لم يسبق لقاسة عيسي أن تحدث بكل هذه الصراحة، خاصة وأن ذلك يأتي، عشية انعقاد دورة اللجنة المركزية، التي ستقرر مستقبل الأمين العام عبد العزيز بلخادم على رأس الأفالان، هذا نص الحوار الذي أجريناه معه أمس. أول عقبة ستواجهها دورة اللجنة المركزية هي إصراركم على منع محمد الصغير قارة والهادي خالدي من المشاركة بسبب تجميد عضويتهما في اللجنة وإصرار خصوم بلخادم على إشراكهما لأنهما في نظرهم عوقبوا قبل مثولهما أمام لجنة الانضباط؟ نقول إن هذين العضوين تم استدعاؤهما مرتين ولم يستجيبا وبالتالي جمدت عضويتهما، أما العضو الآخر وهو نائب برلماني فإنه امتثل وتمت تبرأته وهو ينشط بشكل عادي، أما أن يقولا أنهما لم يتم استدعاؤهما فأعتقد في حالتهما، لا يوجد من يجهل وضعه تجاه حزبه، فلما تم مداولة الملف في إطار عرض حال، تمت المصادقة عليه من طرف اللجنة المركزية، والصوت والصورة موجودان، وبالتالي وجدا نفسيهما بقوة القانون مجمدي العضوية. ولكن في حالة مجيئهما للمشاركة؟ ماذا يكون في نية عضو مجمد عندما يأتي إلى دورة غير معني بها قانونا؟؟ لن يدخلا إلى القاعة. هناك مسألة أخرى. تنظيميا تقول التقويمية إن القانون الأساسي يمنع تسيير دورة اللجنة المركزية من طرف محضرين قضائيين ويتحفظون على هذه الخطوة؟ فليحرروا تحفظهم ويرفعوه لمكتب الدورة. ثم أنا أتحفظ على مصطلح التقويمية واعتبرهم إخوانا لنا، والمحضرون القضائيون لن يسيروا الدورة بل سيعاينوا مجرياتها فقط مادام هناك صراع وخاصة مع برمجة الاقتراع السري، أما التسيير فمن مهام الأمين العام، فالدورة قد تشهد تغيير المكتب السياسي. هل سيكون مكتب تسيير دورة مشترك بين جناح بلخادم وخصومه؟ من العادة أن تكون هناك استشارة لتكوين المكتب. لكن هل صيغة مكتب مشترك تبناها المكتب السياسي؟ لن تكون هناك لجنة تسيير، ولن يكون مكتب بالشكل الذي تطرحه، لأنه في نظرنا الأمر يختلف عن الواقع الداخلي كما يرونه، هم. ثم كيف نفعل ذلك وقد يكون في اللجنة المركزية أعضاء محايدون، هل تقول لي نجعلهم ممثلين أيضا.. من هذا الجانب، الأمين العام حسم الأمر. ليست هناك أطراف تعكف على التفاوض الآن حتى يكون مكتب مشترك، عملية تسيير الانتخاب واضحة. أمنيا كيف حضّرتم للدورة؟ هذا من شأن المصالح العمومية، وفي كل الدورات من العادي إبلاغ الأمن بها لأنها تحتاج لترخيص من الولاية. أنا أقصد، هل سيتم الاستعانة بمصالح أمنية “غير عادية"، الجميع كان شاهدا على حضور الأمن الرئاسي في الدورة الماضية؟ كل المؤسسات المعنية بالموضوع هي التي تتكفل وهذه أمور لم تعد تعنينا بما أنه تم إبلاغ وزير الداخلية ومصالح الأمن. هل قاسة عيسي له مؤاخذات على الأمين العام عبد العزيز بلخادم في تسيير هذه الأزمة؟ أريد أن أؤكد بصفة رسمية أن الأمين العام اتخذ قرارات كان أعضاء المكتب السياسي شركاء فيها. حتى في أزمة بلخادم - التقويمية؟ بما فيها هذه الأزمة، نعم. تريد القول أن بلخادم لم يتخذ أي قرار فردي منذ أن وضعك المؤتمر التاسع في المكتب السياسي؟ القرارات التي كان يتخذها بلخادم يُبلّغها للمكتب السياسي. قضية قوجيل محيّرة بالنسبة للبعض، كيف التحق بصف بلخادم بعد أن ارتكب كبيرة من الكبائر التنظيمية وهي ترأسه لجبهة تحرير وطني موازية؟ ليس من حقي تقييم مواقف قوجيل لتربيتي في مدرسة خاصة اسمها احترام المواقف. قوجيل كان لديه تحفظ على بعض المجريات في المؤتمر التاسع فقط، وقال إن الظروف لم تكن ملائمة وعليه، يجب الابتعاد. وموقفه مسجل بالصورة والصوت، أما ما جاء على لسانه في الجرائد بعد ذلك، فمن حقه، وما يؤاخذ على المجموعة هو تنصيب إطار موازٍ. إذن لماذا لم تحاسبوا قوجيل أمام لجنة التأديب رغم ترأسه إطار موازٍ، وهو أمر فظيع، وتجمدون عضوية الهادي خالدي وقارة لمجرد تصريحات في الجرائد؟ حاسبنا الذين كانت تصريحاتهم أكثر حدّة، وبعد ذلك 17 عضوا غابوا عن اللجنة المركزية، وبدأوا تنصيب هياكل موازية، ومن ثمة نعتبر أن المسألة خرجت عن إطار جبهة التحرير. أنت لم تجبن قاسة، أريد أن أفهم لماذا تحاسبون الخالدي وقارة على صغيرة، ولا تحاسبون قوجيل على كبيرة؟ سأحاول إفهامك. لقد كان لدينا عمل متواصل للإصلاح وعندما تتعدى بعض القضايا حدودها في حزب مثل الأفلان، يصبح الإطار التنظيمي غير صالح لمعالجتها. ولكن لماذا لم تشملوا الخالدي وقارة بهذه النظرة وجعلتموها تصلح فقط لقوجيل؟ إجرائيا، كان ملف قارة والخالدي قد تم، والتراجع لم يكن مطروحا. بما أن الأمر كذلك، لماذا لم تلحقوا صالح قوجيل بما شمل الخالدي وقارة حتى لا يظهر أنكم تعاملتم بالكيل بمكيالين؟ فليطرحوا الأمر إذن في اللجنة المركزية وستعرف الإجابة.. أنا منحت لك السرد التاريخي للقضية. وأمر آخر، هناك من طالبوا بإحالة قوجيل على التأديب حتى لا نكون مجحفين في حق من طالبوا بذلك. ماذا عن الوزراء.. أنت قلت لي قبل الحوار سأرفع التحفظ وأقول كل شيء، هل تحرك الوزراء الثمانية كان أمرا عاديا بالنسبة لكم في المكتب السياسي؟ زياري تحدث داخل الإطار رغم نشره للرسالة، ولكنه بقي يعبّر عن رأيه داخل الإطار ذاته، أما المفاجأة فقد جاءت من باقي وزراء المكتب السياسي الذين اقترحهم الأمين العام ليكونوا إلى جانبه. بالنسبة لي لقد أخطأوا خطأ تنظيميا ولم يكن من حقهم فعل ذلك، ولكن الخلفية لا أستطيع قراءة ما في الصدور. إذن أنت لا تفقه في السياسة إذا لم تستطع تحليل موقف اتخذه زملاؤك في المكتب السياسي عَشِرتهم لسنوات؟ بالنسبة لي التحليل هو ما كتبوه وما سيقولونه في الدورة، وهنا تنتهي المسألة بالنسبة لي. إذن بهذا توافق بلخادم الذي قال إن الوزراء صوروا للمناضلين بأنه يوحى إليهم؟ أنا من مدرسة قديمة، ماذا تريد أن أقول لك.. عندما نساند بلخادم لا نساومه وعندما نعارضه لا نخونه. تشير للوزراء؟ لكل من يساوم إذا ساند وإذا عارض خان. هناك وزراء لم يكونوا معروفين بصدامهم مع بلخادم كخوذري وبن حمادي ومساهل ولكنهم سحبوا منه الثقة، لماذا في نظرك؟ لم أعد أفهم شيئا. من كان معي في اجتماع حول رسالة وزير الداخلية يصحح في الفواصل “دار علينا".. ليس هناك بديل للأخلاق يا أخي. عندما ألتقيهم قد أسألهم. هل لك مؤاخذات على بلخادم طيلة الفترة التي قضيتها إلى جانبه بالمكتب السياسي؟ هل يوجد مسؤول لا يخطئ. مثلا؟ ربما ما أعتبره أنا خطأ قد يعتبره غيري عكس ذلك. ننتظر من عاتبوه بتلك الطريقة أن يذكروا أخطاءه في الدورة. أغيّر السؤال.. في نظرك، هل ارتكب بلخادم أخطاء زجّت بالحزب في وضعية حرجة في مرحلة من المراحل؟ تريد أن تقودني إلى قول كلام الإثارة وتدفعني إلى اعتبارك صاحب دعاية مغرضة؟ أنا أبسط لك السؤال وتسهيل الفهم لا أكثر؟ بلخادم يُسأل ونحن مسؤولون معه. أنت مع أو ضد الأمين العام. أنا معه كأمين عام مكلف بمهام ينص عليها القانون الأساسي للحزب والخط العام للجبهة، وهذا لا يعني بأنني أشاطره كل مواقفه في كل الأمور؟ ها نحن نعود للموضوع.. أريد منك مثالا، ألم تقل قبل بدء التسجيل أنه لديك تحفظات حول تنظيم الحزب؟ نعم لدي وجهة نظر. لم نعطَ العناية الكاملة كقيادة لتثبيت الهيكل النظامي للحزب. ليست لدينا بطاقية مركزية ولا زلنا نعاني من هذا الملف. بلخادم ضليع في هذا الفشل؟ لم نستطع إنجاز هياكل الحزب وبالتالي البطاقية.. في الأخير نحن نعبر عن وجهة نظر ممكن ألا تحظى بالقبول ورأي الأغلبية. وكانت لدينا معاناة كبيرة في الجمعيات العامة للقسمات. القيادة فشلت في تنظيم الحزب هيكليا، لماذا لا يدخل أفرادها إلى منازلهم وتفسح المجال لأخرى تلم شمل المناضلين؟ ترتيب بيت الحزب يتحمله 295 عضو اللجنة المركزية أشرفوا على عمليات تنصيب الهياكل. هناك من يرى هذا التوجه تمييعا للمسؤولية حتى يتم إسكات الغالبية؟ هذا خطأ لأنني أنا أحد الفاشلين في قسمة ديرة، بلخادم قال لي إذا كان الأمر يتعلق بقسمة واحدة في الولاية، فتجاوز الأمر. منذ 88 الأفلان يعرف أوضاعا ومحطات تعيشها البلاد ويتأثر بها وحتى من المؤتمر الجامع إلى غاية 2009 كانت محافظات كثيرة غير منصبة، وبالتالي المسألة لا تقتصر على هذه العهدة فقط. هل لديكم معلومات عن احتمال حضور عبد القادر حجار، عبد الرزاق بوحارة، بونكراف مثلا؟ الحضور إرادي، وكل أعضاء اللجنة المركزية معنيون بالدعوة. هل وجهتم دعوة لرئيس الحزب؟ في القانون له صلاحيات طلب دورة طارئة، وبالنسبة لنا هو جهة تتلقى عروض الحال والتقارير. هو عضو اللجنة المركزية آليا؟ نعم بطبيعة الحال لأنه منتخب مباشرة من طرف المؤتمر. وهو محسوب ضمن 351 أيضا؟ بطبيعة الحال. في هذه الحالة لم يحضر الرئيس كعضو اللجنة المركزية أي اجتماع (يُقاطع) تريد الوصول إلى سؤال لماذا لم تجعلوه يمثل أمام لجنة الانضباط. بأجوبتك السالفة هو قابل للمحاسبة؟ الرئيس رئيس جمهورية وأمام القانون الأساسي رئيس شرفي بصلاحيات؟ لقد قلت لي إنه ضمن تعداد أعضاء اللجنة المركزية؟ لا، هو خارج التعداد (ينقلب على إجابته) وهو منتخب من طرف المؤتمر. هل لديه حق التصويت مثلا في الحالة التي تعرفها الأفلان اليوم، ماذا لو فاجأكم الرئيس غدا بحضوره وأراد الاقتراع، هل تسمحوا له بالاقتراع أم تقولون له ليس من حقك ذلك؟ لا تقحم الرئيس في مثل هذا الأمر. وهذا الافتراض غير وارد. ولكنكم تقحمون الرئيس في الصراع برفع التقارير له حول الوضعية وهذا ما تصرحون به دوما؟ ما أعرفه أننا نرفع له تقريرا شاملا في كل دورة وعلاقته بنا هي عبر الأمين العام، وأنا لا أجيب على افتراض الرئيس له صلاحيات ويوجه الأمين العام. ما هي توجيهاته للأمين العام بخصوص هذه الدورة؟ الدورة هذه مجرد تفصيل صغير لا ترقى لتوجيهات. لكن هناك صراع حكومي حزبي بسبب الأفلان وتقول بأن الدورة تفصيل صغير؟ هذه مغالطة، ولو قالوا ذلك سنجيبهم. أنا ضد الفكر الانقلابي. كم بقي من عضو في هيئة الحكماء؟ هناك جماعة يرأسها بوعلام بن حمودة وأخرى من الوسطاء. هل ستلعب إحداهما دورا في الدورة؟ لا أعتقد لأننا وصلنا إلى بيت القصيد وهو الصندوق وبالتالي لن يكون التأويل. أكرر السؤال.. ما هي مؤاخذاتك على بلخادم؟ عادة أقولها له العين في العين وفي الأطر النظامية ولكن الغير هو الذي يشهد على شجاعة ما قلته له ولتسأل من تريد، وبلخادم لم يكن يوما ضد الحوار. ليس مرة أو مرتان.. آخذت عليه في كثير من الأمور. أخذها بعين الاعتبار؟ عندما تكون في الأقلية الأمر يختلف، ولكن اعطيك مثالا قلت لبلخادم أن الصندوق يجب أن نذهب إليه طبقا للقانون الأساسي برفع الأيدي لنبقى نحترم القانون كما هو منصوص عليه في مادة من مواده، ولكن الرأي كان الذهاب إلى الصندوق مباشرة لأن القضية تجاوزت الأمور التنظيمية. إذا تخرقون القانون؟ هذه وجهة نظري.. لأنه في الدورة الماضية تم تأويل نية الأمين العام وقيل أنه ضد الصندوق، وهو محضر للعملية. ولكنها وجهة نظر لم تحظ بالقبول وليست مسألة بلخادم خرق القانون، بل الظرف يفرض ذلك في نظرهم. هل هناك من جاء إلى الحزب بطرق ملتوية؟ الهادي خالدي لم يكن مناضلا وجاء للحزب في 2002 بمناسبة الجامعة الصيفية ثم بعدها عينوه وزيرا، فأصبح يسمى قياديا. لماذا لا تقول ذلك عن لوح الذي يقال أنه قيادي بلا 10 سنوات نضال؟ لأنه كان قاضيا والقانون يمنعه من التحزب. لكن لم يكن مناضلا حتى قبل أن يكون قاضيا هناك أناس جاءوا إلى الأفلان بصفتهم معينين كوزراء وتحولوا إلى قيادات في الحزب. هل ظاهرة المال الفاسد موجودة بينكم في الحزب؟ هناك المال الفاسد الظاهرة موجودة ولكن يصعب إثباتها، وكيف تفسر أن أحدا يصبح عضوا بمجلس الأمة وهو ليس صاحب نضال لا في جمعيات ولا في أحزاب. ولكن الأمين العام مسؤول على دخول هؤلاء للمؤسسات التشريعية؟ في بعض الأحيان تنتخبهم القواعد وهناك بعض المسؤولية عليها. ولكن لماذا لا يعترض عليهم بلخادم، وهل بلخادم لم يراهن على أحد أخطأ فيه. ممكن أن يكون قد وقع معه ذلك، ولكن تريد أن تقودني بحتمية إلى تصريح الإثارة. وفيه آليات لتطهير أصحاب المال الفاسد ولكن لم نحقق الهدف. لكننا في مرحلة مكافحة الفساد، كيف لا تركزون جهودكم على ذلك؟ أنت لا تعلم بما يحدث في القسمات، يأتون بإخوان يمنحون لهم بطاقات وعندما تفقد آليات الرقابة، تحدث هذه الأمور.