لم تكن الخلافات في الأفلان حول الزعامة والقيادة والولاء، بقدر ما كانت حول المنهج والأفكار والقيم. قد لا يتذكر الكثير من الشباب أو لا يعرف ما كان يدور في جلسات الحزب الواحد “اللجنة المركزية والمكتب السياسي"، والذين يعرفون ذلك يتحسّرون اليوم على السقوط الحر للقيم في الحزب العتيد. في تاريخ حزب جبهة التحرير الوطني، كان القادة ينصرفون إلى الظل عندما يحسّون بالظلم أو عدم رغبة “الرفاق" في بقائهم. لم نسمع أبدا أن أشعل كائن من كان في الحزب أو خارجه ثورة بالشكل الذي نراه اليوم عندما يحس أنه بدأ يفقد مواقعه. الحزب العتيد صاحب الأغلبية في المجالس المنتخبة أصبح في موقع لم يسبق وأن وُجد فيه. ما يفترض في حزب حظي بثقة الناس رغم كل ما يمكن قوله بشأن هذه الأغلبية أن يكون قويا بمواقفه، ليس الكم من يصنع القوة، بل قوة الحجة هي التي تصنع المواقف. خلال منتصف التسعينيات حاصرت السلطة الراحل عبد الحميد مهري، وقبلها سحبت من الأفلان جريدتي الشعب والمجاهد، بل وشرعت في تجريده من أملاكه ومقراته الضخمة قبل أن تتدارك سياستها وتنشغل بحربها مع الحزب المحل، في تلك الفترة انكب المرحوم مهري على البحث عن حلول عميقة للأزمة التي كادت أن تعصف بالبلد.. قبل أن تقرر سرايا السلطة الانقلاب عليه في مؤامرة علمية. انسحب مهري دون ضجيج، لم نسمع الصراخ كالذي نسمعه اليوم حول خليفة بلخادم، فمالذي تغير.. الحزب أم رجاله ومعادنهم؟؟