إفطار جماعي لفائدة فئة الأحداث    نسبة الجاهزية بلغت 96 بالمائة    تطور مُنتظر مع إطلاق الصكوك    صواريخ اليمن وغزّة تتقاطع في سماء تل أبيب    مجزرة السحور    غويري عمّورة.. و الخُضر في الصدارة    هبّات تضامنية واسعة عبر مختلف ربوع الوطن    القيادي الناجح قادر على تكوين جيل البناء الحضاري    مشاريع تنموية مختلفة تدخل حيز الخدمة بالبليدة    سايحي يبرز مجهودات الدولة    لا فائدة من خلق توترات مع الجزائر    الاستقلال السياسي والاقتصادي للجزائر حصن منيع    ربيقة يشارك في مراسم إحياء تنصيب رئيسة ناميبيا    إعذارات للأساتذة الممتنعين عن صب العلامات    إضفاء الشفافية في معالجة عروض العمل    الرفع من عدد الحاويات المعالجة إلى 300 ألف في 2025    يوم تضامني مع المعتقلين السياسيين الصحراويين بسويسرا    لقاء بالجزائر العاصمة حول العبر المستخلصة من يوم النصر (19 مارس 1962)    اليوم العالمي للمياه: تثمين الأشواط المحققة لتعزيز الأمن المائي الوطني    منصة رقمية موجهة للمستثمرين بوهران    النظام البيئي للصيرفة الاسلامية بالجزائر مقبل على مزيد من التطور مع إطلاق الصكوك    تجارة: اعتماد استراتيجية رقمية شاملة لإرساء نظام معلوماتي متكامل    جمع 15 ألف طن من النفايات في النصف الأول من رمضان    المديرية العامة للغابات تسلم أكثر من 26 ألف رخصة    السد الأخضر: مشروع إعادة التأهيل يتقدم بخطى كبيرة    رهان على المواهب الشابة    تحدٍّ عائلي يعاكس الواقع الاجتماعي    ورقلة: اختتام فعاليات الطبعة ال12 للمهرجان الثقافي المحلي للإنشاد بتكريم الفائزين    اختتام ليالي أولاد جلال للفيلم الثوري الجزائري    التحرك السريع لضمان احترام المحتل لاتفاق وقف إطلاق النّار    حجز 3.5 كلغ من الكيف    حجز لحوم حمراء مذبوحة بطريقة غير شرعية    ربيقة يشارك في مراسم إحياء عيد استقلال جمهورية ناميبيا وتنصيب الرئيسة المنتخبة    لم نخطط ل"الشان" لكنه محطة مفيدة قبل كأس العرب    المحاربون يحققون فوزا ثمينا ويستعيدون الصدارة    لقاء بأهداف متباينة    متحف المجاهد بباتنة … حافظ للذاكرة الوطنية وتاريخ الجزائر المجيد    مدرسة الصيام الربانية    فرنسا: روتايو ينتمي إلى تيار من اليمين لم يتجرع أبدا انتزاع الجزائر استقلالها بنفسها    بوغالي يواسي    مجلس الأمن: الجزائر تؤكد على ضرورة العودة الى وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ جميع مراحل الاتفاق    كرة القدم /مونديال-2026 - تصفيات: تصريحات مدرب المنتخب الجزائري و اللاعب يوسف بلايلي    مونديال 2026 /تصفيات/ بوتسوانا-الجزائر (1-3): فوز ثمين ومهم للمنتخب الوطني    مونديال-2026 - تصفيات: المنتخب الجزائري يفوز على بوتسوانا 3-1    افتتاح الطبعة ال14 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي بالجزائر العاصمة    دعاء الجماعة أَوْلَى بالقبول من دعاء الفرد    الجزائر تُحضّر لإطلاق الجيل الخامس للنقّال    وزير الاتصال ينظم مأدبة افطار لفائدة الأسرة الإعلامية الوطنية    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    السيد سايحي يبرز مجهودات الدولة في توفير الهياكل الصحية عبر مختلف ربوع الوطن    وفاة الصحفية السابقة بالإذاعة الوطنية فاطمة ولد خصال    نجوم في بيت الفن والسمر    حج 2025 : اجتماع تنسيقي لمتابعة عملية تسيير رحلات الحج    متى يباح الإفطار للصائم    أجمل دعاء يقال في رمضان    قال إن المنتخب الجزائري يملك توليفة رائعة من اللاعبين.. صهيب ناير سعيد باللعب مع الجزائر    جاهد لسانك بهذا الدعاء في رمضان    12 مطارا و150 رحلة لنقل 41 ألف حاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألجي... ألجيري (2)
نشر في الجزائر نيوز يوم 21 - 07 - 2013

عندما تقدمت على الرصيف، كانت واقفة بجنبي وابتسامة عريضة معلقة على شفتيها.. كان الهدوء يطغى على المكان رغم العدد الكبير من المسافرين الواقفين، والمتحركين والغارقين في أحاديث متبادلة كان يعبث بها الهدير الصامت..
حدّقت فيّ جيدا، ثم سألتني إن كنت من سيدي بلعباس، قلت لها نعم، ثم انطلق بيننا الحديث، وكأننا نتعارف منذ زمن قديم، سردت لي حكايتها أو ما حدث لها مع أصدقاء من بلدتها، سافرت معهم إلى وهران، ومن ثمة إلى حمام بوحنيفية حاولوا الاعتداء عليها جنسيا.. كنت أصدقها في كل كلمة كانت تتفوه بها، سألتني إن كنت متوجها إلى وهران، أم إلى العاصمة، فأخبرتها أنني متجه إلى الجامعة الصيفية، وأنني لا أعرف جيدا العاصمة، وأخبرتها أني حديث العهد بالبكالوريا، وتدفقت في كلامي لها، عن عائلتي والحي الذي أسكن به، وأحلامي في المستقبل، نظرت إلي باندهاش واستغراب، لكن بشفقة وحنو، عندما قلت لها، أنني أحلم أن أكون كاتبا... كما رويت لها، ونحن نمتطي القطار، أول قصة حب عشتها وأنا لا أزال تلميذا في السنة الثالثة متوسط، وكيف كتبت عن هذه التجربة بعض الأشعار، والقصص التي نشرتها في صحف ومجلات وطنية، مثل "الجمهورية" و "آمال" و«الجزائرية" لكنها لم تكن تهتم بالقصص والأدب، ومع ذلك فلقد كانت مولعة بالموسيقى الغربية والأغاني الفرنسية ومنبهرة بميري ماتيو، وكلود فرانسوا، وليون فيري، وإديت بياف... كانت أصيلة بلدة العفرون.. وعندما نزلت بمحطة وادي تليلات الواقعة قرب مدينة وهران كانت الساعة تشير إلى السابعة مساءا، وكانت المحطة بمثابة محطة الترانزيت التي ينتقل منها القطار القادم من وهران إلى العاصمة... حملت معها الحقيبة، ودخلنا مقهى المحطة التي كانت تديره امرأة تتجاوز سن الخامسة والأربعين بقليل، ذات جسم ممتلئ، ترتدي زيا تقليديا، وموشمة الوجه واليدين، وذات لسان سليط وحار، تتحدث بالعربية الدارجة وبفرنسية طليقة، وكان يساعدها ابنها ذو الملامح الشبيهة بوالدته، وكان على خطاها في التحدث إلى الزبائن.. شربنا ليمونادا وتناولنا سندويشين محشوين بالفلفل الأخضر المشوي والبطاطا والبيض.. ولم أترك الفتاة العفرونية تدفع سنتيما رغم إصرارها على أن تدفع هي ثمن السندويشين.. ظن الطلبة الذين اختيروا ضمن الوفد أنني أعرفها من قبل، أو أنها إحدى قريباتي، فأغرقونا بالفاكهة والشكولاطة... وشكرناهم على ذلك كثيرا.. ورحنا طيلة وقت الانتظار نذرع الخطى على طول الرصيف ألف، بينما كنا لا نأبه بتلك العيون التي تتلصص علينا وتراقبنا.. كان ذلك اليوم، الرابع من جويلية وكانت محطة وادي تليلات غاصة بالمسافرين، وبالجنود المسرحين بمناسبة ذكرى الاستقلال... راحت صفارة القطار تعلن عن لحظة اقتراب القطار من بعيد، تحرك المسافرون بحقائبهم على الرصيف، وبدأت الأرجل تتحرك وتتسارع.. كان الليل أرخى سدوله.. وكانت السماء صاخبة كالصفحة العارية... ودون أن أدري تشبكت يدي في الفتاة العفرونية، وصعدنا بشق الأنفس إلى عربة من عربات القطار الحافل بالركاب... وجدنا أنفسنا في مكان غاص، حافل وممتلئ إلى آخر يجمع بين عربتين وسط تلك الزحمة السوداء.. روائح العرق والأجساد المتلاصقة تطغى على المكان.. بدأ القطار بالتحرك بشكل بطيء، ثم ما لبث أن استعاد تلك القوة التي كان يتمتع بها وهو منطلق من وهران إلى محطة وادي تليلات... كان جسدانا ملتصقين بشكل حميمي وقوي.. وهذا ما جعل بعض الركاب من الجنود يتركون لنا زاوية وضعنا فيها حقيبتينا وجلسنا إلى جنب بعضنا البعض عليهما... وعندما اقتربنا من محطة مدينة غليزان، اقترح علينا أحد الركاب وهو ضابط صف أن نذهبا معه للمبيت في منزل عائلته، لكننا أفهمناه أنه لا بد أن نواصل سفرنا إلى العاصمة... وعندما غادر القطار مدينة غليزان، ساد الصمت، وراحت بعض الرؤوس تتمايل وكأنها مخمورة ونشوانة من شدة التعب والوسن... وانخفضت الإضاءة، ولم نعد نسمع إلا صوت القطار الذي كان يتناهى إلى سمعنا بشكل ينطوي على وزن وإيقاع.. وكل واحد من الركاب غرق في سكونه وربما في أطيافه وأحلامه المتراقصة... كان جسد الفتاة العفرونية يزداد دفئا وحرارة كلما امتد التصاقه بجسدي... وخيل لي أنني أصغي إلى نبضات جسدها الحار، وقلبها الراقص معا... وضعت يدي على عنقها، بينما كانت تتظاهر بالتناوم.. وأنا كذلك كنت أتظاهر بالتناوم، لكن لذة ما، لذة خفية ومريحة ومنعشة، راحت تتسلل إلى أعماقي وشراييني، وتبعث فيها دفقا سحريا من الطاقة والحياة، وكذلك يدها بدأت تزحف شيئا فشيئا إلى جسدي من تحت القميص الأزرق الذي كنت أرتديه، ثم شرعت أناملها تزحف برهافة من أسفل بطني إلى صدري حيث كانت تنبت هناك بعض الشعيرات،.. وكل شيء بدأ يتحرك بقوة في أوصالي، سائل كالدم انبجس في كل مجاري جسدي.. ضممتها بقوة إلى جسدي، إلى صدري، وأحسست وكأنها بدأت ترتعش كريشة في مهب الريح وفي الوقت ذاته كنت أشعر بالخجل، وهذا ما جعل ربما كل ذلك العرق يتصبب من جسدي.. صوت القطار يتصاعد كالزئير الأسطوري المتقطع... ومن حين لآخر، كانت تتدفق بقع ضوء ساطع إلى داخل القطار... ينبعث الصفير كالنواح شاقا صدر الظلام...

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.