دائما ومنذ العقود التي أنهت الحزب الواحد، وبروز التعددية والحرب الأهلية منتشرة داخل حزب جبهة التحرير، ولا أبالغ عندما أصف حربكم الدائمة بأنها حربا أهلية نظرا لأنها تحدث بين الأهل الواحد، والعائلة الواحدة المنبثقة عن جبهة التحرير التاريخية وقبلها عن ذلك الإرث العميق للحركة الوطنية وذلك منذ نجم شمال إفريقيا ومرورا بحزب الشعب الجزائري والحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية وانتهاء بجبهة التحرير المجيدة.. لكن بالله عليكم كيف عجزتم كل هذا العجز في أن يصبح حزب جبهة التحرير حزبا طليعيا أو حقيقيا بعد كل هذه التجربة وكل تلك المحن التي اجتازها حزبكم، سواء تلك الوضعية القاسية التي واجهها بعد نهاية نظام الحزب الواحد وتحولكم إلى شياطين في نظر الشعب وجب رجمهم، وبالرغم أن حزبكم كانت لديه مسؤوليات فيما حصل للجزائر، إلا أنني أعترف أن المسؤولية لا يتحملها وحده، ولا يتحملها المناضلون الذين آمنوا فعلا بالثورة والجزائر وخيارات النظام، سواء عندما انتهج الاشتراكية، أو ما سماه بالإصلاحات أو الليبرالية، على كل إنني استعدت ثقتي في حزبكم عندما خاض ببسالة معركة استقلاليته في فترة الراحل عبد الحميد مهري، إثر كل ما حدث في البلاد من الاستقالة الاضطرارية للرئيس الشاذلي وإيقاف المسار الانتخابي واندلاع تلك الحرب القذرة التي كادت تودي بالبلاد والعباد إلى الهلاك المبين.. وستبقى المعركة التي أبلى فيها أفلان عبد الحميد مهري ضمن النقاط المضيئة والمشرفة لحزبكم، لكن للأسف، خسر مهري معركته وخلفه متخاذل على بأس الأفلان فتحققت النكسة من جديد، وعاد الأفلان كما يقولون إلى بيت الطاعة، وأية طاعة يا إلهي؟! لقد أضاع رأسماله الرمزي وفتحت الأبواب على مصراعيها أمام الوصوليين والانتهازيين ليجعلوا من الأفلان مجرد يافطة ووسيلة وضعها العابثون كيفما شاؤوا، وكاد الأفلان أن يعود إلى اللحظة المهرية، عندما عاش معركة داخلية عشية رئاسيات 2004، إلا أن القطار واصل طريقة نحو السير المحزن، نحو النتيجة القاتلة، نحو النهاية التراجيدية للحزب.. بحيث تحول في عهد عبد العزيز بلخادم إلى حزب طائع، فاسد، لا شخصية له وكانت النتيجة هذا الانحطاط، وهذا البؤس الذي أصبح عليه الحزب.. بؤس في الرؤية، في الإرادة، في الأفكار وفي النهاية في الأخلاق.. هاهو حزبكم أصبح بدون خريطة طريق حقيقية، وبدون مستقبل وصار مآله، مآل ذوي الطوائف، فهل من المعقول أنه سيجعل مصيره بيد رجل بائس، ضعيف ومتهم بالفساد وسوء الأخلاق؟! فإن حدث فتلك النهاية المخزية جدا، لحزب طالما انتظرنا أن ينهض من كبوته وسقطته، وطالما علقنا الآمال على أن يكون اللاعب صاحب الثقل في أخلقة الساحة السياسية، والدافع باتجاه الأمام لتجربتنا الديمقراطية الهشة، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.. لذا لا أريد من رسالتي أيها الأصدقاء في الأفلان، إلا أن أناديكم وربما لآخر مرة أن تنقذوا حزبكم، وإرثه، وبالتالي، أنقذوا شرفكم أيها الأصدقاء.