يحظى، شيزاري بافيزي، بشعبية كبيرة في بلدنا، نشرت أعماله السردية من قبل دار بروجيرة، أما شعره فقد تم نشره في أنطولوجيا أعدها الشاعر خوسي أجوستين جويتسولو José Agustin Goytisolo (أحد إخوة خوان جويتسولو)، في هذه الطبعة نجد كل الأعمال الشعرية القصصة منذ مرحلة المراهقة إلى غاية آخر أعماله ''الأرض والموت''، و''سيأتي الموت'' و''أبق علي عينيك'' مرورا بمجموعة ''العمل يتعب'' أعد مقدمة هذه الطبعة إيتالو كالفينو Italo calvino الذي رتب أشعار بافيزى حسب الترتيب الكرونولوجي، واضعا ملاحظات لكل قصيدة على حدة· تمنح الأنطولوجيا إمكانية تقييم تطور ومكونات شعر بافيزي في مقدمة كتاب ''العمل يتعب''، يبرز بافيزي فكرته حول شعره، وكذا قدراته الشعورية التي وصلت عمق الأشياء، فالكثافة الميتافيزيقية، وكذا البحث الوجودي اللذين اتسم بهما شعر بافيزي أديا إلى إبراز شعوره بالإكتئاب الجبري· يشبه مجمل شعره ظروف حياته والأحداث التي تعرض لها الأمر الذي فنّد تطور فكره (كان من مناهضي الفاشية، نفي خارج البلد تم انتحر)، فتماثل شعره بظروف معيشية خلف نوع من اللبس بين حياته الخاصة وأعماله· رغم أنه ليس من السهل اكتشاف سهولة كتاباته التي جعل منها ديدنه في التعبير عن مشاعره، إلا أن استعماله لنماذج نمطية معينة أخلت بالبعد الأدبي لأعماله· ينتمي بافيزي إلى مجموعة كبيرة من الكتاب الإيطاليين، مونتالي باساني، كوازيمودو وبازوليني، الذين وجدوا في استعمال لغة سهلة أحسن وسيلة للتعبير والتواصل وإيصال الأفكار· فهم يستطعون أن يتنبأوا بأوضاع ما أو بمشاعر ما، وبحالات الطقس، الفضل في هذا كله يعود إلى قدرتهم على وصف الإنسان ومحيطه من خلال أسلوبهم الخاص· فأشعاره، كما قصصهم، تنتج كلها ضرورة إيجاد أسلوب، كما أنها تطرح جمالية متكررة تبحث عن كل ما هو جميل، عن الحزن عن الطقس (المناخ) من خلال زاوية جد ذاتية· من بين مميزات شعر هؤلاء الشعراء اتخاذ الأرض كمرجعية لم يستطع بافيزي المعروف بثقافته الأنجلو ساكسونية أن يتفادى التطرق إلى ثقل الصيف على شواطىء المتوسط، عن حقول بيلمونتي، فهذه الأشياء التي كثيرا ما تكون سببا في فقدان الناس للكثير من تركيزهم هي إحدى مكونات أو ركائز كتابات بافيزي· يلاحظ أن هناك روابط قوية بين شعر ونثر هذا الكاتب تعمل على ضرورة عملية الهدم الذاتي· فالأشياء الملموسة، وكذا نزعة الإبتعاد (العزلة) شكلت شخصية تعرف كيف تقبض على الواقع· إستطاع بافيزي أن يستخرج عصارة نظمه من خلال العالم الخفي لشخصياته التي وصفها بدقة متناهية، واضعا لها صورا محددة كذلك كان لحريق بيا مونتي دور بازر في تميز شعره· لقد تعرض شعر بافيزي لأحكام مختلفة بسبب هوسه ونضوجه، وبسبب الطرح العميق للموت الذي يعد المحرك الأساسي لجل أعماله· وحده، إيتالو كالفينو، هو الذي استعمل لفظ الهدم الذاتي ليبرز معيشة بافيزي على طريقته الخاصة وشكل إبداعاته المستمدة من يومياته، موضحا أن معركة بافيزي في هذه الحياة هي أنه جعل من الألم أسلوبا وسلوكا شخصيا· رفعا لأي لبس أو خلط يجب اقتلاع تلك المفاهيم التي أضرت بشعر بافيزي لإعادة اكتشاف هذا الشاعر من خلال مجموعة أشعاره، مثل هذا التصرف أو الإجراء يعد ضروريا للقضاء على أي التباس· نستطيع أن نقول أن بافيزي شاعر مهم لأنه عرف كيف يبني عالما ثم يهدم الآخر الذي لا معنى له بالنسبة له· سيأتي اليوم الذي سيصبح فيه ذلك الإله الشاب رجلا· حيث لا يحمل هم الإبتسامة الباهتة لذلك الرجل الذي فهم فحتى الشمس تتحرك بعيدا تخنق السواحل· دافيد كاستيليو DAVID CASTILLO ترجمة من الإسبانية: يوسف بوطاروق