سقط رأس أويحيى وسقط بعده رأس أبو جرة وسقط قبلهما رأس دادا سعدي والدا الحسين ولكن رأس بلخادم بقي معلقا مثل القط أبو سبع أرواح. ومع كل سقطة وسقطة لا نفهم كيف يصبح هؤلاء الذين كانوا يساندون ويتحالفون ويعارضون ويتعارضون في خبر كان، وننتظر من سيخلفهما على رأس الأحزاب التي كانوا يرأسونها. وبلغ الأمر بالعارفين في سوق القيل والقال، إلى القول إن ما يحدث في الأفلان من هوجة كان مرسوما بدقة حتى يزعزع ويخيف بقية الزعامات التي أرادتها السلطة أن تتنازل بنفسها عن رئاسة أحزابها وتخرج فارغة اليدين من اللعبة، خاصة أن وقت الصح قد حان وكرسي المرادية راه فاللعب. وإلا كيف نفسر تطاول نورية حفصي على أويحيى وخيانة الغول لسلطاني، وكيف يمكن أن نقرأ ما حدث لهما سوى أن السلطة أرادت أن تتخلص كعادتها من الذين أصبحت لا تراهم يناسبون المرحلة. لكن المضحك والمبكي، في الوقت نفسه، هو أن كل شيء عندنا يمشي بالمقلوب وفي الوقت الذي كنا نتصور هذه الزعامات الحزبية ستقاوم أكثر من أجل البقاء والصراع والتنافس على تداول السلطة، كما يحدث في كل دول العالم، حدث العكس ورأيناها تنسحب تحسبا لكارثة ما وتنكمش أمام السلطة التي أصبحت على ما يبدو لا تطاق. هل من حق هؤلاء الانسحاب بهذا الشكل المفاجئ والمخيف؟ هل هو انسحاب الشجعان أم هو انسحاب الجبناء؟ لا يهم الجواب بقدر ما يهم أن عجينة السلطة التي عجنت كل هؤلاء ستعجن غيرهم ولكن الأكيد أنهم سيكونون أضعف بكثير من الذين سبقوهم.