يعتبر ابن المقفع من أئمة اللغة والأدب ذائعي الصيت في تراثنا العربي، وأحد أعاجيب الزمان ذكاء وفطنة وعلماً، وصاحب مصنفات فريدة في نصح الولاة وإدارة الدولة أسهمت في إثراء علوم اللغة العربية، وتطوير علم السياسة الشرعية، وكابد دسائس الساسة الفاسدين الذين تخوفوا من كتاباته ونقده، فاتهموه بفساد دينه وقتلوه. أبومحمد عبدالله المعروف بابن المقفع، أديب عربي من أصل فارسي ولد في قرية بفارس اسمها "جور"، سنة 724م، وكان اسمه روزبة، وكنيته ابا عمرو، فلما أسلم تسمى بعبدالله وتكنى بأبي محمد، ولقب أبوه بالمقفع لأن الحجاج بن يوسف الثقفي عاقبه على تهمة اختلاس مال الدولة، فضربه على يديه حتى تقفعتا (أي تورمتا وأعوجت أصابعهما ثم شلتا). ترجم إلى اللغة العربية كتاب "كليلة ودمنة"، ومن كتبه التي وصلت إلينا: "الأدب الكبير" عن السلطان وعلاقته بالرعية وعلاقة الرعية به و«الأدب الصغير" حول تهذيب النفس وترويضها على الأعمال الصالحة. اتهم ابن المقفع بأنه كان زنديقا يظهر الإسلام ولكنه يؤمن بمذهب زرادشت، كما اتهم بأنه كان شعوبيا يحتقر العرب ويفضل الفرس عليهم، وقد رد مؤرخون تلك التهم عنه. في ظل الدولة العباسية اتصل ابن المقفع بخدمة الخليفة العباسي الأول عبدالله السفاح ثم الخليفة المنصور، وقد قتل بناء على أمر الأخير سنة 759م. وفيما يلي باقة من أشهر أقواله: - عثرة الحرب لا تستقال. - لست أقود جيشا، ولا أتقلد حربا، ولا أشير بسفك دم. - اكتبوا أحسن ما تسمعون واقرأوا أحسن ما تكتبون واحفظوا أحسن ما تقرأون وتحدثوا بأحسنِ ما تحفظون. - حياةُ الشيطان تركُ العلمِ، وروحهُ وجسدهُ الجهل. - طالب الدنيا كشارب ماء البحر، كلما زاد شرباً ازداد عطشاً. - اعلم أن مالكَ لا يغني الناسَ كلهم فاخصص به أهل الحق، وأن كرامتك لا تطيقُ العامة كلها فتوَخَّ بها أهل الفضلِ، وأن قلبكَ لا يتسعُ لكل شيء ففرغه للمُهِمّ. - عمل الرجل بما يعلم أنه خطأ هوى، والهوى آفة العفاف؛ وتركه العمل بما يعلم أنه صواب تهاون، والتهاون آفة الدين؛ وإقدامه على ما لا يعلم أصواب هو أم خطأ لجاج، واللجاج آفة الرأي. -إخوانَ الصدقِ هم خيرُ مكاسبِ الدنيا، هم زينةٌ في الرخاء، وعدةٌ في الشدةِ، ومعونةٌ على خيرِ المعاشِ والمعادِ. فلا تفرطن في اكتسابهم وابتغاء الوصلاتِ والأسبابِ إليهم.