يعتبر شهر رمضان فرصة لصلة الأرحام التي فقدت أهميتها في مجتمعنا الجزائري رغم المكانة التي أعطيت لها في ديننا الحنيف حيث انه بمجرد حلول رمضان تكثر الزيارات والسهرات و يتوافد الأقارب و الأهل على بعضهم في جو حميمي عائلي تقابله صينية الشاي وأشهى الحلويات غير انه للأسف وبعد اكتساح التكنولوجيا و أحدث التقنيات في الاتصالات بالهاتف و الانترنت كالفيس بوك و السكايب و الماسنجر اختلف الأمر تماما في السنين الأخيرة فقد أصبح التواصل مع الأهل و الأقارب في هذه المناسبات يقتصر على إرسال ايمايلات أو سكايب للاتصال صوتا و صورة فقط أو الاكتفاء برسائل عبر الهواتف النقالة لتهنئة الأقارب بحلول الشهر والتواصل بينهم دون القيام بزيارتهم رغم أنهم يعيشون في نفس المنطقة فالأمور الآن تغيرت تماما ،وأفقدتنا حلاوة السهرة الرمضانية على الرغم من أن الأسر الجزائرية أصبحت تتمتع بكل وسائل سهولة العيش ، إلا أن رمضان فقد نكهته القديمة، حيث أصبحت شبكات الانترنات في معظم البيوت ، كما ان الفرد يفضل الدخول في عزلة عن الأهل وينفرد بالتخاطب واللعب فزمان كانت النسوة تتجمعن في بيت احد الجارات للسهر أما الأولاد كانوا يفضلون اللعب أمام المنازل ويمارسون العاب كثيرة ومن بينها الغمايضة و البنات فكانت يحضرن الطبل او ما يسمى بالدربوكة للسمر والغناء والرقص اما الرجال فكانت وجهتهم للمساجد لصلاة التراويح وبعدها يكملوا السهر بالمقاهي . ففي الماضي كانت وسائل الاتصال الوحيدة المتاحة هى الزيارات والتجمع فى بيت الجد أو الجدة الذى كان يسمى بيت العائلة او الدار الكبيرة ومع دخول وانتشار التليفون تقلصت الزيارات الى مكالمات على فترات متقاربة تباعدت مع غلاء فاتورة التليفون حتى أصبحت الأجيال الجديدة لاتعرف أولاد عمومتها وخالتها بسبب البعد والانشغال وتطور الأمر أكثر بدخول الأنترنت الذى تحول الى عالم خاص لكل منا كما ساهم هذا العالم الخاص أكثر فى ابعادنا عن أسرنا حتى الموجودين معنا فى البيت لقد تأثرت حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية بالانترنت وقد أصبح التطور التكنولوجى يؤثر سلبا على المجتمع وخاصة على الحياة الاسرية وصلة الارحام لم نعد نرى بعضنا الى نادرا عادات وتقاليد جزائرية توشك على الاندثار وفي هذا الشأن كانت لنا دردشة مع العديد من المواطنين بخصوص الموضوع وكان كل واحد له وجهة نظر تتخالف مع الآخر فعلى سبيل المثال الحاجة زهرة وهي ربة بيت وجدة في نفس الوقت تقول أن شهر رمضان لم يعد كايام زمان ففي الستينات والسبعينات كنا نشم رائحة رمضان قبل قدومه وتنهمك كل الأسر الجزائرية للتحضير لاستقباله وذلك بطلاء البيوت خاصة المطبخ وتنظيم البيت وشراء كل المستلزمات وكنا نشتري كل رمضان قدر جديد وأواني جديدة كفال خير لاستقباله بحلة جديدة مضيفة انه للأسف أن كل هته التقاليد تقلصت ولم تعد كالماضي حتى السهرات الرمضانية التي كانت تلم شمل العائلة فهي الآن في زوال بسبب اكتساح الانترانت فالبيوت وتقول أن أحفادي اليوم يتكلمون معي في السكايب وان زيارتهم إلي قلت بسبب التكنولوجيا التي عزت العالم . وذكرت عقيلة وهي عاملة و ام لولدين ، أن طبيعة حياتنا اليوم تغيرت على ما كانت عليه سابقا بسبب توفر كل وسائل الراحة والاتصال التي اقتحمت البيوت، أغنت الفرد عن سواها وأصبح الواحد منا لا يجد صعوبة في التكلم مع غيره حتى خارج الوطن كما أضافت ”عقيلة ”، أن النساء العاملات اليوم لا يستطعن التواصل والانسجام مع حياة الماضي، فالمرأة العاملة الآن ليس لديها الوقت الكافي للسهر والسمر وتبادل الزيارات لأنهم أصبحن مقيدات فهمهم الوحيد هو تحضير الطعام للفطور وإنهاء بعض الأعمال المنزلية خلال السهرة . السهرات النسائية في رمضان لا تحلو إلا بالبوقالات إلا أنها تأخذ طريقها إلى الزوال
باسم الله بديت ..و على النبي صليت ...وعلى أصحاب الأسماء ألي تبدأ بالسين بديت حبطت إلى قاع الجنان وفرشت زربية حرقست بحرقوس الذهب حتى الى وذنيّا افرحي يا يمّا سعدي ولّى ليّا نتشفى في العدو كما يتشفى فيّا بحلول شهر رمضان المبارك لا تحلو السهرات واللمات الجزائرية بين النساء بدون البوقالات الشعبية وهي تعتبر لعبة من التراث عبارة عن أشعار شعبية جزائرية تشكل أساس ما يعرف منذ التاريخ القديم بالعاصمة الجزائر ب «البوقالة»، تشاع في الأوساط العائلية النسوية ، وغالبا ما يكون محواها حول الحب العفيف والحزن على فراق الأحباب والخلان والأمل بعودتهم . وتتطلب لعبة البوقالة تحضير الأجواء الحميمية الملائمة التي تساعد المشاركات فيها على فتح مخيلتهن وفسح خواطرهن وشرح صدورهن للفال الطيب والأمل والرجاء والحلم. إلا انه للأسف بدأت هذه العبة أي البوقالة تأخذ طريقها إلى الزوال سنة بعد أخرى منذ نهاية السبعينات الا انها رجعت من جديد خلال السنوات القليلة الماضية بعد عودة الأمن والاستقرار في بلادنا أي بعد العشرية السوداء والمصالحة الوطنية ، إذ عادت بعض الأوساط العائلية في الجزائر العاصمة بالأخص في أحيائها الشعبية بالقصبة وباب الوادي وبلكور وحتى بالمناطق الداخلية كالبليدة في باب الرحبة وباب الجزائر لتهتم ثانية بهذه اللعبة لكن ليس كما كانت عليه من قبل حيث غيرت في العديد من الأمور والأشياء حيث تم تجريدها من الإناء الفخاري ومن بعض الشكليات ولم يحتفظوا إلاّ بتلاوة الأشعار التي تحفظها النساء والفتيات على ظهر القلب، والنظر والتأمل في معانيها والاستمتاع برونقها حيث تقوم النسوة في تحضير صينية الشاي والحلويات كالمقروط والبقلاوة وقلب اللوز وغير ذلك سواء العازبات منهن أو المتزوجات، وهكذا تصنعن جوا حميميا لا مثيل له بتجمعهن في بيت إحداهن بعد الإفطار، وتحضير كل لوازم السهرة، كما نجد النساء المتقدمات في السن هن من يحفظن تلك البوقالات عن ظهر قلب، ويتسابقن العازبات نحو عقد المنديل وسماع الفال الحسن وأمل المستقبل حول الحبيب أو فارس أحلامهن، أما بالنسبة للمتزوجات فهي مجرد لعبة عند بعضهن ينووها على أزواجهن أو أولادهن، لكن للعازبات طعم آخر، وتعتبر تلك الأمثال الشعبية والبوقالات أشعار من التراث الجزائري العاصمي الأصيل التي تشكلت منذ حقبة الاستعمار ولا غنى عنها في سهرات رمضان. وتقول السيدة الجوهر وهي من القصبة ان البوقالة هي فال خير وكلام موزون فيه حكم ومعاني وهي تحفظ عن ظهر قلب العديد منها مثال نموذج من بوقالة تقال في استقبال الغائب : السفينة اللي جات باش أنكافيها باللوز والسكر نطعم غاشيها وبالزباد والعطر نطلي سواريها ونطلب ربي العزيز للحج يدّيها بوقالة توضح الم الفراق تقول بعد ما نصلو على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام .. بعثت لك يا شباب دموعي قرنفلة حمراء ياعدو بن عدو بدّلتني بامرأة قال لي والله يا لالة ما نبذلك بالغير محبتك في قلبي حتى يشيب الطير اما في ما يخص طلب القرب تقول : عندنا شجرة معمرة بالياقوت وعندنا فوّارة معمرة بالحوت أعطوني ابنتكم أو نطيح نموت
بسبب الصحوة الدينية الواسعة لدى الجزائريين إقبال واسع على المساجد يتنافس المسلمون في الجزائر على تأدية الشعائر الدينية وهذا بالإكثار من الصلوات وتلاوة القرآن أثناء الليل وأطراف النهار, ناهيك عن إعمار المصلين المساجد في أوقات الصلاة و صلاة التراويح و قيام الليل وحتى خارج أوقات الصلاة . ويعد شهر رمضان حسب أغلبية العائلات الجزائرية المسلمة الشهر الوحيد الذي يلتف حول مائدة إفطاره كل أفراد العائلة الصائمين في وقت واحد وفي جو عائلي حميمي لتناول مختلف أنواع المأكولات التي يشتهر بها المطبخ الجزائري وتشهد مساجد العاصمة ومختلف ولايات البلاد إقبالا منقطع النظير في شهر رمضان الكريم عما كان عليه في السنوات الماضية على أداء صلاة التراويح، والاستماع إلى الدروس الفقهية. وقد فاضت المساجد هذا العام بروادها، رجالا ونساء وشبانا وأطفالا، حتى اضطر كثير من المصلين إلى الصلاة في الساحات العمومية والشوارع القريبة من المساجد. ومن الظواهر الايجابية التي لفتت أنظارنا في الشارع الجزائري في ليالي رمضان خلال السنين الأخيرة الإقبال الكبير للشبان والفتيات على المساجد حيث أصبح مألوفا أن ترى بعد انتهاء الصلاة جموعا من الشباب والفتيات المحجبات يعودون إلى منازلهم في جو يعمه الأمان والطمأنينة .