يتطرق رئيس جبهة التغيير عبد المجيد مناصرة، في هذا الحوار الذي خص به “الجزائر نيوز"، إلى جملة من القضايا والأحداث الوطنية، وفي مقدمتها ملف مرض الرئيس وتعامل السلطة معه، والجدل السياسي الذي أثارته الطبقة السياسية بشأن تفعيل المادة 88 من الدستور، والانتخابات الرئاسيات المقبلة، وكذا ملفات الفساد التي ظهرت في الساحة الوطنية. نحن نتعامل مع مرض الرئيس بكل جدية واهتمام رغم عدم توفر أي معلومات بشأنه، لكن حسبما أعلنت عنه السلطة فإن الرئيس في نقاهة، ولا أظن أنه في حالة عجز، فلا يمكن الحديث عن تفعيل المادة 88 من الدستور، وإذا طبقت هذه المادة في ظل ما تؤكده السلطة فسيصبح الأمر انقلابا على الرئيس، ولحد الآن لا نعرف الوضع الصحي للرئيس حتى نتحدث عن المادة 88 من الدستور، رغم مرور أكثر من 3 أسابيع، وهذا يستدعي أن يعرف الناس تطورات الوضع، ونشر الحقيقة هو الذي يضع حدا للإشاعات، لأنه لا يمكن استباق الأحداث، وغياب الرئيس لمدة ثلاثة أسابيع لا يعني أنه عاجز بل هو في عطلة، وهذا من حقه ولا يستدعي تفعيل هذه المادة، وفي حالة عجزه فإن هناك جهة مخولة قانونا بتفعيل المادة، وهو رئيس المجلس الدستوري، ونحن نأمل أن تتعامل الحكومة بشفافية في معالجتها لقضية مرض الرئيس ولا تستخف بالشعب. إن الحديث عن العهدة الرابعة من الحريات الشخصية، ولا يعقل أن ننتظر فقط مرض الرئيس للحديث عنها. أنا شخصيا سبق أن قلت إن الجزائر لن تستفيد من العهدة الرابعة لأن العهدة الثالثة لم تكن مفيدة لها، فالرئيس يشهد له الجميع بأنه قدم الكثير في العهدة الأولى والثانية على مستوى الوئام المدني والمصالحة الوطنية والسلم، وعلى مستوى العلاقات والديون الخارجية. أما العهدة الأخيرة فلم يكن الرئيس حاضرا فيها كثيرا، لذلك فإن التقييم السلبي للعهدة الثالثة يمنع عنه التفكير في العهدة الرابعة. هذا الفساد لم ينكشف في الجزائر بل في إيطاليا، والشيء نفسه بالنسبة لملف الخليفة. ورغم علم الجميع بالفضائح لكن لا أحد تجرأ على كشفها لأنهم لا يملكون الملفات والأدلة، والأمر راجع إلى أن القضايا تعفنت إلى درجة استحالة تغطيتها ورائحتها وصلت إلى مسافات بعيدة، وهذا قليل من كثير، وما نقرأه في الصحف من أخبار عن الفساد يؤكد أن أي قطاع لم يسلم من الظاهرة، وهذا لا يحتاج إلى تفتيش قوي لكشفه، إذ أصبح الفساد هو القاعدة والنزاهة هي الاستثناء، وبالتالي فالجميع أصبح متورطا فيه، لذلك استحال تحديد المسؤوليات والإفلات من العقاب. تزايد الفساد يوما بعد يوم راجع إلى غياب الديمقراطية، لأنه حليف التزوير والاستبداد، وحتى البرلمان السابق الذي يفترض به أن يكون هيئة مراقبة رفض التحقيق في الفساد، وهو ما حصل بشأنه جدل سياسي بين البرلمانيين والطبقة السياسية لكن دون جدوى، وهذا خطير، خاصة أن الرفض صادر عن رئيسه الأسبق عبد العزيز زياري، الذي أعلن صراحة في رده على أصحاب المبادرة أنه “لا يمكن للبرلمان القيام بذلك"؟ النظام أفسد الحياة السياسة في البلاد، وعمل على إشراك أحزاب ليس لها وجود في البرلمان وأُهديت لها “كوطات" في الحكومة فأضعف الأحزاب والطبقة السياسية، وجعل الأحزاب منشغلة بمشاكلها وصراعاتها الداخلية بما فيها أحزاب السلطة وحتى المحسوبة على المعارضة، وفي ظل الاختناق وعدم وجود تغيير جعل هذه التنظيمات السياسية منشغلة ببعضها البعض وبصراعاتها الداخلية، بدليل أن أحزاب السلطة أصبحت تنشط بدون رؤساء وهي غير قادرة حتى على الاجتماع لاختيار رئيس لها، وهذا كله جعل الطبقة السياسة تبتعد عن انشغالات المواطن، وهو أكبر عدوان للسلطة في الحياة السياسية. صحيح أن الكل في حالة ترقب ولكن لو كانت الأمور عادية ونظيفة لكان - على الأقل - المرشحون قد أعلنوا عن أنفسهم. بغض النظر عن مرض الرئيس، فحالة الضعف التي تعرفها البلاد جعلت المتر شح ينتظر الضوء الأخضر والبعض الآخر يرفض الترشح إلا في حالة تقديم ضمانات أو شرط بجمع التوقيعات. هذا لا يعنيني وليس لي دخل فيه، ولكن ما أتمناه أن تكون انتخابات نزيهة يترشح فيها متسابقون حقيقيون كفرسان وتكون لهم برامج قوية حقيقية، كما أتمنى أن لا يبقى المرشحون الأقوياء ينتظرون الضوء الأخضر، وعليهم بالتقدم من الآن لإعطاء الأمل للشعب. أتوقع أن يكون عشرة مترشحين في الرئاسيات المقبلة، وليس بالضرورة من التقليدين، فقد يكون هناك مترشحون جدد. صحيح أن مرض الرئيس قد يكون محرجا للبعض، ما عدا الانتهازيين السياسيين، ولكن أعتقد أنهم يفضلون عدم الكشف عن أنفسهم. أظن أن من يرغب في الترشح يكون قد شرع في التحضير للأمر من الآن ووضع برنامجه وجمع التوقيعات، حتى يكون الدخول السياسي بداية السنة المقبلة في وقته، لأن استمرار الغموض قاتل للديمقراطية ويدفع الشعب نحو المزيد من العزوف. هذا الأمر سابق لأوانه كقرار، لأننا أنشانا الجبهة حديثا، وقفنا نشاطنا قليلا في التشريعيات وباشرنا عملنا منذ شهر ونصف فقط بعقد ندوة إطارات، وهي ندوة استشارية حول بعض القضايا الوطنية، وطرحنا كل هذه البدائل ومازلنا نناقشها، وسنتخذ القرار في الوقت المناسب بكيفية تخدم أهدافنا واستراتيجيتنا وتخدم الديمقراطية في الجزائر. نحن متفقون أن فكرة مرشح السلطة غير مطروحة، أما أن يكون مرشحنا إسلاميا فقط ليس شرطا، إلى حد اليوم نحن لم نحدد مع من نكون وقد بدأنا التفكير في الأمر، وسنتشاور مع الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية، وقد تكون فكرة مرشح إسلامي وغير إسلامي مشترك مطروحة، وأن يكون أكثر من مرشح إسلامي مطروحة، كما أن تحالف وطني إسلامي مطروح، ونحن في مرحلة الدراسة، وستبدأ المشاورات مع الأحزاب وسنتحرك في كل الاتجاهات بكيفية تخدم مصالحنا. ولم تطرح لحد الآن أسماء إسلامية. ورغم ذلك قد يكون مرشحان أو ثلاثة من الإسلاميين في المنافسة الرئاسية. الأمور مرتبطة كذلك بما يدور حولنا، علما أن الملف تم فتحه والمشاورات انطلقت مع حركة حمس ولم تشرع مع جاب الله لكنها ستكون، ونحن نؤكد أننا متفتحون على كل الأحزاب التي لها وجهات نظر متقاربة معنا من حيث الأهداف والبرامج. لا توجد عودة بالشكل المقصود كعودة أفراد، كما كنا في السابق، لأننا أسسنا حركة ولا يمكن التخلي عنها من أجل الالتحاق بحمس، بل ستكون وحدة بين الحزبين للتنسيق وتوحيد الجهود، ولا يعني هذا أن يلتحق أفراد منا بحمس، بل المشاورات قائمة من أجل أهداف موحدة وهذا يستلزم منا المرور بعدة مراحل لغلق باب الفتنة. صحيح، لكن في الأول كانت المشاركة في الحكومة ذات فائدة للبلاد وللحركة ولكن زالت فيما بعد، وليكن في علمكم أنه قدم لنا عرض للمشاركة في الحكومة الحالية من قبل السلطة ورفضنا المقترح، لاعتقادنا أن المشاركة في الحكومة تستدعي تواجدنا في البرلمان، وأن أعضاء الحكومة يشكلون من الأغلبية البرلمانية، وبمشاركتنا نكون قد ساهمنا في إنجاح برنامج حزب الأغلبية وليس برنامجنا، وهذا ما نرفضه لأن مكاننا في المعارضة إلى غاية تحقيق الأغلبية في البرلمان برغبة شعبية طبعا. لا بالعكس، النظام كان ضد خروجنا من حمس، بدليل أن منح الاعتماد لنا جاء بعد ثلاثة سنوات من النضال، وهو خير دليل على معارضة السلطة لتطليقنا لحمس لأنها في ذلك الوقت كانت في السلطة. وأؤكد أن طريقة تسيير السلطة لملف الأحزاب السياسية كان تسييرا سيئا ورديئا جدا، وعمل على إضعاف الأحزاب سواء التابعة للسلطة أو المعارضة، وقسمها وأدخلها في دائرة النزاعات. أسجل تراجعا رهيبا في مكاسب هذا القطاع، فعلى الأقل من قبل كانت بعض القطاعات المنتجة ولو بقدر محتشم ولكن تم القضاء عليها، وهذا ما يفسر الارتفاع الكبير لفاتورة الاستيراد من سنة إلى أخرى، لأن السياسة الاقتصادية للبلد أصبحت تعتمد على الاستيراد باعتباره أسرع الحلول للمشاكل، وذلك باعتمادها على الوفرة المالية. الأمر طبيعي، ما عاشته هذه الدول ثورة حقيقية عكس ما تروج له بعض الدول لتخويف وترهيب شعوبها من الوضع لدفعها عن التخلي عن فكرة إحداث التغيير، والتمسك بالوضع الحالي حفاظا على الاستقرار ولكن على حساب مصلحته وتكريسا للأنظمة الدكتاتورية، وهذا دليل على أن دول الربيع العربي تسير نحو الطريق الصحيح، لأن هذه المراحل لابد منها وتعرفها كل ثورة بدليل ما عرفته الثورة الجزائرية، رغم أن الكل يشهد لها بأنها من أكبر الثورات. لكن ما حصل مع بن بلة وبومدين وشعباني.. بعد الاستقلال لم يلغ صفة الثورة عليها، والأمر نفسه بالنسبة للثورات العربية، ما تمر به حاليا - في نظري - مرحلة انتقالية لابد منها لتصفية الأجواء وستعرف الانفراج. أظهر عجز السلطة في إيجاد حلول لمشاكل شعبها، وهذا راجع إلى سياسة شراء السلم الاجتماعي بالمال العام، ولكن هذا لن يحل المشاكل بل سيدفع بالوضع نحو التأزم أكثر لأنها تعتمد على حلول ترقيعية وليست دائمة، والأموال التي صرفت عليها كان من المفروض أن تنفق على التنمية الحقيقية والمشاريع، فالكل يشهد أن الجزائر غنية وشعبها فقير لأنها تتوفر على احتياط صرف يقدر ب 200 مليار دولار، وهذا يظهر العجز الكبير للسلطة في تدبير أمور البلد.