يعد اللاعب الدولي السابق حسين ياحي من اللاعبين الذين شاركوا أربع مرات في نهائيات الكأس الإفريقية للأمم، بدءا من سنة 82 إلى غاية 1988، وهو بالتالي يملك خبرة كبيرة في هذه المنافسة، وقد حاولنا من خلال هذه الدردشة التطرق إلى بعض النقاط المرتبطة بهذا الحدث الكروي القاري الذي تجري حاليا فعاليات دورته ال 29. لنبدأ من لقاءي الإفتتاح كيف بدا لكم المستوى الفني للمنافسين؟ لقد كان لي الحظ بالمشاركة في عدة دورات نهائية لكأس إفريقيا للأمم مع المنتخب الجزائري، ولم يحدث لي أن شاهدت مستوى ضعيفا مثل الذي انفردت به مواجهتا الافتتاح بين جنوب إفريقيا وجزر الرأس الأخضر من جهة والمغرب ضد أنغولا من جهة أخرى. ولعل ما يجعلني متشائما من المردود الذي قدمته هذه المنتخبات هو أن الضعف كان في جميع الجوانب، وهو ما أتأسف له، وقد يعطي لنا الانطباع الأولي بأن النكهة قد تغيب عن هذه الدورة رغم أننا ما زلنا قي بدايتها، وكل ما أتمناه هو أن يتطور المستوى العام للدورة خلال اللقاءات القادمة. وفي جانب آخر، علينا كذلك الأخذ بعين الاعتبار أن بداية مشوار أي منتخب كثيرا ما تكون حذرة، لأن الذي يخسر المواجهة الأولى سيتأثر وتتعقد مهمته في بقية المشوار. على ضوء التقييم السلبي لهذه البداية، كيف تتوقعون أن يكون مستوى الدورة ككل؟ مع الأسف الشديد لقد وصلنا اليوم إلى حقيقة وهي أن النتيجة أثرت بشكل كبير على المستوى الفني للمواجهات بين المنتخبات الإفريقية، وهذا الأمر غير ايجابي وقد ينعكس على المستوى العام للكرة الإفريقية، إذ بغض النظر عن الأثر الذي تتركه مثل هذه العروض الهزيلة، فإن الضحية الأولى ستكون الجماهير الإفريقية التواقة لمشاهدة مواجهات مثيرة في نهائيات كأس إفريقيا للأمم على منوال ما حدث خلال الدورات السابقة، حيث كان الاندفاع الكبير والمستوى الفني الرفيع السمتين الغالبتين على أجواء هذه المنافسة. وبالعودة للسؤال لا أستطيع إبداء أي حكم مسبق على المستوى العام ونحن في بداية المشوار وارتفاع إيقاع المنافسة يبقى رهين ما تقدمه المنتخبات الحاضرة بجنوب إفريقيا، وكل ما أتمناه هو أن يتحسن المستوى مع مرور المقابلات لأن اللعب على وتيرة اللقاءين الأولين يعني أننا سنتابع أسوأ دورة لكأس إفريقيا للأمم. على ضوء كل هذه المعطيات هل يمكننا والحال كذلك ترشيح أسماء منتخبات للفوز بالكأس؟ انطلاقا من تجربتي المتواضعة في هذه المنافسة التي خضتها في أربع دورات كاملة، يمكنني القول إن المنتخبات الكبيرة انتهت، ولم يعد اليوم مجالا لتصنيفها طالما وأن المستويات باتت قريبة جدا من بعضها البعض، وهذا الواقع يجعلني عاجزا عن ترشيح المنتخبات التي بإمكانها البروز ونيل اللقب الإفريقي ال 29. إن الإشكال اليوم الذي يطرح هو أن مردود الأندية الكبيرة لم يعد كذلك، ومن جهة أخرى أبدت التشكيلات التي كانت تصنف في خانة الصغار إمكانات كبيرة واستطاعت أن تبرز بشكل لافت سواء تعلق الأمر بالتصفيات أو خلال الدورات النهائية. وكما قلت، يبقى أحد الأسباب الرئيسية في وصولنا إلى هذا الوضع هو أن الجميع بات يبحث عن النتيجة بدل الأداء، لذا اختفت العروض الكروية بعد أن أصبح اللعب مغلقا، وكل هذا سيحد من عزيمة المنتخبات للذهاب بعيدا. تشير الإحصائيات إلى تواجد أكثر من 170 لاعب إفريقي محترف في أندية أجنبية، غير أن ذلك لم يساعد المنتخبات على تقديم الأفضل، ما رأيكم؟ بصراحة هذا ما أتأسف له، إذ في الوقت الذي استفادت فيه كل المنتخبات الإفريقية الحاضرة اليوم بجنوب إفريقيا من لاعبيها المحترفين الذين ينشطون في أندية أجنبية عريقة، غير أن المستوى العام بقي يراوح مكانه، حيث لم تستطع هذه الفرديات إعطاء الإضافة اللازمة لتطوير اللعبة في القارة السمراء، بل وأكثر من ذلك فالمستوى في تراجع مخيف. ولعل غياب منتخبات مثل مصر والكاميرون عن هذه الدورة يعطي لنا نظرة واضحة عن تدني نكهة وقيمة اللعبة في هذه القارة. وإذا كانت هناك نقطة إيجابية في كل ما يجري حاليا وسط الكرة الإفريقية، فهي بدون شك تكمن في التطور الذي بلغته بعض البلدان الضعيفة كرويا، حيث أبانت في العشرية الأخيرة إمكانات معتبرة وباتت في نفس مرتبة أقطاب الكرة الإفريقية السابقين. هل نفهم من كلامكم أن عنصر المفاجأة وارد كذلك على ضوء ما حدث في الدورة السابقة؟ هذا الأمر وارد جدا، إذ من الممكن جدا أن تشهد هذه الدورة بعض المفاجآت في ظل تدني المستوى العام، حتى إن كنت ونحن في بداية الدورة لا أملك نظرة واضحة وموضوعية عن إمكانات كل تشكيلة، غير أنني أقول إن عنصر المفاجأة قد يحدث في هذه النهائيات. في خضم كل هذه المعطيات أين يصنف ياحي موقع التشكيلة الوطنية في هذه الدورة؟ أولا أنا كجزائري ولاعب قديم في المنتخب الوطني يحدوني تفاؤل كبير في ذهاب الكرة الجزائرية بعيدا في هذا الموعد، بالنظر إلى مستوى المنتخبات الحاضرة وكذا الإمكانات الكبيرة التي سخرت للخضر والتحضيرات الجيدة التي استفادوا منها، وهو ما يجعل إمكانية بلوغ منتخبنا أدوار متقدمة واردا جدا، لأننا بصراحة نملك اليوم فريقا متوازنا واستراتيجية لعب ومعنويات مرتفعة داخل التشكيلة، وكل ما أتمناه هو أن يكون الجميع في الموعد. إذا اعتمدنا على معطيات المنافسة في بداية هذا الحدث الكروي الإفريقي، هل تتوقعون حضورا جماهيريا كبيرا؟ إذا اعتمدنا على ما شاهدناه خلال لقاءي الافتتاح والحضور المحتشم للجمهور، أعتقد بأن نقص السند الجماهيري سيؤثر على مجريات المنافسة ومردود التشكيلات الحاضرة، فلا يخفى على أحد الدور الذي تلعبه الجماهير في مساندة منتخباتها وتشجيعها على العطاء وتقديم الفرجة، وقد عودتنا الجماهير الإفريقية على متابعتها الكبيرة والمساندة المتناهية. كلمة أخيرة حول المستوى الذي سيظهر به التحكيم في هذه الدورة؟ لا أحد ينكر التقدم والتحسن الذي سجله التحكيم الإفريقي في السنوات الأخيرة مقارنة بأدائه في الماضي، وكل ما نتمناه هو أن يواصل صحوته لأنه في الأخير يعد طرفا مهما في المعادلة الكروية الإفريقية.