تأخر إعلان موقف القوات المسلحة المصرية، التي أمهلت الطبقة السياسية المصرية قاطبة 48 ساعة لإنجاز ما أسمته التوافق السياسي، مؤكدة أن عدم حصول حالة التوافق سيدفع الجيش لفرض "خارطة مستقبل" واتخاذ إجراءات لم يكشف عنها. انقضت المهلة المحددة في تمام الثالثة ظهرا بالتوقيت المحلي، لكن إعلان الجيش المصري موقفه تأخر إلى موعد مثول الجريدة للطبع. في حين تم اتخاذ عدد من الإجراءات الاحترازية، منها نشر تشكيلات من الجيش (القوات الخاصة، والصاعقة) لحماية وتأمين المنشآت الحيوية في الدولة. كما تم إعلان حالة التأهب القصوى داخل الوحدات المقاتلة، حسب مصادر عسكرية. كما اتخذت قرارات منع السفر بشأن كل المتهمين المتابعين في قضية الهروب من سجن وادي النطرون، وهم 34 قياديا من جماعة الإخوان المسلمين بينهم الرئيس محمد مرسي. في حين نقلت تسريبات من مصادر لم يتسن التأكد منها، أن مساعدي الرئيس قد غادروا القصر الرئاسي عصر أمس، فيما تم التحفظ على الرئيس في استراحة القصر، إلى حين "إعلان الجيش إجراءاته الموسومة بخارطة المستقبل". من جهته، أصدر الدكتور عصام الحداد، مستشار محمد مرسي للشؤون الخارجية، بيانًا على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية باللغة الإنجليزية على «فيس بوك»، قال فيه إنه يعي جيدًا أن تلك السطور التي يكتبها «ربما تكون الأخيرة»، وأنه يجب أن يسمي ما يحدث الآن باسمه الحقيقي وهو «انقلاب عسكري». وأضاف «الحداد» في بيانه، الأربعاء، أنه بعد مرور عامين ونصف العام على الثورة ضد الديكتاتورية التي خنقت مصر لأكثر من 30 عامًا، استعادت الثورة إحساسها بالأمل، وفجرت أحلام المصريين في مستقبل لأنفسهم حافل بالكرامة. وقال إنه يدرك تمامًا أن الإعلام المصري حاول «تأطير الإخوان وإلقاء اللوم عليهم» في كل أحداث العنف التي حدثت منذ يناير 2011، و«أعرف أن هناك إغراء لتصديق ذلك»، لكن هناك أناس في مصر يؤمنون بحقهم في الاختيار الديمقراطي، وتجمّع مئات الآلاف منهم في دعم للديمقراطية والرئيس ولن يتحركوا أو يغادروا أماكنهم في وجه هذا الهجوم. ومن أجل تحريكهم من مكانهم، يجب أن يكون هناك عنف، سواء يأتي هذا العنف من الجيش أو الشرطة أو البلطجية المأجورين، وفي كل الأحوال سيكون هناك سفك دماء كبير، والرسالة التي ستصل أصداؤها إلى العالم الإسلامي كله ستكون الديمقراطية ليست للمسلمين». وتابع أن "المصريين يمكنهم بناء مؤسسات تسمح لنا بإعلاء واختيار بين رؤى مختلفة للبلاد. لكننا اكتشفنا سريعا أنه لا أحد من الآخرين مستعد لأن تتسع إلينا هذه الفكرة. وقال إننا سمعنا كثيرًا على مدار ال30 شهرًا الأخيرة عن محاولات الإخوان لإقصاء الآخرين، لكن ربما يأتي يوم يكون لدى الأكاديميين الشجاعة لسرد الحقيقة". وأكد «الحداد» أن اليوم لا شيء يهم سوى أنه لا يمكن الآن، وفي هذا العصر، لانقلاب عسكري أن ينجح في وجه قوة الشعب دون سفك الدماء، «فمن منكم يستطيع تحمّل المسؤولية؟». وأضاف أنه لم يعد هناك وقت لتفنيد ما قيل وانتشر، ولكن قراء هذه الصفحة يفهمون ثمن استمرار العالم في حروب مثل أفغانستان والعراق، ومصر ليست أيًا منهما، لأن لها وزنًا رمزيًا وقيمة تجعل تأثيرها أقوى بكثير. مشيرًا إلى أنه تم إطلاق النار على مؤيدي الرئيس مرسي، الثلاثاء، بالقرب من جامعة القاهرة بأسلحة آلية وقُتل منهم 20 وأصيب المئات. قال نائب رئيس حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية للإخوان المسلمين) زعيم كتلة الأغلبية، الدكتور عصام العريان، أن الشعب هو السيد وهو الذي يقرر، مشدداً على أن زمن الانقلابات العسكرية ذهب إلى غير رجعة. وأشار العريان، في تغريده عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أنه لن يقدر حاكم ومجلس غير منتخب على إدارة حكم مصر. وأضاف نائب رئيس حزب الحرية والعدالة أن وحدة الجيش وتماسكه وابتعاده عن السياسة وتفرغه لمهامه الدفاعية أهم وأولى من إرضاء فصيل سياسي فشل أمام اختبار الديمقراطية، أو الانحياز إلى طاغية يواصل قتل شعبه خوفا من تحول إستراتيجي. ونوه العريان إلى أن "المغامرة الخطيرة بتمرد عسكري ليست مثل أي تمرد، وأن نتائجها غير معروفة، وأي مراهنة على هدوء الشعب ستؤدي إلى أن يخسر المراهنون كل الرهانات. مشدداً على أن هناك شعوبا حية رفضت الانقلابات العسكرية على الديمقراطية، وأعادت الرئيس المنتخب خلال شهور، والتي قد تصبح في العصر الحديث أسابيع أو أياما". وتابع أنه يعتقد أن "هناك عقلاء لديهم بقية عقل سيجنبون الجيش المصري العظيم مصير جيش البعث السوري، وسيبقونه في المكانة العالية التي وصفه بها الرسول العظيم بأنه خير أجناد الأرض".