يبدو أن إقدام وزيرة الثقافة على غلق المعهد العالي لمهن فنون العرض السمعي البصري، وشن الإدارة حربا على الطلبة، مؤخرا، لم يثن عزيمتهم على إيصال صوتهم بل زادهم إصرارا على متابعة ما يقومون به. لا تزال الأوضاع على حالها بالمعهد العالي لمهن فنون العرض السمعي البصري، بعد قرار الوزارة بغلقه، حيث يستمر الطلبة في إضرابهم عن الطعام، رغم دخول ثلاثة من المضربين، أمس، المستشفى نظرا لتدهور حالتهم الصحية نتيجة الجوع والبرد الشديد الذي تعرفه العاصمة في الأيام الأخيرة، حيث أكد لنا مصدر مطلع أن أحد المضربين في حالة جد سيئة إذ فقد الوعي ما استدعى التدخل السريع لمصالح الحماية المدنية، فيما زاد تشديد الحصار على بوابة المعهد وعزل الطلبة المضربين عن المحيط الخارجي، وهو ما وقفت عليه “الجزائر نيوز"، أمس. الوزيرة لا تملك صلاحية الغلق أكد الطلبة الحانقون على القرارات الأخيرة للوزارة، والتي حسبهم تعكس سياسة قمعية وتعسف، أن وزيرة الثقافة “خليدة تومي" لا تملك صلاحيات غلق المعهد، وأن القوانين التي وضعتها متناقضة، فحسب المرسوم الصادر سنة 1985 لتصبح مؤسسة ما معهدا عاليا يجب أن يكون لديها شهادات تدرج وما بعد التدرج وشهادة عليا، وقانون 2004 و2008 اللذين يقضيا بالوصاية المشتركة على المعهد بين وزارتي الثقافة والتعليم، ما يعني أن القرارات البيداغوجية يجب أن تكون مشتركة وباسم الوزارتين وهذا ما تجاهلته الوزيرة في بيانها الأخير. واستنكر الطلبة ردة فعل الوزيرة وطريقة تصرفها “مشاكل المعهد أصبحت قضية رأي عام، وبدل أن تجد الوزيرة حلولا قررت إغلاق المعهد حفاظا على النظام العام، وسلامة الأفراد، حسب بيانها، بل وسمت ما نقوم به (إضطرابات)، أن يقدم شخصا حياته ضد التعسف أصبح يسمى إضطرابا؟"، معلقين عن القرار “بأي حق تطلب منا مغادرة المعهد دون حلول، ماذا عن مستقبلنا على الأقل كان بإمكانها نقلنا إلى معهد فني آخر أو تعويضنا عن السنوات التي أمضيناها هنا بلا طائل". وفي ردهم عن بيان وزارة الثقافة، اعتبر الطلبة المادة 53 من القانون الداخلي للمعهد والتي تمنع الإضرابات مناقضة للدستور الذي “يسمح للمواطن بتنظيم إضرابات للدفاع عن حقوقه"، متسائلين إذا ما كانت هذه القوانين التي تسن تأخذ ما ينص عليه الدستور بعين الاعتبار. مشيرين إلى عقم النقاش الذي دار بينهم وبين مبعوثي الوزارة “كل ما اتفقنا عليه مع بعثة الوزارة هو أننا سننشر خيانتهم ووعودهم الوهمية لنا". وفيما يخص موضوع الغيابات الذي برر به مدير المعهد طرد بعض الطلبة، أكد المتحدث الرسمي باسم الطلبة، أن قرار الطرد باطل، قائلا “المضربون العشرة يمثلون كل طلاب المعهد، وثلاثة منهم فقط ممن صدر بحقهم قرار الطرد، وذلك بعد دخولنا في الإضراب، ولا وجود لمادة في القانون الداخلي تنص على الإحالة للمجلس التأديبي بسبب الغيابات، بل يمنع الطالب من دخول الامتحان"، نافين ما قاله المدير حول عمل البعض منهم في قطاعات وشركات انتاج خاصة “نحن لم نعمل لدى أية جهة، بيننا وبينهم الوثائق الرسمية، الإمضاءات والتصريحات... حتى الآن لم يخضعوا للحوار، الأمر الوحيد الذي كنا نطالب به، لدينا الوثائق والملفات التي تثبت صحة ما نقول وشرعية ما نقوم به". الطلبة دخلوا الإضراب بمحض إرادتهم هذا وأكد الطلبة جاهزيتهم للذهاب إلى المحكمة “إن أرادوا اللجوء إلى العدالة ليس لدينا أي مانع، فنحن نثق في نزاهة القضاء، لأن القانون ينص على حقنا في الإضراب، المحكمة حكمت “بعدم شرعية تمديد الإضراب"، ولكنها لم تحرم الطلبة من الحق فيه، لذا احتراما لقرار القضاء توقفنا لمدة يومين أو ثلاث وأرسلنا للإدارة إشعارا بإضراب جديد، وفقا لحقنا كمواطنين جزائريين...". وبالحديث عن الإشاعة المتداولة بوجود تحريضات من أطراف من خارج المعهد، نفى الطلبة الأمر “نحن نرد ونقول بأن هذا مجرد كلام، لا توجد أية تحريضات خارجية، الطلبة دخلوا الإضراب بمحض إرادتهم دون أي ضغط، ومساندة الآخرين لنا لا تعني بالضرورة أن لديهم مشاكل مع الوزارة الوصية". هذا وأظهر الطلبة امتعاضهم من صمت وزارة التعليم العالي وتحفضها، لأنها معنية بالأمر بشكل ما، واصفين هذا السلوك بالتجاهل الكبير"راسلنا وزارة التعليم العالي مرتين، مؤخرا، الأولى كانت عبارة عن طلب تفسير، أما الثانية فكانت عرض حال الطلبة وما يحدث في المعهد وإلى الآن لم نسمع منهم خبرا". كما أكد الطلبة إصرارهم على مواصلة ما بدأوه “سنصمد وإذا تم طردنا سنخيم بالخارج لأن هذا المشكل يجب أن يحل"، مشيرين إلى مساعيهم في إيصال صوتهم لكل السلطات المعنية “راسلنا رئيس الجمهورية، الوزير الأول، حقوق الإنسان، المجلس الشعبي الوطني والأحزاب السياسية في الجزائر، لم نتلق إجابات بعد، لكن لدينا أمل بنجاح مساعينا، وقضيتنا تحولت إلى قضية رأي عام وكثير من الأشخاص يساندوننا: فنانون، إعلاميون، وخاصة الطلبة في الفايسبوك، أصدقاء من مختلف أنحاء الوطن يساندون قضيتنا". واختتم الطلبة اللقاء الذي جمع “الجزائر نيوز" بهم، بتوجيه رسالة إلى وزيرة الثقافة نطلب منها “أن لا تتهرب من مسؤوليتها بخلق مشاكل أخرى، هناك محسوبية وفساد يعم المعهد، والطلبة ليسوا مسؤولين عنه، كما أننا طلبنا فتح تحقيق معمق ولم نطلب طرد المدير"..