام وزارة غول لا يسعهم الحديث عن المشاكل السابقة، لأن مع كل لقاء جديد تكون المشاكل القديمة قد سوّيت نهائيا، وكان الأمين العام قد تدخل حتى في حل مشكل رفع التأشيرات للصينيين التي وصلت إلى 100 تأشيرة يوميا بدل 10 يوميا، ومشكلات نزع الملكيات التي تعيق سير الطريق السيار وحل مشاكل التزفيت والتربة المستعملة لتجهيز الطرق “TUF". فأين الوزير غول من كل ذلك، وأمينه العام الذي يُفترض أن يسّر المشاكل الإدارية للوزارة فقط؟؟؟ وزارة غول طبعت مع اليهود في الطريق السيار تفيد إحدى الوثائق أنه خلال الدور الذي لعبه الصديق الحميم لعمار غول عدو سيد أحمد تاج الدين، كوسيط لشركات أجنبية مقابل رشاوى في قطاع الأشغال العمومية، أن شاني مجدوب زاد احترام الصينيين له أكثر من أي وقت مضى منذ عمله معهم، بعد أن تمكن من إطلاق سراح رعيتين صينيتين يعملان في المجمع الصيني “سيتيك سي آ رسي سي" ألقي القبض عليهما بالجزائر وهما بصدد تهريب مبلغ مالي ضخم بالعملة الصعبة إلى بلدهما، وهي القضية التي جعلت عمولته من تكلفة المشاريع التي كان يحوز عليها المجمع الصيني في الطريق السيار شرق-غرب، جعلتها ترتفع إلى 5.3 بالمائة، ما يبرر تلك الملايين الدولارات المبيضة في بنوك عديدة عبر شركات وهمية في أرجاء العالم. هذا “الاحترام في عالم الأعمال بالجزائر" لم يكن يحظى به شاني مجدوب لوحده، بل تاج الدين كذلك، فقد سبق للأخير وأن كان محل ثقة شركات أجنبية تمنحه أموالا نظير التوسط لها في مشاريع وزارة الأشغال العمومية “كحصول الشركة الكندية مجمع SMI على عقد دراسة ومراقبة تقنية للأشغال العمومية مع الشركة الصينية “سيتيك سي أر سي سي" في مشروع إنجاز الجزء الغربي من الطريق السيار شرق-غرب". وتفيد الوثائق التي بحوزتنا أنه “في جويلية 2008 تنقل تاج الدين إلى باريس مقر الشركة الكندية لمقابلة رئيسها المدير العام ليزن بن أعروش، يهودي من جنسية كندية، اتفق معه على عمولة بنسبة 8 بالمائة من تكلفة العقد المقدر ب 11 مليون دولار، ويكون ذلك محررا ضمن عقد بينه وبين الشركة الكندية من طرف مكتب إداري بمدينة جنيف السويسرية، واستلم تاج الدين 2 بالمائة من قيمة الصفقة منحها له ممثل الشركة الكندية بالجزائر حبيب مرابط، وقد تم تحويل 350 ألف أورو إلى حسابه ببنك HSBC بجنيف". وكما كان ل شاني مجدوب تأثير في الوساطة، كان لتاج الدين تأثير أيضا على الوزير عمار غول، إذ تفيد وثيقة رسمية أخرى أنه قدّم للوزير غول في 2004 شخصا يسمى غزالي أحمد رفيق، “فقام بتعيينه في فترة قصيرة على رأس وكالة تسيير الطرق السريعة، فأصبح الأخير مصدر معلومات لكل المشاريع داخل الوزارة"، وهو ما فعله لما زوّد المسمى غزالي، صديقه تاج الدين عن وضع شركتين برتغالية وتونسية (كوبا وسيتوروت) إزاء عروض تقدمتا بها لنيل صفقات عمومية، وما كان إلا أن تكللت جهود صديق الوزير تاج الدين بنجاح ووعد مديرها كارلوس، بأن يمنحه فائدة قدرها 2 بالمائة. في 2008 يعرض عدو تاج الدين على الوزير عمار غول أن تنال شركتين كندية وفرنسية (SNC LAVALIN وIGIS) الصفقة، لكن الوزير يرفض العرض، إلا أن الشركتين نالتا صفقة مراقبة أشغال الطريق السيار في قسمه الشرقي بوساطة من ابن رئيس حركة مجتمع السلم وتحصلت الشركة الفرنسية على مراقبته من القسم الغربي بوساطة من رجل ثقة الوزير عمار غول، كما تصفه الوثائق التي بحوزتنا، والمسمى الحاج قويدري.. هل لغول ضلع في هذا المخطط الذي لا يبدو أنه مصنوع من صدفة؟؟ الإجابة نعم... لأن الوزير أمر تاج الدين عدو سيد أحمد بالسفر إلى فرنسا في شهر رمضان من السنة نفسها التي تحصلت فيها “إيجيس" الفرنسية على المشروع، وأمره بأن ينذر مدير الشركة ذاتها وبأن يوفي بدفع مستحقاته (مستحقات الوزير غول) وإلا سيقوم بترحيلهم من الجزائر، إلا أن كييزا مدير “إيجيس" كان قد دفع للوزير مستحقاته عن طريق شخص من ولاية الشلف يسمى الطيب (الوثيقة لا تذكر لقبه). وتفيد المعلومات أن تاج الدين لدى عودته من فرنسا حاول الاتصال بالوزير لمعرفة ما جرى بينه وبين مدير “إيجيس" الذي دفع له مستحقاته، لكنه كان غاضبا من التهديد الذي أرسله له، إلا أن غول لم يكن يرد على الاتصالات، ولم يعلم تاج الدين بأن غول كان قد تلقى نبأ وصول أمواله، إلا من صديقه غزالي أحمد رفيق الذي أوجد له غول منصبا على رأس وكالة الطريق السريعة، وقال له حرفيا “الوزير جد مرتاح لمشاركة “إيجيس" الفرنسية في صالون الأشغال العمومية لذلك العام (2008)، فاستنتج تاج الدين أن الوزير حصل على رشوته صافية. كل هذه الوقائع يُفترض أن تعطي صفة قضائية ما للوزير ضمن قائمة المتهمين في ملف الفساد الخاص بالطريق السيار، الذي تم تسييسه إلى أبعد الحدود واستغلاله في كل الاتجاهات، بينما لم يعرف مشروع كالذي ينقل الماء من عين صالح إلى تمنراست أي نوع من الاستغلال أو التوليفات رغم أنه المشروع الوحيد الجدير بتسمية مشروع القرن، إذا ما قورن بأمثاله من المشاريع عبر العالم، على ندرتها، عكس الطريق السيار الذي تعتبر الجزائر بإنجازه من آخر الدول التي تمكنت من شقّه، وما الجارتان تونس والمغرب إلا دليل على ذلك. تفيد المعلومات التي بحوزتنا أن فرار مدراء يابانيين وصينيين من شركات “سيتيك سي آرسي سي" و«كوجال" اللتان كانتا تنجزان الطريق السيار بعد أن شاع الخبر ببدء التحقيقات مطلع 2009 في ثمانية تُهم، سيجعل المحاكمة أكثر تعقيدا لو لن تطالب الجزائر بتحويلهما إلى المحاكمة، ويستبعد متتبعون للملف أن يحدث ذلك مع دولتين عملاقتين مثل الصين واليابان، خاصة وأن أمام هذين البلدين، مثالا، بريطانيا، يرفض إلى اليوم تسليم عبد المومن خليفة صاحب فضيحة القرن (الخليفة بنك) رغم الإدانة الواضحة والسيادية للقضاء الجزائري مع وجود اتفاق ثنائي لتبادل المجرمين والمتابعين. جدير بالذكر أن أولى التحقيقات التي انطلقت كانت تحت عنوان تُهم ثمانية هي تكوين جماعة أشرار، الرشوة، تلقي امتيازات غير مستحقة، تبييض أموال، استغلال النفوذ، الإهانة والتعدي على مؤسسات الدولة، التدخل في وظائف عسكرية ومدنية دون حق وتبييض العائدات الإجرامية. هذا، واتصلت “الجزائر نيوز" مرارا وتكرارا، بالوزير عمار غول من أجل أن تحاوره حول كل ما أوردناه من تفاصيل، لكنه جدد موقفه الخاص بامتناعه عن التصريح في الموضوع “كون الملف لدى العدالة"، بينما أثمرت اتصالاتنا مع دفاع المتهمين الرئيسيين في القضية بإمكانية الرد على أسئلتنا في الموضوع اليوم ومنها.. لماذا كل هذا التأخر في بدء المحاكمة في اعتقاد دفاع متهمي قضية الحال، وهل تحرك الدفاع لفك موكليه من الحبس الاحتياطي الذي تجاوز مدته القانونية، وإذا كان قد تحرك، كيف كانت النتائج؟ بالإضافة إلى سؤال جوهري هو ما محل عمار غول في نظر الدفاع من كل تلك الوقائع وهل ينوي الدفاع مساءلته؟ وهل سيطلب إعادة التحقيق؟ وهي الأسئلة التي قد يطلع القراء على إجابتها في الأعداد القادمة، مع الأستاذ شلغام جميل.