رغم أننا في نهاية 2010 ورغم كل الدروس والأخطاء والتجارب التي مرت بها الكرة الجزائرية إلا أن غياب المنهجية السليمة في العمل هي السمة الغالبة لكون منتخبنا الوطني لا يزال يقع في فخ نتائجه وربطها بالمسؤول عن عارضته الفنية، أي حصر كل مشاكله في الأشخاص لا نتاج سياسة بعيدة الأهداف والمدى ومنذ الاستقلال يبحث المسؤولين عن “الخضر” عن رأس تمسح فيه الخيبة وعادة ما يكون المدرب هو كبش الفداء وفيما يلي عودة بالذاكرة لأهم الأسماء التي دخلت من الباب وخرجت من النافذة...؟ إبرير وخباطو فتحا الطريق للمدرب الأجنبي ولد المنتخب الجزائري لكرة القدم بتاريخ 16 أكتوبر 1962 بوهران بشهادة زهاء 15 ألف متفرج، حيث لعب وقتها وديا أول مباراة له في تاريخ الجزائر المستقلة ضد نادي نيم الفرنسي، وكان “الخضر” وقتها بقيادة قادر فيرود الذي قاد المنتخب في 3 مباريات أخرى قبل أن يترك مكانه للثنائي إبرير وخباطو اللذين تداولا على المنتخب خلال النصف الأول من فترة الستينيات دون أن يتمكّنا من قيادته للنتائج المطلوبة وهو ما فتح المجال للفرنسي لوسيان لوديك. لوسيان لوديك أول أجنبي قاد “الخضر” بدا المنتخب الجزائري مع المدرب الفرنسي لوسيان لوديك الذي هو أول أجنبي قاد “الخضر” أكثر نضجا، ففي أول مباراة لهذا المدرب يوم 18 نوفمبر 1966 حقق فوزا عريضا على حساب الاتحاد السوفياتي بأربعة أهداف مقابل واحد وقد سجل للجزائر بروجي، سيريدي وثنائية من حشوف. وسمحت هذه الانطلاقة الناجحة برفع المعنويات والتألق في تصفيات الكان 1968 والتأهل لأول مرة للعرس الإفريقي، لكن فشله في تحقيق نفس الإنجاز في تصفيات مونديال 1970 حيث أقصي على يد المنتخب التونسي بعد خسارته ذهابا داخل القواعد 1-2 ثم اكتفائه بالتعادل السلبي في تونس مما يعني إقصاء “الخضر” وهو ما أدى أيضا للاستغناء عن خدماته ليخرج من النافذة. أقسى خسارة للخضر كانت مع لوديك قاد الفرنسي لوديك المنتخب الجزائري من 18 نوفمبر 1966 حتى 29 ديسمبر 1968 وخلال هذه الفترة كان لمنتخبنا أفراح لا يمكن تجاهلها كأول تأهل لنهائيات كأس إفريقيا وفيها حققنا أول انتصار في الكان ضد أوغندا وبأي نتيجة 4-0. لكن تحمل هذه التجربة أيضا خسارة بطعم العلقم حدثت بتاريخ 17 أوت 1967 ببوادبست ضد المنتخب المجري الذي اكتسحنا بنتيجة غنية عن كل تعليق 9-2. سعيد عمارة فاز بأثقل نتيجة وقاد العارضة الفنية في 14 مقابلة فقط عندما تقرر وضع حد لتواجد الفرنسي لوديك تقرر منح المنتخب لمدرب وطني وقد وقع الاختيار على السعيد عمارة كمدرب مؤقت نجح خلالها في ترويض أسود الأطلس وإقصائهم من تصفيات كأس إفريقيا ثم منحت العارضة الفنية للثنائي زوبا وبن تيفور. وقد عاد ابن سعيدة عمارة للإشراف على المنتخب في الفترة الممتدة من 27 ماي حتى 31 أكتوبر 1973 ووقتها حقق أثقل فوز للجزائر ضد جمهورية اليمن لحساب كأس فلسطين بنتيجة 15-1 وقد حدث هذا يوم 17 أوت 1973 ليؤكد أن أبرز إنجازات المنتخب تحدث دوما مع المدرب المحلي. سعدان فوق الجميع بمجموع 99 مباراة دولية حقق خلالها 40 انتصارا، 31 تعادلا و28 خسارة ونجح في تصفيات المونديال 3 مرات وشارك في العرس العالمي مرتين (1986 و2010) ونهائيات الكان 3 مرات (1986، 2004 و2010) وإشراف في 5 مناسبات متفرقة على “الخضر” كل هذه المعطيات تضع المدرب رابح سعدان على رأس مدربي المنتخب الجزائري منذ الاستقلال.. لكن سعدان دوما تخونه النهاية، ففي أول إشراف له على المنتخب فاز على بوركينافاسو بسباعية كاملة، لكنه في آخر خرجة له مع “الخضر” عجز عن الظفر بثلاث نقاط أمام تنزانيا، مما أرغمه على الرحيل ولو أن الحقيقة في قضيته هو أنه استقال شكلا وأقيل مضمونا...؟ الثنائي بوزيد وزيتون تألق في جاكارتا وفقط بعد المشاركة السلبية لمنتخبنا في مونديال مكسيكو 1986 كانت استقالة سعدان مطلبا شعبيا وقد تم منح مقاليد “الخضر” وقتها للثنائي بوزيد وزيتون اللذان أشرفا عليه لفترة وجيزة وخاصة بدورة الصداقة التي احتضنتها العاصمة الأندنوسية جاكارتا في وقت فقدت فيه الكرة نكهتها ببلادنا. لكن هذا الثنائي تمكّن من التتويج بلقب الدورة بتعداد شاب يضم الحارس شاطر، بلغربي، بوطمين، مدان...وجحمون. خالف... المدرب المحظوظ عندما نتطرق لأسماء المدربين الذين أشرفوا على المنتخب الوطني سنجد أن محي الدين خالف هو الأكثر حظا دون منازع، لكونه أشرف على المنتخب وهو في أوج قوته وبالضبط في نهائيات كأس إفريقيا 1982 بليبيا التي شاركت فيها الجزائر والعقول والقلوب في مونديال إسبانيا الذي بنهايته انسحب خالف ليترك مكانه لزوبا الذي أهّلنا لنهائيات كأس إفريقيا 1984، لكن فشله في مباراة الذهاب لتصفيات لوس أنجلس أمام الفراعنة أعاد خالف من جديد الذي قاد في نهائيات الكان ببلاد الفيلة وأكمل العام على مضض ثم انسحب في بداية عام 1985 ليترك مكانه لسعدان. رشيد مخلوفي الأب الروحي للكرة الجزائرية شهدت الكرة الجزائرية في النصف الثاني للسبعينيات نهضة كروية حقيقية كللت بميداليتين ذهبيتين في ألعاب المتوسط 1975 والألعاب الإفريقية 1978 وهذا ما فتح الطريق أمامها لصنع الملاحم في الثمانينيات، ويعود الفضل في ذلك للداهية رشيد مخلوفي الذي أسعد كل الجزائر بانتصاراته. لكن البساط سحب من تحت أقدامه بعد تأهله العسير وبركلات الترجيح أمام مالي في تصفيات أولمبياد موسكو 1980 ليخرج بطريقة أقل ما يقال عنها إنها غريبة جدا جدا. كرمالي أول من أمضى عقدا رسميا حوّل التتويج الوحيد للخضر بالتاج الإفريقي المدرب كرمالي لبطل قومي، مما جعل الفاف برئاسة عمر كزال وقتها تسارع لربطه بعقد لمدة 4 سنوات، وهذا سبْق في تاريخ الكرة الجزائرية. لكن الشيخ الذي كان عملاقا بعد “الكان 1990” ومع تأثر المنتخب بالمشاكل السياسية التي طفت على السطح مطلع التسعينيات تحول إلى قزم إثر نكسة زيغنشور 1992، لدرجة أن وزيرة الشباب والرياضة آنذاك ليلى عسلاوي لم تعترف بعقده مع الفاف وأمضت على إقالته. لعنة عنابة أسقطت لموي في 29 أكتوبر 1988 أسندت العارضة الفنية للمنتخب لكمال لموي وكان التأهل للمرة الثالثة على التوالي لمونديال إيطاليا 1990 هو الهدف والحلم. وبعد شهرين من التحضيرات شهدت فوزا عريضا على مالي بسباعية نظيفة دخل “الخضر” التصفيات بقوة وتمكّنوا من السيطرة على مجموعتهم التي ضمّت زيمبابوي وكوت ديفوار (مع تسجيل انسحاب ليبيا) بثلاثة انتصارات وتعادل وحيد في هراري، وكان وقتها لموي قد صرح بأن عنابة ستكون انطلاقته إلى روما.. لكنه في مباراة الدور الأخير ضد مصر فضل التغيير واللعب بقسنطينة التي منها تأهل “الخضر” إلى إسبانيا فحدث يوم 8 أكتوبر 1988 ما لم يكن في الحسبان، حيث تعادلنا سلبيا مع الفراعنة وهو ما جعل كل انتصارات لموي توضع في خانة النسيان ويخرج غير مأسوف عليه. مطبات في طريق ماجر يحسد العالم الجزائر لكونها أنجبت ظاهرة كروية اسمها رابح ماجر، الذي أشرف على المنتخب لفترتين. لكنه في كل مرة يجد نفسه مقالا، ففي المرة الأولى لخسارته ثم تعادله أمام تنزانيا وأوغندا على التوالي في تصفيات الكان 1996. ووقتها -يقول ماجر إنه سمع باقالته عن طريق الراديو وهو يتجول بسيارته في شوارع العاصمة أما في المرة الثانية فبسبب الحوار المزيف الذي نشر في جريدة بلجيكية قدمت اعتذاراتها فيما بعد لماجر لكن الفاف أصرت على شطب اسمه لحاجة في نفس يعقوب... فرڤاني نجح في تونس وأخفق في الجزائر يعد علي فرڤاني قائد ملحمة خيخون وبعد نهاية مشواره كلاعب تحول للتدريب، لكن الغريب أنه فشل في الجزائر سواء مع المنتخب أو الأندية وحقق نجاحات في تونس. وهنا يطرح الاستفهام حول سبب فشله عندنا ونجاحه عند الجيران...؟ إيغيل ومهداوي وقضية خروف إذا كان المدرب سعدان مؤخرا قد ركز على استقدام المحترفين أكثر من غيرهم، فإن الثنائي إيغيل ومهداوي ركزا على اللعب بالمحليين دون سواهم في تصفيات 1994 لكأسي إفريقيا والعالم (كل منهم على حدة) ورغم أنهما نجحا في تكوين فريق تنافسي، إلا أن الذئاب التي اصطنعت قضية خروف كتبت لهما الرحيل قبل إتمام عملهما وهو ما أدخل المنتخب بعد ذلك في فترة فراغ قاتلة. جداوي لم يصلح ما أفسده الدهر سحب البساط من تحت أقدام سنجاق كان بعد رواج مقولة أن العمل الأكبر يقوم به مساعده جداوي، الذي وصف في البداية بالعبقري من قبل كل وسائل الإعلام قبل أن يؤلف له الجمهور الهتافات التي تصفه بالمجنون التي أوصلت “الخضر” للخسارة بخماسية في القاهرة. الروسي روغوف أفضل أجنبي من ناحية النتائج إذا استعرضنا نتائج كل المدربين سنجد أن الروسي روغوف أفضل المدربين الأجانب لكونه قاد منتخبنا بنجاح في تصفيات مونديال 1982 رفقة مساعديه سعدان ومعوش ثم انسحب وعاد في نهاية 1986 ومعه أحرز “الخضر” على المركز الثالث في نهائيات الكان 1988 بالمغرب التي بنهايتها انتهى مشواره مع “الخضر” قبل أن يتوفى منذ مدة ليست بالبعيدة. فشل ذريع للمدرسة البلجيكية قدوم الحاج روراوة لرئاسة الفاف فتح الأبواب على مصراعيها للمدرسة البلجيكية، لكون روراوة يصر دوما على جلب مدرب يوصل بنفسه ما يريده للاعبيه وليس عن طريق وسيط أو مترجم. فجلب لنا المدعو جورج ليكنس الذي فضل الهروب ثم اكتشف روبرت واسيج الذي دفع المنتخب ثمن فلسفته الزائدة بخسارته بقواعده أمام الغابون 0-3 فطرد شر طردة. كافالي مر من هنا...؟ بدا كافالي مقتنعا جدا بالعمل الذي يقوم به مع “الخضر” الذين والحق يقال في عهده كان المستوى يسير من حسن إلى أحسن لكن “نكسة غينيا” التي تجرعها “الخضر” بقواعدهم علما وأن التعادل يكفيهم للتأهل إلى الكان 2008 والفشل الذي أصاب رفقاء بلحاج الذين انهزموا وتنازلوا عن تأشيرة التأهل كان كافيا لقصم ظهر هذا المدرب الذي كان يتمنى المواصلة والذهاب بعيدا لكن جاءت الرياح بما لا يشتهيه كافالي. سنجاق وليلة القدر لم يكن سنجاق ناصر سوى مدربا هاويا لفريق مجهري بفرنسا، لكنه وجد نفسه مشرفا أولا على “الخضر” عام 2000 وقادهم لربع نهائي الكان في ذات العام قبل أن تقرر الفاف تقديم تشكراتها له على خدماته لكون “الخضر” كانوا وقتها بحاجة لمدرب له طموحات أكبر. أيهما الأفضل المحلي أم الأجنبي؟ هذه القراءة السريعة في صفحات مدربي المنتخب الوطني توقفنا على حقيقة واحدة وهي أن النتائج هي مقصلة ومذبحة المدربين رغم محاولات التنويع من المسؤولين الذين يتعاقدون مرة مع المحليين وأحيانا أخرى مع الأجانب، ليبقى الاستفهام مطروحا: أيهما الأفضل المحلي أم الأجنبي؟ أم يجب الجمع بينهما كما فعلنا في فترات سابقة مع خالف ورايكوف ثم روغوف وسعدان...؟ وماذا يخفي لنا الحاج روراوة في مطبخه السري قبل الكشف عن المدرب الجديد الذي تنتظره مهمة كبيرة وتحديات أكبر؟؟