استحضرالعرض المسرحي القصير "جات ماني" (جاءت جدتي) الذي قدم ظهراليوم الاثنين بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين باشطرزي جوانب من العادات والتقاليد العريقة من خلال "قعدة عاصمية نسويةحول مائدة قهوة". في هذه "القعدة العاصمية" حضرت كل لوازم الديكورالانيق لبيوت القصبة العتيقة من أوان نحاسية جميلة و دفء المفرش الحريري و الزرابي المزركشة كما حضرت أيضا الأزياء العاصمية المتأصلة التي لم تعد تظهرإلا في المناسبات والأفراح مثل"سروال الشلقة" و"السروال لمدوار"و القويط" و"محرمة لفتوال". فقد أعادت فوزية لارادي كاتبة النص والشاعرة الرقيقة خلال ساعة من الزمن لحظات من الحياة اليومية "الدزيرية" عبرجلسة نسويه محضة جمعت ثلاثة أجيال (الجدة و الأم و الابنة الصغرى" . وكانت الزيارة الخفيفة التي قامت بها "الجدة" التي جسدت دورها بأصالة وعفوية كاتبة النص -التي تقف لأول مرة على الخشبة لأداء الدور مجبرة بعد انسحاب الممثلة- فرصة لتبادل أطراف الحديث بين الشخصيات الثلاث في جو حميمي مرح حول الأمور اليومية لكن استطاعت الجدة بذكائها و لبقاتها المعهودة من جعل الحوار يتسرب بهدوء نحو أمور أكثر جدية تتعلق بالاصالة و التراث و أهمية الحفاظ عليهما و تمريرالمشعل للأجيال القادمة دون تناقض ذلك مع ضرورة مسايرة التطورو التفتح عل العالم . بأسلوب بسيط قريب من الجمهور مررت الجدة رسالتها إلى الحفيدة الجامعية مستعملة الإرث الشفوي من أشعاروأمثال و أقوال منثورة مشحونة بالمعاني العميقة خلاصة تجارب الأولين. و قد حضرت ايضا "البوقالة " هذا اللون الشعبي من الأشعارالقصيرة المستمدة من التراث الجزائري التي تقرا في السهرات في اجواء متميزة وتعتبربمثابة "فال" تساهم في صنع أجواء حميمية . و قد أعطى مخرج المسرحية سيد احمد قارة الذي سبق و أن تعامل مع فوزية في عمل حول "البوقالة "أنتج في2007 كامل الحرية لشخصيات العرض مما خلق تواصل مع الجمهورالذي وجد في ماقدم جانب من واقعه . و في تصريح لواج قال مخرج المسرحية سيد احمد قارة انه رغم تعوده على الأعمال المسرحية العالمية إلا أن العمل مع السيدة لارادي سمح له بالعودة إلى التراث معتبران ذلك سيفتح الباب لإعادة تقييم الكثيرمن الأشياء و أيضا يساهم في احياء الذاكرة الشعبية . و عن مشاريعه قال انه بصدد تخضيرمسرحية جديدة-سيكون جاهزا في غضون جوان المقبل- عن نص لمحمد بن قطاف لم يقدم على المسرح مضيفا ان هذا النص الذي أعيدت كتابته يحمل عنوان "صرخة شعب" يتحدث عن البعد الروحي للثورة التحريرية وعن مرحلة حساسة من مراحلها في مطلع الستينيات.