وزير الداخلية يؤكد من إيطاليا أن معالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية تتم عبر رؤية شاملة    محكمة العدل الأوروبية تنتصر للشعب الصحراوي وترفض طعون مجلس ومفوضية الاتحاد الأوروبي    سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل قاطني المناطق التي شهدت حالات دفتيريا وملاريا    الأعضاء العشرة المنتخبون في مجلس الأمن يصدرون بيانا مشتركا بشأن الوضع في الشرق الأوسط    استشهاد 11600 طفل فلسطيني في سن التعليم خلال سنة من العدوان الصهيوني على قطاع غزة    ديدوش يعطي إشارة انطلاق رحلة مسار الهضاب    أدوية السرطان المنتجة محليا ستغطي 60 بالمائة من الاحتياجات الوطنية نهاية سنة 2024    هذا جديد سكنات عدل 3    تندوف: نحو وضع إستراتيجية شاملة لمرافقة الحركية الإقتصادية التي تشهدها الولاية    تبّون يُنصّب لجنة مراجعة قانوني البلدية والولاية    إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار    ملفّات ثقيلة على طاولة الحكومة    ليلة الرعب تقلب موازين الحرب    لماذا يخشى المغرب تنظيم الاستفتاء؟    حزب الله: قتلنا عددا كبيرا من الجنود الصهاينة    عدد كبير من السكنات سيُوزّع في نوفمبر    يوم إعلامي حول تحسيس المرأة الماكثة في البيت بأهمية التكوين لإنشاء مؤسسات مصغرة    السيد حماد يؤكد أهمية إجراء تقييم لنشاطات مراكز العطل والترفيه للشباب لسنة 2024    افتتاح مهرجان الجزائر الدولي للشريط المرسوم    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    افتتاح صالون التجارة والخدمات الالكترونية    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    وهران: انطلاق الأشغال الاستعجالية لترميم "قصر الباي" في أقرب الآجال    مجلس الأمة يشارك بنجامينا في اجتماعات الدورة 82 للجنة التنفيذية والمؤتمر 46 للاتحاد البرلماني الافريقي    تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2025 / الجزائر: "تأكيد التحسن المسجل في سبتمبر"    السيد طبي يؤكد على أهمية التكوين في تطوير قطاع العدالة    الألعاب البارالمبية-2024 : مجمع سوناطراك يكرم الرياضيين الجزائريين الحائزين على ميداليات    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: الطبعة ال12 تكرم أربعة نجوم سينمائية    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: سينمائيون عرب وأوروبيون في لجان التحكيم    حوادث المرور: وفاة 14 شخصا وإصابة 455 آخرين بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    كأس افريقيا 2025: بيتكوفيتش يكشف عن قائمة ال26 لاعبا تحسبا للمواجهة المزدوجة مع الطوغو    شرفة يبرز دور المعارض الترويجية في تصدير المنتجات الفلاحية للخارج    هل الشعر ديوان العرب..؟!    توافد جمهور شبابي متعطش لمشاهدة نجوم المهرجان    المقاول الذاتي لا يلزمه الحصول على (NIS)    مدى إمكانية إجراء عزل الرئيس الفرنسي من منصبه    المشروع التمهيدي لقانون المالية 2025- تعويض متضرري التقلبات الجوية    عبر الحدود مع المغرب.. إحباط محاولات إدخال أزيد من 5 قناطير من الكيف المعالج    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب:الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    الجزائر تعلنها من جنيف.."عودة الأمن في الشرق الأوسط مرهونة بإنهاء الاحتلال الصهيوني"    قافلة طبية لفائدة المناطق النائية بالبليدة    تدشين المعهد العالي للسينما بالقليعة    نعكف على مراجعة قانون حماية المسنّين    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    قوجيل: السرد المسؤول لتاريخ الجزائر يشكل "مرجعية للأجيال الحالية والمقبلة"    إعادة التشغيل الجزئي لمحطة تحلية مياه البحر بالحامة بعد تعرضها لحادث    بيتكوفيتش يكشف عن قائمة اللاعبين اليوم    الدورة التاسعة : الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة محمد ديب للأدب    كوثر كريكو : نحو مراجعة القانون المتعلق بحماية الأشخاص المسنين وإثراء نصوصه    حرب باردة بين برشلونة وأراوخو    منتخب الكيك بوكسينغ يتألق    توقيع اتفاقية شراكة في مجال التكفل الطبي    هذا جديد سلطة حماية المعطيات    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    مونديال الكيك بوكسينغ : منتخب الجزائر يحرز 17 ميدالية    الحياء من رفع اليدين بالدعاء أمام الناس    عقوبة انتشار المعاصي    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألجي... ألجيري (13)
نشر في الجزائر نيوز يوم 03 - 08 - 2013

عدنا عند ساعة متأخرة إلى منزل صديقي المسيردي محمد، كانت المفاتيح بحوزته ففتح الباب، اجتزنا الحجرات المفتوحة على بعضها بعض وكأننا لصين تسللا إلى بيت غريب، تناولنا بعض الطعام في الكوزينا، وقادني بعدها إلى غرفة واسعة ذات نافذة مطلة على الجانب الخلفي للحوش الكبير..
كانت اللامبة الخارجية تضيء كل الجهة الخلفية للحوش.. شجرة تين عملاقة تمتد إلى السماء بجنب بئر يتدلى إلى أعماقه حبل طويل، وكذلك سلحفاة كانت ساكنة قرب البئر، ماكثة في صمت وسكوت عميقين... استلقيت على السرير بعد أن أعطاني صديقي محمد المسيردي بيجاما كثيرة الخطوط وذات لون بني، قلت لوالدتي أنني سأقضي
الليلة في فوبورتيار في منزل المسيردي، وظللت طيلة الليلة أحلم نفس الحلم، لكن لست أدري لماذا ظلت عصية علي روايته بشكل دقيق ومفصل.. كانت تظهر في الفتاة اليابانية وهي تركض حافية على شاطئ لم تطأه قدمي من قبل.. كانت تبدو وحيدة.. سعيدة برغم كل ذلك... هل كانت ترتدي مايو السباحة.. لا أتذكر ذلك جيدا.. إلا أن مفاتن جسدها ظلت عالقة بذهني.. وذات المفاتن هي التي اكتشفتها بعد مرور أسبوع بكامله على الحلم.. اقتربت من المفاتن لكن سرعان ما تحولت إلى شيء آخر مثير للخوف والدوران.. كانت تصرخ في وجهي، تقذفني بأعنف الكلمات وأسوأها.. لكنني أحبك.. رحت أصرخ... ثم تسلقت شجرة متوحشة خلف ذلك الدغل القريب من الشاطئ.. كانت قدماي حافيتين.. ضاع مني حذائي، لكن أين ضاع الحذاء؟! رغبت في الوصول إليها، حيث كانت في قمة الشجرة المتوحشة، وهي تصرخ في وجهي "إبتعد.. إبتعد" ورحت أطوف حول الشجرة المتوحشة، كما ذاك الرجل البدائي الذي يطوف حول النار.. وبدأت تتناهى إلى سمعي الأصوات، تندلق إليّ وكأنها آتية من بعيد، من الأعماق، من أغوار المغارات.. قرع الطبول (من يقرع هذه الطبول) صرخت.. ضاع صراخي في هدير ذلك الجو الضاج.. وكذلك النباح، نباح كالعويل المتقطع، يتصاعد من كل مكان، كأنني أنصت إلى قرع الطبول والنباح في نغم همجي وبدائي واحد، يصب كالمطر الأسود في قلب العتمة، أصرخ (أنزلي، أنزلي) وهي تصرخ (ابتعد، لن أنزل، ابتعد)، أصرخ، أعوي كالذئب الساغب، ولكن يا إلهي لا صدى لصوتي، وحدي أقف هناك، وحدي أبكي، وحدي أصرخ ويتلاشى بين يدي صراخي، وهي تطل علي من عل، عارية، يبرق من عينيها لهب مجوسي، أفتح عيني، (ماهذا؟!) أفقدني ذلك الكابوس كل توازني وفرحتي التي غمرتني طوال النهار..عجز المسيردي عن فك لغز الحلم عندما رويته له في الصباح ونحن نتناول فطور الصباح، ثم سرعان ما تناسيناه ونحن نغادر منزل المسيردي متجهين نحو المتوسطة.. نسيت أن أذكر شيئا، في ذلك المساء الذي توجهنا فيه المسيردي وأنا إلى الخلاء وجلسنا غير بعيد على شاطئ نهر ماكرة، روى لي هو الآخر، قصته مع قارون المدعوة كارون صليحة، أنا اندهشت، لأنني لم أكن أتصور أن تكون علاقة بين صليحة والمسيردي، فلقد كانت تبدو شديدة الاختلاف، منغلقة على نفسها، على ملامحها علامات نفور من الجنس الآخر، كان والدها، وهو ضابط بالساكتور يوصلها كل صباح أمام مقر المتوسطة، جاءوا منذ سنوات قلائل إلى سيدي بلعباس.. كانوا يسكنون الأبيار بالعاصمة، بشرتها ساطعة كالشمس اللافحة، لم أشعر في حياتي قط بميل نحو البنات ذوات البشرة الساطعة كالشمس اللافحة، كانت تبدو منطوية، شديدة الانطواء على نفسها، ترتدي قميصا مفتوحا وميني جيب، ساقانا طويلان، عينان عسليتان، أجفان تظللها زرقة فاتحة لزجة والشعر أصفر ينساب كخيوط الشمس في زمن الصيف، تلك القطعة البيضاء المقدودة تنحدر من بني يني في منطقة القبائل، كيف حدث ذلك؟! منذ افتتاح السنة الدراسية وهي ترقبه وكذلك أنا كنت أرقبها، لكن لم أتجرأ على الاقتراب منها يا حميد، كنت عندما أمر بالقرب منها أتظاهر كاللامبالي بها، وكان ذلك يمزق قلبها ويملأه حنقا، لكنني كنت أتلذذ بحنقها ونظراتها التي كانت تكشف عن ذلك، كان يثيرني صدرها الذي يهتز بصورة عجيبة، وذات مرة اقتربت مني وفاجأتني قائلة: لماذا تنظر إلي هكذا؟! وأنا قلت، أنا أنظر إليك؟! قالت أجل، أنت تنظر إلي، لماذا تنظر إلي تلك النظرة، وعندئذ كان صوتها ينساب إلي كما ينساب السحر إلى الجسد، قلت لها، أقول لك شيئا؟! قالت قل، وانقضضت على فمها دون سابق إنذار ألثمه، صرخت، ضربتني على وجهي، ثم بيدها على صدري ثم بصاكها على رأسي، ضحكت: كنت كالمجنون، تصرفت يا حميد فعلا كما لو كنت على حافة الجنون، هل هذا هو الحب؟! أعطيت الريح لرجلي، أحسست بالنيران تشتعل في كل مكان، في قلبي، في قلبها، في جسدي وفي جسدها وفي كلامي وفي كلماتها، في خيالي وفي خيالها، في صمتي وفي صمتها، في نزقاتي وفي نزقاتها، هل هذا هو الحب؟! لم أنم، وخجلت من نفسي، وخشيت في لحظة أن تبلغ بي وفكرت ألا أذهب إلى المتوسطة وشعرت بالقلق لما لم آرها في الصباح التالي واستولت علي الحيرة، هل هذا هو الحب؟!وفجأة سطع صوتها وأنا في ساحة المتوسطة، جهة رواق التواليت كانت تركض تجاهي، ماذا ستفعل؟! هل ستضربني من جديد؟! ألقت بنفسها على صدري، لم أصدق كارون صليحة بين أحضاني؟! كانت ترتعش كريشة، كنت أرتعش كريشة (هكذا إذن، هكذا إذن) رحت أقول للمسيردي صاحب الإبتسامة المنفرجة كابتسامة أنثى.. ثم نظر إلي المسيردي، إياك أن تحكي، وكيف أحكي، وسره سري، وسري سره، وعندما التقيت فتاتي ذات الوجه الياباني الصبياني تذكرت المسيردي، وقلت بيني وبين نفسي (هل ألثمها؟! هل أقبلها مثلما قبّل ولثم المسيردي صليحة؟! وبعد ذلك ستنزل على رأسي بصاكها، وتلطمني بيدها، وربما تبصق في وجهي؟!) وكأنها حدست ما كان.. يجول بخاطري، ذهبنا خلف المتوسطة حيث البرية والشجر، وراحت تتعرى، وأنا، لا،لا،لا، وهي أس، أس، وأنا ماهذا يا إلهي، ما هذا؟! وكانت أصوات السيارات تأتي متلاشية من بعيد، كنت مضطربا، ما الذي تنوي القيام به هذه المجنونة، ووجدتني أفقد عقلي وأرمي بكل ثقلي فوق جسدها، وبكامل ثيابي، وهي ليس هكذا أيها الغبي، ليس هكذا، وأنا ألهث فوقها بكل ملابسي وهي انتظر، انتظر، سأريك كيف ت....... ليس هكذا، ليس هكذا.. وعندما راحت العصافير تزقزق في رأسي.. كان صفير القطار يتعالى ويتعالى، كان القطار يقترب وهي ليس هكذا، ليس هكذا يا غبي.. ثم سمعنا صوت الحارس، حارس المتوسطة، يصرخ فينا (انهضا من الحشيش يا أولاد ال... انهضا يا أولاد ال... وهي تصرخ.. هيا، هيا، يا غبي، سوف يلقون القبض علينا ويفضحوننا.. هيا.. هيا...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.