لم يتوان الحكم الدولي السابق سليم أوساسي في التأكيد لنا بأن قرار اعتزاله التحكيم اتخذه خلال شهر رمضان سنة 2000 في أعقاب لقاء أمل عين مليلة ومولودية العاصمة تشنجت فيه الأعطاب وتعرض خلاله إلى اعتداء سافر قابلته الفاف بتسليط عقوبة عليه.. بداية هل يختلف تعامل الحكم مع مجريات المباريات واللاعبين خلال شهر رمضان عنه في بقية أشهر السنة؟ ما أود قوله هو أن الحكم هو رياضي بالدرجة الأولى وهو مثل بقية اللاعبين يدير اللقاء وهو صائم، وبالنسبة لي فقد كنتذ آخذ هذا الأمر من جانبه الروحي والعقائدي. وخلال مشواري التحكيمي أديت عدة مباريات في رمضان وأتذكر أنني لم أخرج بتاتا أي بطاقة حمراء وكنت أراعي ميزاج والشد العصبي الذي ينال من اللاعبين فوق الميدان وهي مسألة جوهرية مع الحرص على عدم ترك اللقاء يخرج عن إطاره الرياضي والتنافسي. هل تعتقدون بأن كل الحكام يتعاملون بنفس هذه الوصفة خلال المنافسات الرياضية؟ أولا علي التأكيد على جانب وهو أن الحكم عليه بأن يأخذ بعين الاعتبار الظروف التي تجري فيها اللقاءات والتأثير الذي يتركه الصيام على نفسية اللاعب وقواه الجسدية، وهو ما يملي على كل حكم أن تكون قراراته رصينة ونزيهة. الأمر قد يتجاوز هذا الإطار الذي تتحدثون عنه إذا ما تعلق الأمر مثلا بلقاءات مصيرية؟ عندما كنت أمارس التحكيم في الميدان كانت أطوار البطولة وكل المنافسات الكروية تتزامن مع الشهر الفضيل وقد أدرت خلال مسيرتي عدة لقاءات هامة ومصيرية لكن بفضل الله وتجربتي استطعت الخروج بكل المواجهات التي أدرتها إلى بر الأمان. هل هذا يعني أنكم كنتم بمنأى عن التجاوزات التي تحدث عادة خلال شهر الصيام مثل نرفزة اللاعبين وخروج اللقاءات عن النص؟ لقد وضعت الأصبع على الجرح، إذ أنني كنت ضحية نرفزة لاعبين خلال شهر رمضان والواقعة حدثت خلال شهر ديسمبر من سنة 2000 خلال لقاء البطولة الوطنية الذي جرى بعين مليلة بين الفريق المحلي وضيفه مولودية الجزائر، إذ بعد إعلاني لضربة جزاء شرعية لهذا الأخير تم الاعتداء علي من طرف لاعبي عين مليلة، الذين لم يتقبلوا قراري رغم شرعيته وبعد أخذ ورد وبالتشاور مع الأطراف المتواجدة بالملعب وخاصة مراقب اللقاء، ألغيت ضربة الجزاء ومنحت فريق عين مليلة مخالفة داخل منطقة العمليات، وكانت أسوأ ذكرى في حياتي التحكيمية خاصة وأنها جرت خلال شهر رمضان المعظم، حيث اتخذت عقب تلك الأحداث قراري النهائي باعتزال التحكيم. كيف حدث ذلك؟ لقد قررت التوقف نهائيا عن إدارة مباريات كرة القدم، بعد أن حاولت الفاف عقب تلك المباراة معاقبتي بدل حمايتي حيث تعرضت إلى عقوبة ثلاثة أشهر كاملة، وقد تيقنت يومها بأنني كنت كبش فداء، أما مولودية العاصمة فقد كانت هي الأخرى ضحية كونها حرمت من ضربة جزاء شرعية. ما نعلمه هو أن الحكم سليم أوساسي غادر الميادين في سن مبكرة جدا، ألم تندم عن قرار الاعتزال؟ هذا صحيح حيث أنني عندما اعتزلت وانسحبت مرغما كان عمري 36 سنة وهو ما يعني أنني كنت ما زلت في قمة عطائي وأمامي 10 سنوات كاملة. ولعل ما تأسفت له كثيرا هو أنني كنت من بين أحسن الحكام الجزائريين آنذاك. هل يمكن القول إن عامل الصيام هو الذي تسبب في أحداث عين مليلة وعجل باعتزالك؟ ما من شك أن شهر الصيام يؤثر بطريقة مباشرة على سلوكات وحركات اللاعبين فوق الميدان غير أن ما حز في نفسي كثيرا هو موقف الفاف التي لم تنصفني رغم الظروف الصعبة التي عشتها وسط أجواء مشحونة بملعب عين مليلة، فضلا عن أنني تعرضت لاعتداء سافر وكانت حياتي مهددة.