يعتبر الروائي والقاص والمسرحي كيم مونزو جوميز (1952) Quim manzo Gomaz من رواد المزج بين الواقعية والغرائبية عمل كمراسل لعدة محطات إذاعية وتلفزية، كما أنه يعتبر من أشهر الصحفيين الإسبان، يلقى عموده في صحيفة لافانجوارديا، إقبالا منقطع النظير من قبل القراء، من أشهر أعماله موضوع الموضوع، جوادا لاخارا، أجمل الأشياء في العالم وجزيرة ماينس بنزينة· ''تانجو دون خوان'' هو أول عمل تلج من خلاله عالم المسرح··· كل ما قمت به من قبل هو أنني ترجمت ثلاثية أغنية المشعل لها في فرنشتاين HARVEY Frenstein حيث تم أداء العمل على مستوى الركح في السنوات القليلة الماضية بعنوان موازي البوليروس الثلاثة (البوليرو رقصة إسبانية). بدأت قصة تانجو دون خوان Tango don juon على هذا النحو: اقترح عليّ في بداية 1986 دومينك ريكساش مدير المركز الدرامي جنراليتا العمل مع جيروم سافاري· لم يكن جيروم يستسيغ ما نقوم به بصفة عامة، حيث كنا نقوم بترجمة عمل لاقى نجاحا باهرا في فرنسا أو إيطاليا أو الولايات إلى اللغة الكاتالونية دون بذل جهد آخر· قمنا مع ساناري في فبراير بمدينة ليون برسم مخطط عام قمنا بتوسعه في برشلونة، التقينا مجددا في شهر أفريل، حيث قمنا بشطب ما يجب شطبه وتوسيع ما يجب توسيعه، والتقينا حوالي أربع مرات لدراسة العمل إلى غاية أوت، حيث قمنا بسياغة النص بأوشانيا، ثم بدأت التجريب في شهر سبتمبر، فبعد كل بروفات نقوم بتعديلات، كنا نعمل مثل الخياط· ربما لهذا قيل إن تاجو دون فوان لا يشبه مونزو الكتابة المشتركة تعني، فيما تعني، تقديم تنازلات، أن تتعلم كيف تتقبل من الآخرين، كيف تقدم الاقتراحات، إذا لم تكن هذه الأمور واضحة لدى واحد منا فالأفضل له أن لا يقبل العمل المشترك· ضحيت بأسلوبك الخاص من أجل العمل المشترك··· ليس إلى هذا الحد، فقد كنت مقنعا أن سافاري هو الشخص الآمر لأنه يدري جيدا ما هو المسرح، فكان هو المهندس وأنا البناء المكلف بناء النص، هكذا كانت اللعبة· هل قرأت كل نصوص ''دون خوان'' لتكتب نصك الخاص؟ طبعا، لا، قرأت ما يخدمني، استفدت من نص موليير وجوفاني بونتي Giovanni DA ponte (فحسب دو نيويورك تايمز الصادرة منذ شهور شاركه كاز نوفا في صياغة النص حيث زوده بالتفاصيل والنكت التي استقاها من أرشيفه الموسوم السيدات)، وكذلك اهتممنا بنص تريسو دي مولينا وبنص ذي زويرليا، أهم شيء اهتممنا به هو اللغة التي كانت بمثابة كابوس جاثم على صدورنا· بعض النقد أشار بالتحديد إلى مسألة اللغة، قيل إن النكت كانت بذيئة··· كان مسرح سافاري دائما على هذا النحو فهو يخرج بين الكآبة والانطواء على النفس، البذاءة، الحنان، النكت البذيئة، الرعونة ''الروح الشاعرية''· كل هذه الأشياء كان سافاري يقوم بجمعها في العمل الواحد، الكثير من الناس يدعي فهم الفرنسية وعندما يشاهدون عملا فنيا متوسط المستوى من الناحية اللغوية، يبدأون يتخيلون تلك الأمور التي لا يستطيعون فهمها، فيحاولون أن يجعلوا البذاءة أكثر شاعرية جاعلين منها لغزا· فهذا العمل هو أول عمل يقوم لسافاري ببرشلونة ولأول مرة يفهم هؤلاء الناس النص من البداية إلى النهاية· ألم تندم بولوج عالم المسرح؟ تعاملت مع عالم المسرح كما لو أنه عبارة عن منحة دراسية حتى أعرف ماهو المسرح من خلال الخطوات المتبعة، التغيرات، الروتوشات··· فالعمل الفني يتأسس من خلال كل هذا·· تعلمت كيف يتغير الريتم، النطق، تغير معنى الجملة· هل تعلمت من المسرح ما يخدم العمل الروائي؟ لا أدري، الكل سألني هل فتح التانجو شهيتي للكتابة المسرحية، لا أدري، لدى رغبة شددة في الكتابة القصصية··· أحبذ أن يساعدني هذا الأمر في إتقان الريتم في عدم سقوط عملية القصص في الاستسهال، في تغيير القالب، في إثارة المفاجأة عندما نتصنع في كتابة القصة نقع في التكرار· يحدث هذا أيضا في الحوار··· عندما أكتب قصة أو رواية لا أستطيع إقحام الحوار، فأنا لا أقحم الحوار في العملية الإبداعية إلا للضرورة· اهتممت بالقصة وخاصة القصة القصيرة جدا على حساب الرواية هل المسألة تتعلق بالزمن أو أنك تفضل القصة بدلا من الرواية، فأنت لم تؤلف سوى روايتين فقط· نحن نعيش في زمن يصعب فيه كتابة الرواية إذا قررت أن تكتب رواية فعليك أن تنعزل عن العالم لمدة ثلاثة أو أربعة شهور، لا تخرج بالليل ولا تلتقي إلا بعدد محدود جدا من معارفك، أو تذهب إلى قرية معزولة أو إلى بلد غريب لا تعرف فيه أحدا. أما إذا بقيت هنا ببرشلونة فعليك أن تتخلى عن الجلسات، أن تهجر الحانات حتى لا تشعر عند كل صباح بدوار حتى أن تفكر جيدا وأنت أمام آلة الكتابة، قرأت منذ مدة قليلة أن خوان بروسا joan Brossa قال أن الرواية هي موضة القرن ال ,20 إنها مقولة آمن بها آخرون لدفن الرواية إلى الأبد· فكل المقولات بخصوص اندثار عالم الرواية لم تصدق فلا تزل صادمة منذ ثلاثة إلى أربعة قرون من ظهورها، ورغم صمودها إلا أنه أضحى من الصعب قراءتها جيدة، لأنها تفرض مسألة المواصلة لدى قارئها، فأنا شخصيا أقضي مدة أربعة أشهر أو أكثر لقراءة رواية، فأجد نفسي لم أصل إلى النصف في حين أن ميزة الإختصار الذي ينفرد بها عالم القصة تجعلك متأقلما مع حيثيات هذا العصر المتميز بالسرعة، فأنت تستطيع أن تقرأ قصة وأنت تشرب الواتر WATER (مشروب كحولي) كما أنك تستطيع أن تقرأ قصة وأنت على متن الميترو· ما يحدث معك يشبه إلى حد بعيد ما حدث لبطل المحتجز، حيث لم يعد ذلك الشاعر الذي نال إحدى الجوائز قادرا حتى على القراءة بسبب كثرة الحوارات مع وسائل الإعلام واتساع دائرة علاقاته العامة· تقريبا هو كذلك· رغم أنك لم تنل جائزة مميزة··· القصة ألفتها حتى أنزع من رأسي تلك الفكرة القائلة بوجوب الاهتمام بأشياء عديدة حتى لا يبقى لديك وقتا لتقول ما كنت تنوي قوله. المشكل يكمن في معرفة متى نقول لا، هناك حل آخر وهو أن تكلف سكرتيرا بإبعاد الأشياء التي تحدث بالموازاة مع عملية التفكير في الكتابة والتي غالبا ما لا تترك لك الوقت الكافي لمواصلة عملك. فالشخص عندما يهم بالكتابة لا يتسامح أو يتساهل مع كل ما يعوقه عن الكتابة، فعندما يصل الاستنزاف إلى أوجه يستطيع الواحد منا أن يواجه الأمر ويقول لا حتى وأن كان هذا الشخص رجلا متسامحا متساهلا مثلي، فنزعة البقاء هي التي تجعل الواحد منا ينقلب في لحظة من سلوك إلى سلوك مضاد· هل يقف النجاح حجر عثرة في وجه الكاتب؟ لا، أفليس الشخص يبحث عنه· وصفوك بالأمل الأبيض للأدب الكتلوني تم بالكاتب ''الحداثي الرسمي''، هل أفادك هذا الوصف أو أساء إليك! أعتقد أنه أفادني، ما حدث لي يصعب شرحه غير أنه لا يخلو من المنطق كان الأدب في هذه البلاد سلاحا ضد الفرنكونية كانوا يسمونه وسيلة المقاومة لهذا عمد العديد من الكتاب إلى تضمين كتاباتهم بتيمة المقاومة على حساب القيم الأدبية نشرت أو لكتاب سنة بعد وفاة فرنكوا اتخذت من موضوع المقاومة محورا أساسيا له، فمثل هذا الإتجاه لم يكن سوى قيء مراهقين، بعد هذا الكتاب بدأت أكتب أشياء سهلة بسيطة متمثلة في مجموعات قصصية، وبما أنني لم أمر بالجامعة لم يفرض عليّ ما يجب قراءته، فكنت أقرأ ما يعجبني إذا لم يعجبني كتاب ما عند الصفحة العاشرة ألقيه على الأرض، كتبت أشياء أعجبتني عن الحياة اليومية، عن نبض الشارع عن السخرية··· وليس عن المقاومة''. هل انتهى عهد المقاومة عند بداية ظهور أعمالك؟ بعد وفاة فرنكو ظهر عدد قليل من الكتاب لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة، أما بقية الكتاب الآخرين فلم يكونوا سوى خلفاء لبعضهم البعض، وهكذا وبعد عدة أعوام اعتبرت أخر كاتب لأنني لم أزعم أبدا انقاذ أي شيء ولحسن الحظ ظهر جيل من الشباب لا يعرف أي شيء عن هذا الذي يسمونه مقاومة. إنه تألق جديد مختلف··· لم يعودوا يكتبون عن إنقاذ الوطن أصبحوا يكتبون لأن لديهم رغبة شديدة في الكتابة ليس إلا، لهذا اعتبروا مجانين لأنهم لايغازلون أحدا، فيهم الكتاب الجيدون وفيهم المتوسطون وفيهم الرديئون غير أنهم لا يكتبون من أجل الحصول على منصب نائب بالبرلمان· هل حررك هذا من وصمة الكتاب الحداثي الذي ينتظر دوره؟ لا تستطيع أن تتصور مدى سعادتي عندما تحررت من هذا التكليف، في هذا البلد كل شخص تلصق به صفة تلازمه لوحده مدى الحياة، فيقال عن شاعر ما إنه شاعر رسمي أي شاعر السلطة، ويقال عن أخر إنه الشاعر الوحيد فلا يأتي شاعر بعده كالقول أن اسبريو هو شاعر إسبانيا الوحيد إلى أن يدركه الموت، ولهذا أصبح فويكس شاعر إسبانيا الوحيد بعد وفاة اسبريو، فنحن نحب كلمة عندنا شاعر وحيد وممثل وحيد ومطرب وحيد ومدير مسرح وحيد وموسيقار وحيد وفنان تشكيلي وحيد لهذا لا أستغرب عندما ألصقت بي صفة الكاتب الحداثي لعدة سنوات· يقولون إن الروائي الحداثي الذي سيظهر لاحقا أنه أحد تلامذتك ما قتله هو من صنائع النقاد، يبحثون عن نقاط مرجعية لكي يشعرون بالراحة، فهؤلاء ليسوا نقادا بل باحثين يقومون بأبحاث في شجرة الأصول، قالوا عني إنني متأثر بكتاب لم أقرأهم في حياتي قط، ترجمة ''التسع قصص'' لسالينجر salinger الذي لم أقرأه، لهذا قمت بأخطاء في الترجمة. لم تقم في أعمالك القصصية بتطوير التيمات، فحسب بل طورت اللغة أيضا· طورت من أساليب الكتابة حتى أصل إلى أسلوب، أكثر نقاء أكثر برودة، أقل حسابية، كانت كتبي الأولى مليئة بالصفات والنعوت، أصبحت الآن مهووسا بالصفات أو النعوت لدرجة أنني أصبحت أطبع أي شيء بصفة أو نعت .Adjectivation الشيء الثابت في أعمالك الروائية والقصصية حضور الفكاهة، ألست خائفا من أن يوصموك بوصمة الكاتب الفكاهي؟ نحن دائما معرضون لخطر الوصم بوصمة ما، حتى تلك التي لا تخطر على البال، أعتقد أن من يصفني بالكاتب الفكاهي مخطئ، لا أستطيع أن أكتب دون التخلي عن روح الفكاهة، غير أنني لا أكتب قصصا فكاهية، كما أنني لا أستسيغ الكتابة الجادة· ربما لهذا قيل عنك أنك ليست كاتبا جادا؟ لا، ليس هذا بالضبط، فالفكاهة ليست شيئا غير محبذ، الشيء الذي أرفضه هو أن أوصف بالكاتب الفكاهي الذي يجري وراء النكت إلى درجة أنه لا يستطيع في نهاية المطاف مفاجأة أحد، فبدون فكاهة يصبح كافكا كاتبا لا يحتمل، ثقيل الظل، فالفكاهة لم تنقذه فحسب بل جعلت منه كاتبا عبثيا، قلقا. التحول إلى حشرة عن الاستيقاظ هو الذي جعل القارئ يمتع بقراءة العمل؟ كذلك ''المحضر'' فهو مليئ بالفكاهة·· الشيء المرفوض هو أن نصف الكاتب على أنه كاتب فكاهي، أعجبتني رواية توم شارب Weit، اقتنيت كل مؤلفاته من المكتبات الإنجليزية لدرجة الإفلاس، الجميل في هذا الكاتب هو أنه كان دائما متوجسا خيفة من الركض وراء النكتب، لهذا تحمست له· استطعت بفضل منحة الدراسة إلى الولاياتالمتحدة أن تستطلع القصة الأمريكية، لماذا تهتم بالقصة الأمريكية؟ أهم شيء اهتممت به وأنا في أمريكا هو التجوال، لم تكن لديّ أي فكرة عن الأدب الأمريكي· عندما سافرت إلى أمريكا لم يكن الفن القصصي والروائي ''موضة'' لأن الأدب اللاتينو أمريكي هو الذي كان مهيمنا هناك، أما الآن فالعكس هو الصحيح··· إنها قوانين الطبيعة، في السابق كان اللاتينو أمريكيون هم الأفضل، أما الآن فلم يعد أي أحد يدفع فلسا واحدا لشراء أعمال هؤلاء الكتاب، الفكرة النمطية التي كانت سائدة بخصوص الأمريكان هو أنهم بدائيون لا يعرفون سوى أكل الهامبروغر، أما الآن فقد أصبحوا مثار اهتمام الجميع، هناك في الولاياتالمتحدة أشياء جميلة وأشياء سيئة· ماهو الكاتب الأمريكي الذي استدعى انتباهك أكثر من غيره؟ أنا الآن معجب بروبرت كوفر robert coover، ترجم له عملان إلى الإسبانية ولم يترجم له أي عمل إلى اللغة الكتالونية، الأمر الذي لم أستطع تفهمه، لقد أصبحنا متعودين على مثل هذا الأمر،أعتبر كوفر بمثابة وحش روائي· أجرى الحوار: خوانخو فرنانديز ترجمة من الإسبانية: يوسف بوطاروق