النضال من أجل قبول المهاجرين والتحسيس بمخاطر الهجرة غير الشرعية، هي المواضيع التي تناولتها الأعمال التي عرضت أول امس الثلاثاء في إطار مهرجان الجزائر الدولي للسينما المخصص للفيلم الملتزم. وفي إطار منافسة هذه التظاهرة عرض المخرج الفرنسي ذو الأصول الجزائرية رشيد جعيداني فيلمه “رونغان" الذي يبرز خصوصيات الفرنسيين المنحدرين من المهاجرين، في حين شارك المخرج السينغالي موسى توري بفيلمه “القارب" الذي حاز مؤخرا على جائزة التانيت الذهبي خلال الطبعة ال 24 للأيام السينمائية لقرطاج. ويروي فيلم “رونغان" الذي مزج بين الخيال والفيلم الوثائقي قصة “صبرينة" وهي فتاة مسلمة بيضاء البشرة و«دورسي" زنجي مسيحي قررا الزواج ليصطدما برفض عائلتيهما ومحيطهما. ويركز المخرج على قصة الزوج ليبين يوميات كل واحد منهما كما يعكس الاختلافات بين أوساط الجاليات المنحدرة من المهاجرين بفرنسا ونوع من العنصرية الموجودة بينهم بسبب الإختلافات الدينية والعرقية. من الناحية الفنية، ارتكز المخرج على “تبيان طبيعة هذه الجالية"، حيث أضفى على العمل صبغة الفيلم الوثائقي باستعمال تقنية “الكاميرا المحمولة على الكتف" التي “أخرجت الفيلم الطويل من طبيعته" برأي عشاق السينما الذين حضروا العرض والذين وجدوا أن الفيلم “لم يخرج عن المألوف". وفي سياق آخر، تم عرض “القارب" للمخرج السينغالي موسى توري الذي يتحدث عن الهجرة غير الشرعية وأخطار ركوب البحر نحو أوروبا. ويعكس الفيلم العديد من المستويات الالتزام السياسي والاجتماعي من خلال قصة قارب صيد يتوجه من السواحل السينغالية نحو جزر الكناري. ويروي هذا العمل السينمائي قصة باي لاي (قام بالدور سليمان ساي ندياي) وهو صياد طالما عارض فكرة ركوب البحر وما يحمل من أخطار، إلا أنه يجد نفسه أمام خيار حتمي ليقود قاربا وعلى متنه 30 شخصا من بينهم أخوه الأصغر الذي قرر تجريب حظه. وجمع موسى توري في قاربه أشخاصا من مختلف الأعراق والديانات ويتكلمون بلغات ولهجات مختلفة من أجل تمثيل كل القارة الإفريقية، حيث عمد إلى جانب إبراز مخاطر هذه المغامرة إلى تبيان الأسباب التي أدت بكل واحد منهم إلى اتخاذ قرار الهجرة. وبعد هلاك ثلاثة منهم خلال عاصفة بحرية يسكن الخوف نفوس باقي الركاب على اختلاف عقائدهم خاصة بعد نفاذ الوقود. وانتهز المخرج الفرصة ليرد على خطاب الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي الذي ألقاه بداكار في جويلية 2007، حين قال أن “الرجل الإفريقي لم يدخل التاريخ بالقدر الكافي"، حيث أعد موسى توري مشهدا لرجل يقول “الرجل الإفريقي سيدخل التاريخ بإمكانياته الخاصة". وإلى جانب تسليط الضوء على ظاهرة الهجرة غير الشرعية، كان الفيلم بالنسبة للمخرج فرصة لوضع القادة السياسيين الأفارقة “أمام مسؤولياتهم بخصوص الأسباب التي تؤدي بأولاد إفريقيا إلى الرمي بأنفسهم في البحر" ومنها بعث رسالة أمل إلى الشباب الأفارقة حتى يبنوا مستقبلهم فوق أرضهم الأم إفريقيا. وكان مهرجان الجزائر الدولي للسينما الذي خصصت طبعته الثانية للفيلم الملتزم قد انطلق، الخميس الفارط، لتتواصل فعالياته إلى غاية 13 ديسمبر.