في خضم الجدل الذي يدور حاليا حول المشاركة الكارثية للمنتخب الوطني، وما خلفته من ردود فعل متباينة في الوسط الكروي ولدى المختصين والتقنيين، قدم الثلاثي حميد زوبا، عبد الرحمان مهداوي ومزيان إيغيل وجهات نظرهم حول خرجة المنتخب الوطني، وخلفيات مغادرته المنافسة في الدور الأول من خلال حضورهم إلى فوروم جريدة “المجاهد". رغم أن تدخلاتهم كانت مقتضبة إلا أنهم حاولوا تشريح الاخفاق وفق معطيات موضوعية رافقت سفرية الخضر إلى جنوب إفريقيا. في البداية أخذ المدرب حميد زوبا الكلمة ليؤكد على أن حضوره لم يكن من أجل التهديم بقدر ما سيحاول إعطاء وجهة نظره: “لسنا هنا للمحاكمة أو بهدف التهديم، بل من أجل إعطاء آراء حول الفشل الذي منيت به كرتنا في الخرجة الإفريقية وهذا حتى نقيم الوضع، وانطلاقا من ذلك، فإن العودة الى حيثيات المشاركة الجزائرية في الكأس الإفريقية تهدف أساسا إلى تبيان بعض الحقائق، كما لا يمكننا الحديث عن الكرة الجزائرية دون أن نعرج على التجربة الاحترافية في بلادنا، وهنا يبدو لي أن الفاف اهتمت أكثر بالمنتخب الوطني وغضت الطرف عن التكوين، إذ كان عليها أن تهتدي إلى مقاييس الاحتراف، وهذا الوضع يدفعني إلى إثارة نقطة في غاية الأهمية وهي أن كرتنا باتت اليوم تعتمد على ما تجود به الأندية المحترفة الأوروبية، وبالمناسبة علينا أن نشكر هؤلاء اللاعبين". أما المدرب مزيان إيغيل، فقد ركز خلال تدخله على المردود العام الذي قدمه منتخبنا بجنوب إفريقيا: “مثل بقية الجزائريين، فقد تابعت اللقاءات الثلاثة التي أجراها الخضر وحاولت فهم أسباب الإقصاء المبكر، وخلافا ربما لبعض الآراء، فقد رأينا منتخبا في طور التكوين أظهر بعض النقاط الإيجابية والسلبية في آن واحد، ورغم أنني كنت انتظر نتائج إيجابية لكنه عجز، والأمر لا يمكن وصفه بالأسوأ، حيث ظهرت بوادر إيجابية في الفريق، وبالمختصر أقول إن منتخبنا لم يكن مستعدا وجاهزا لخوض هذه المنافسة من هذا الحجم لأنه خرج بنقطة واحدة نتيجة أخطاء دفاعية وفردية وسوء قراءة اللعب، الأمر الذي انعكس على المردود العام للفريق". منتخبنا لم يكن مستعدا ل “الكان" وفي سياق آخر، خصص المدرب عبد الرحمان مهداوي تدخله للحديث عن الأهداف التي سطرت يوم أسندت العارضة الفنية للمدرب حليلوزيتش: “مع مجيء هذا المدرب كان الهدف هو الوصول إلى الدور نصف النهائي والتأهل إلى المونديال، لكن حدثت عدة أخطاء وظهرت نقائص حالت دون بروز منتخبنا، ودعني أقول إن منتخبنا لم يكن على استعداد تام لحضور العرس الإفريقي، كما أن الحصيلة الرقمية جاءت سلبية على طول الخط، حيث لم نحصد سوى نقطة واحدة وسجلنا هدفين وتلقينا خمسة أهداف، وقد بدا لي خط الدفاع ضعيفا". وعاد المدرب مهداوي للتصريحات التي أدلى بها حليلوزيتش قبيل انطلاق التظاهرة الإفريقية، حيث أشار إلى أن الإقصاء في الدور الأول لا يعد مفاجأة بالنسبة إليه، وهو ما يعني بأنه لم يكن واثقا من تحقيق الأهداف التي سطرت له: “مشاركتنا في “الكان" أبانت عن مستوانا الحقيقي، وإذا كان هناك طرف يتحمل مسؤولية الإقصاء، فهو المدرب في المقام الأول ثم يأتي الدور على رئيس الفاف محمد روراوة وأخيرا اللاعبين". «ورغم كل ما حدث فإن مهداوي لا يعتبر المشاركة اخفاقا، لأن تركيبة منتخبنا تغيرت بذهاب فرديات وقدوم أخرى، وحتى أعيد للأذهان مستوى منتخبنا، علينا العودة إلى لقاء مالي الذي خسرناه ب (1 - 2) في إطار تصفيات المونديال، وأعتقد بأنه منذ ذلك التاريخ بدأت الشكوك تحوم حول المستوى الحقيقي لمنتخبنا". وتحدث مهداوي عن تغير الأهداف عند وصول المنتخب الوطني إلى جنوب إفريقيا. التحلي بثقافة الاخفاق ورغم اختلاف وجهات نظرهم في الشكل، إلا أن المتدخلين أجمعوا على حقيقة واحدة وهي أن ما قدمه منتخبنا الوطني لم يكن وليد الصدفة، بقدر ما ارتكز على أفكار المدرب الوطني والاستراتيجية التي اعتمد عليها على نحو ما ذهب إليه ايغيل عندما ركز على المردود الميداني: “لقد رأيت منتخبا عجز عن الاحتفاظ بالكرة، وعندما نتحدث عن انعدام الانسجام، فإن أحد شروطه هو أن نتعلم كيف نحتفظ بالكرة، وعندها فقط يمكننا الحديث عن مشاركة إيجابية، وبالتالي الطموح إلى تحقيق نتائج طيبة، وفي هذا المجال أرى بأن منتخبنا ما يزال في طور التكوين وأن منتخب تونس أو الطوغو يملكان تجربة ولعبا بطريقة ذكية، وكان بإمكان منتخبنا انتهاج أسلوب لعبهم لأننا لا نملك تشكيلة تصنع اللعب، وما حدث هو أن لاعبينا لم يتمكنوا من تطبيق أفكار المدرب". وتبعا لهذا الطرح، يرى المدرب حميد زوبا بأن خصومنا استغلوا الطريقة الهجومية التي لعبنا بها (عقيمة)، وفي هذا المجال تبقى الأرقام التي قدمت بخصوص لمس منتخبنا الكرة 500 مرة لا فائدة منها، طالما وأن النتيجة جاءت مغايرة لمنطق هذه الحقائق. وختم مهداوي الحديث بالتركيز على أن ما تعلمناه ربما خلال هذه الدورة هي ثقافة الاخفاق: “منتخبنا استفاد من كل الامكانات وسخرت له أموال كثيرة، وبالتالي علينا أن نتقبل هذا الاخفاق والاستفادة منه مستقبلا مع ضرورة تحديد الجوانب الإيجابية والسلبية، وأنا صراحة استنتجت نقطة واحدة، وهي أننا بدأنا نستوعب ثقافة الاخفاق، وفي كل الأحوال علينا أن نحترم فلسفة المدرب الوطني وأفكاره وقناعاته".