كثر الكلام عن الفساد في البلاد وصار من الأحاديث اليومية للمواطن الذي “يُخبط" على رأسه بفضيحة ولا يلبث أن يرفعه حتى يُضرب بأخرى لا تقل وزنا عن سابقتها، ومن المضحكات التي سمعتها أن الدولة ستعاقب كل المفسدين أجلا أم عاجلا. الغريب أن صفحات الجرائد تُطلعنا يوميا عن قصص السرقة والاختلاس التي يقوم بها بعض الأشخاص الذين يتوقون للفوز بشقة أو سيارة أو غيرها من الجرائم البسيطة والتي تدخل ضمن خانة “الفساد منيسكول"، أما قصص الاختلاسات الكبرى التي وضعت مال الشعب وبتروله في خزائن خفية فلا أثر لها، حيث تبدأ قصة “الفساد ماجسكول" بعنوان كبير وضخم في الصفحة الأولى للجرائد وبعض الأسماء الرنانة على شاكلة شكيب خليل والخليفة عبد المومن وغيرهما وإلى جانبها بعض التصريحات المنددة بالفعل المخل الذي مس سمعة وكرامة البلد وفقط، لا متابعات واضحة وصريحة وشفافة للمتهمين أمام الشعب المنهوب ولا مال مسروق يعود للخزينة حتى يلبي حاجيات البلد. وما يضحك أكثر وأكثر أنه ومنذ سنوات وملف الخليفة تلوكه الألسن حتى صار “محاجية" تُحكى أبا عن جد لبطل صغير تحول فجأة إلى إمبراطور عظيم يقود الوزراء والسفراء والطماعين من أذانهم ويغدق عليهم مما رزقه الفساد وفجأة اكتُشف أمره وصار مطاردا ومطرودا ومطلوبا من طرف حراس القصر الذين تفطنوا لألاعيبه القذرة التي أدت بالبلاد إلى التهلكة، وفي النهاية تبدّد المال وبقي الإمبراطور منفيا عن الأنظار حتى تقرر مؤخرا إعادة فتح الملف لذر الرماد في العيون. هذا نموذج بسيط عن محاجيات الفساد وخاصة عن النهايات “السعيدة" للمفسدين الذين لم نسمع عن أي منهم أنه حُكم أو شُنق أو أعدم بسبب ما اقترفت يداه لأن السلطة ربما تعتبرهم واجهة لحيتان أكبر لا يمكن أن تحاسب أبدا.