طلبة المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري، يرقدون في ساحة معهدهم قبالة الواجهة البحرية، ببرج الكيفان، هم ليسوا في حالة استجمام بنسمات المتوسط العليلة، ولا بزرقته الحالمة. لم تكف أغطيتهم الكثيرة لتغيير مزاج الطقس المتقلب، ولا حتى تحريك الوزيرين خليدة تومي ورشيد حروابية، لصالح قضيتهم. حركتهم “المحتجزة" تواجه “تغننت" لا ديمقراطي. هم جيل الفنانين والتقنيين الجدد، الذين على عاتقهم سترفع الحركة الفنية والثقافية قواعدها، بعد أن فتحت وزارة الثقافة لهم أبواب الدارسة، في معهد برج الكيفان التاريخي، ووسعت من دائرة تخصصاتهم، لتشمل فنون العرض والسمعي البصري، تحت أغطية كثيفة، وقباعات صوفية تحمي رؤوسهم من صفير ريح بحري، قد لا تختلف حالة الجوع الارادي التي وضعوا أنفسهم فيها، عن حالة “الشبع" إذا نظرنا في الأيام العادية ل “المرميطة" اليومية التي تطبخ لهم لسد جوعهم. تحالف عليهم الجوع والبرد، ونحن نعلم ماذا يفعلان حينما تسنح لهما الفرصة، للانقضاض على الضحية؟ الطلبة العشرة المضربون تصلح عليهم قصيدة الكاردينال العنقى، عندما يردد بأناقة “راني الجوع والحفى"، فهل ستنزل الوزيرة، تومي، الى هؤلاء، وتتغطى بغطائهم، وتصوم معهم، لتعبر عن استعدادها للاستماع إليهم؟ هل يمكن أن نتخيل حراوبية وتومي اليد في اليد يسيران صوب برج الكيفان، وكلاهما عازم عن الاصغاء؟ هل تجلس تومي كما عهدنا عفويتها عند هؤلاء، وتسقيهم شرابا ساخنا، يدفئ بطنهم المتعب؟ لماذا لا تدعو سيدة القطاع الأولى، هؤلاء الطلبة إلى مقهى طونطوفيل الذي جلست فيه، مؤخرا، مع رئيس بلدية ليون، بعيدا عن مكاتب وزارتها، لتكون فعلا المرأة المناضلة التي طالما مشت في شوارع الجزائر تطالب بالديمقراطية وحرية التعبير. حالة الانسداد بادية للعيان، وكلا الوزيران يتصرفان وكأن الإضراب عن الطعام، حدث في بلاد أخرى. قد لا يعرف رشيد حروابية معهد برج الكيفان؟! لا يعرف أنه المدرسة التي أشرف عليها مصطفى كاتب وتخرجت منه صونيا مكيو، محمد فلاق، حميد رماس، زهير بوزاهر، وأجيال أخرى تعاقبت عليه. يبدو أن حراوبية مشغول جدا بصراع المواقع في حزب جبهة التحرير الوطني، وباله مشغول عن “الجياع" الذين يطالبون بدرجة إبداع تعادل الليسانس وما بعده؟ يمكن من خلال هذه الأسطر، أن ندعو القائمين على الوزارتين، تصفح صفحة الفيسبوك الخاصة بالمضربين عن الطعام، بعد أن قرر المدير “الحبيب ايوب" منع الإعلام من الدخول، ونقل واقع الحال بموضوعية، وجد “المحتجزون" في معهدهم، فرصة فيسبوكية لنقل يومياتهم “الباردة"، بصور تظهرهم معرضين لتأزم وضعهم الصحي، وتدهور معنوياتهم كجيل صاعد في مجال الإبداع. جملة استفهامية واحدة اختصرت الموقف: “إلى متى هذا التهميش في حق شباب فنان ناج من العشرية السوداء في جزائر تحتفي بخمسين سنة من الإستقلال"؟