استحضر العرض المسرحي القصير “جات ماني" (جاءت جدتي) الذي قدم ظهر أول أمس، بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي، جوانب من العادات والتقاليد العريقة من خلال “قعدة عاصمية نسوية حول مائدة قهوة". في هذه “القعدة العاصمية" حضرت كل لوازم الديكور الأنيق لبيوت القصبة العتيقة من أوان نحاسية جميلة ودفء المفرش الحريري والزرابي المزركشة، كما حضرت أيضا الأزياء العاصمية المتأصلة التي لم تعد تظهر إلا في المناسبات والأفراح مثل “سروال الشلقة" و«سروال لمدور" و«القويط" و«محرمة لفتوال". فقد أعادت فوزية لارادي كاتبة النص والشاعرة الرقيقة خلال ساعة من الزمن لحظات من الحياة اليومية “الدزيرية" عبر جلسة نسوية محضة جمعت ثلاثة أجيال “الجدة والأم والابنة الصغرى". وكانت الزيارة الخفيفة التي قامت بها “الجدة" التي جسدت دورها بأصالة وعفوية كاتبة النص -التي تقف لأول مرة على الخشبة لأداء الدور مجبرة بعد انسحاب الممثلة- فرصة لتبادل أطراف الحديث بين الشخصيات الثلاثة في جو حميمي مرح حول الأمور اليومية، لكن استطاعت الجدة بذكائها ولبقاتها المعهودة جعل الحوار يتسرب بهدوء نحو أمور أكثر جدية تتعلق بالأصالة والتراث وأهمية الحفاظ عليهما وتمريرالمشعل للأجيال القادمة دون تناقض ذلك مع ضرورة مسايرة التطور والتفتح على العالم. بأسلوب بسيط قريب من الجمهور مررت الجدة رسالتها إلى الحفيدة الجامعية مستعملة الإرث الشفوي من أشعار وأمثال وأقوال منثورة مشحونة بالمعاني العميقة خلاصة تجارب الأولين. وقد حضرت أيضا “البوقالة “ هذا اللون الشعبي من الأشعار القصيرة المستمدة من التراث الجزائري التي تقرأ في السهرات في أجواء متميزة وتعتبر بمثابة “فال" تساهم في صنع أجواء حميمية.