يتحدث لويس روخير رودريغز مدير الدراسات بالمعهد الثقافي الإسباني بالجزائر العاصمة في هذا الحوار الذي خص به جريدة ''المستقبل'' عن اللغة الإسبانية في المعهد، كما تناول في هذا الحوار علاقته باللغة العربية، فهو يتكلم العربية بطلاقة درسها بجامعة ''سالامونكا'' ويرى أن الهجرة غير الشرعية للجزائريين نحو إسبانيا مصيبة. - تتحدث اللغة العربية بطلاقة، حدثنا عن بداياتك الأولى بها؟ ❊❊ لي قصة طويلة مع اللغة العربية، فعندما التحقت بجامعة ''سالامونكا'' بإسبانيا التي تعدّ من أقدم الجامعات في أوروبا، مع فاريس وبولونيا، فإن اللغة والحضارة العربية كانتا تجذبانني، لهذا اهتممت باللغة العربية، فدرست مادتي اللغة العربية والأدب العربي في القرون الوسطى في السنة الأولى والثانية بالجامعة، لكن في برنامج السنة الثالثة أُلزمنا على دراسة الفقه وعلم الكلام والقواعد، وتاريخ الشعوب العربية وتحصلت على شهادة في فينولوجيا العربية وأنجزت بحثا تحت عنوان ''حكم للملوك أو للأمراء'' وهي حكم لأدباء كعبد الله المقفع والجاحظ. - هل بقيت صلتك بالعربية وطيدة فيما بعد؟ ❊❊ نعم لقد بقيت مستمرة، فقد قدمت في 6002 أطروحة دكتوراه في الأدب العربي، ثم تقدمت إلى امتحانات وزارة الخارجية في إسبانيا، وتم تعييني موظفا في الفلبين وأخذت معي كنوز مكتبتي التي تحوي روائع من المعارف والأداب العربية. وبقيت في جزر الفلبين ثم تقدمت إلى امتحانات الخارجية الإسبانية وترقيت إلى منصب مدير أكاديمي في معهد سيرفانتس بالجزائر.. - هل تطالع اليوم الأدب العربي المعاصر؟ ❊❊ غالبا لا أقر كثيرا الأدب العربي الحالي، لأنه بشكل وآخر ليس في المستوى، حتى ولو كانوا أدباء مشهورين أعتقد أنهم أقل مستوى لكن أقرأ لنجيب محفوظ وأقرأ لشعراء لبنانيين، وأحب أيضا أعمال ميخائيك نعيمة وآخرين. - أدباء المهجر؟ ❊❊ أنا أحب أدب المهجر، أجده قريبا مني لكن بالنسبة للأدب المعاصر أفضل أن أطالع أعمال الكتاب الإنجليز والأمريكيين. - لكن بقراءتنا للأدب لا نتعلم فقط اللغة، بل تتعرف على الآخر؟ ❊❊ بطبيعة الحال أنا عندما أقرأ كتابا أبحث عن التواصل مع حضارة وثقافة الكاتب، وهذا أهم شيء فلماذا يكتب الكاتب؟ وكيف يشعر؟ لهذا أجد أن الأدب العربي ممتع جدا، ويمكن للأدب الأمريكي والإنجليزي أن يجعلنا نفهم ما يحدث في العالم، أنا مازلت أقدر قيمة الأدب العربي إنه ممتع. - لكن ألا ترى أن ما يحدث من توترات في مناطق معينة من العالم، كأفغانستان والعراق وفلسطين، فإن أدباءها أقدر على الكتابة عن فواجعهم ومحنهم؟ ❊❊ بطبيعة الحال ولكننا لا نستطيع المقارنة بين الأدباء الأمريكيين والسياسيين الأمريكيين، ومعروف أن الأدباء هم أصحاب ضمائر إنسانية، أما السياسيين فهناك من يحترم الآخر وهناك من لا يفهم ذلك، وأعتقد أن فهم العالم، أمر أساسي في الأدب، وطبعا فإن السياسيين يحتاجون إلى الكثير من القراءة لفهم الآخر لأنهم لو عرفوا الآخر لفهموا وما حصل جلّ الذي يحدث الآن في العالم. - من خلال احتكاك بالطلبة الجزائريين الذين يتعملون اللغة الإسبانية، وباعتبارك أستاذا للغة الإسبانية ومدير دراسات في المعهد، ما هي الصعوبات التي تواجه الطلبة الجزائريين؟ ❊❊ بشكل عام فإن الطلة الجزائريين يتعملون الإسبانية فورا وبسهولة، وبالنسبة للمحادثة كما قلت سابقا فإنهم يتحدثون الإسبانية جيدا لكن فيما يتعلق بكتابتها فإنهم يرتكبون أخطاء كثيرة، وهذا ربما راجع إلى ثقافتهم، لأنهم متعودون على المحادثة، وليس على المكتوب، لكن هناك منهم من يكتب جيدا بلا أخطاء، وبالنسبة للجزائريين هناك ما يساعدهم على تعلم الإسبانية، منها معرفة اللغة الفرنسية ونفسيتهم القريبة لنفسية الفرد الإسباني، وردة فعلهم تشبه ردة فعل الإسبان أمام بعض الأموروهذا يساعدهم على تعلم لغتنا. - ما هي الحلول التي اقترحتها لحل مشكل الكتابة عند الطلبة الجزائريين؟ ❊❊ لا أعتبر ذلك مشكلة، وأحاول تقوية أسلوب الكتابة لدى الطلبة في اللغة الإسبانية، وأحضر منهجا في الكتابة، وأفتش على النتائج وأبحث عن طرق جديدة لنعلمهم بطريقة أحسن وأفضل لكن الجزائريين الذين يلتحقون بالمعهدا لثقافي الإسباني لدراسة الإسبانية، فأغلبيتهم طلبة يدرسون بالجامعة فهم مشتغلون بالدراسة الجامعية أكثر من الدراسة بالمعهد. - كم طالب جزائري يستفيد من منح المعهد للدراسة في الجامعات الإسبانية، وكم تدوم دراستهم هناك؟ ❊❊ للأسف برنامج المنح ألغيناه بسبب الأزمة الإقتصادية العالمية ولم نستطع متابعته أما الآن فإن الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي وللتطور هي المكلفة بإعطاء المنح للمحترفين أو الطلاب الذين ينهون دراستهم في الجامعة ويريدون التخصص في مجال ما وهم يذهبون إلى إسبانيا للدراسة، ونحن نعرف العديد من الطلبة الجزائريين الذين استفادوا من نظام المنح وعادوا من إسبانيا بشهادات وأصبحوا محترفين وهذا أمر مهم للجزائر واسبانيا والمنح الآن أصبحت معدودة بسبب الأزمة الإقتصادية العالمية. - هل تعتقد أن الطلبة الجزائريين المسجلين في المعهد يستفيدون فعلا من النشاطات الثقافية التي ينظمها معهد سيرفانست وسفارة إسبانيابالجزائر؟ نعم بالنسبة للنشاطات الثقافية أظن أنها ليست كثيرة، لكنها مفيدة، وبشكل عام تشهد النشاطات الثقافية حضورا جماهيريا كبيرا، ورغم أنها لا تُبرمج كل أسبوع فإن الدروس المقدمة في تعلم اللغة الإسبانية بالمعهد مفيدة للطلبة وهناك الكثير من الطلبة الجزائريين المسجلين في المعهد يتقنون الإسبانية بعد سنة ونصف فقط وهم يتحدثون مع أي إسباني بطلاقة، وبعضهم يلتحقون بالمعهد للعمل فيه. - تحتفي المعاهد الإيطالية في عدد من بلدان العالم بأسبوع اللغة الإيطالية، في حين تكتفي المعاهد الإسبانية بيوم واحد؟ ❊❊ سؤال جيد، وأنا أختصر الجواب في أننا لسنا بحاجة إلى أسبوع واليوم اللغة الإسبانية انتشرت كثيرا ولا نحتاج أسبوعا كاملا للعمل والدعاية للغة الإسبانية، أما الإيطالية فهي لغة يتحدث بها الإيطاليون في إيطاليا، ومهمة في جانب الحضارة والثقافة، كما أن سياسة المركز الثقافي الإيطالي ووزارة الخارجية تسمح لهم بالاحتفال لمدة أسبوع كامل، كما أنّ النشاطات الأكاديمية مثمرة بالمعهد ولهذا لا نستطيع إقامتها مدة أسبوع فنكتفي بيوم واحد للاحتفال بها. - في عام 0381 وهي الفترة التي شهدت احتلال فرنسا للجزائر، عرفت هذه الفترة (من 0381 إلى 0691) هجرة إسبانيا إلى الجزائر للعمل والعيش وهي فترة وثّقها الكاتب الإسباني خوان رامون روكا في كتابه: ''إسبانيون في الجزائر مذكرات مهاجرين'' أما اليوم يحدث العكس، فالكثير من الجزائريين يبحرون إلى السواحل الإسبانية خاصة إلى جزيرة مايوركا على متن قوارب، بحثا عن حياة أفضل في إسبانيا، هذه المفارقة التاريخية كيف تفسرها؟ ❊❊ هذه مشكل عويص، وأظن دخول هؤلاء الشبان إلى الأراضي الإسبانية بطريقة غير شرعية، يعد خطرا على حياتهم وأيضا على عائلاتهم فهم يبحرون في قوارب ويقطعون آلاف الكيلومترات للوصول إلى إسبانيا، وأعتقد أننا نتحمل المسؤولية نفسها، فعلينا مساعدة الناس ليتطوروا وليحسنوا ظروف عيشهم، هؤلاء الشبان يدخلون الأراضي الإسبانية بشكل غير قانوني، ونحن كإسبان نريد استقبالهم بشكل قانوني، أنا أعتقد أن في الاقتصاد والسياسة يوجد مرضى ولا يوجد موتى، فالبلدان لا تموت، إنها تمرض، وهذا يعني أننا اليوم بلد متطور وغني ويمكن أن نصبح مستقبلا، بلدا فقيرا، وإذا عدنا إلى الجزائر للعمل، نريد أن يستقبلنا الجزائريون جيدا، نحن نريد أن نرحب بالجزائريين دوما. - طيلة السنوات الثلاث التي قضيتها في الجزائر واحتككت بالجزائريين، ما الذي شدّ انتباهك؟ ❊❊ بشكل عام هناك شيء يعجبني كثيرا وهو أن الجزائريين يرحبون في الشارع بالأجانب، سواء الإسبان أو الإيطاليين وهذا يسهل لنا العيش هنا ويمنحنا فرصة العمل في ظروف حسنة وبالنسبة لظروف الحياة أرى أن الحياة اليومية صعبة لأكثرية الناس وأتمنى أن تتحسن أوضاعهم.