«فلتستمتعوا بأفضل رأس في أوروبا بعد رأس تشيرشيل"، تلك كانت الطريقة التي تم بها الإعلان في ستوكهولم عن المباراة الودية التي جمعت بين إسبانيا والسويد سنة 1951. الحديث هنا طبعا عن رأس تيلمو زاراونانديا مونتويا، مهاجم أتلتيك بيلباو، الذي أصبح أسطورة في إسبانيا بفضل عدد الأهداف التي سجلها في مسيرته الكروية، وخصوصا بالضربات الرأسية، التي كان مختصا فيها. لكن هدفاً واحداً بالقدم كان كافيا ليجعله أسطورة، لأننا حين نتحدث عن "هدف زارا" تستحضر الجماهير الإسبانية واحداً بالتحديد من أهدافه ال 350. نتحدث عن الهدف الذي سجله في ملعب الماراكانا في مرمى المنتخب الإنجليزي في آخر مباراة لمرحلة المجموعات في كأس العالم البرازيل 1950. وسجل الهدف بتسديدة من اللمسة الأولى بكرة دائرية خدعت الحارس الإنجليزي بيرت ويليامز وحسمت المباراة بنتيجة (1-0 ) أمام "إنجلترا الغادرة" كما كانت تطلق عليها وسائل الإعلام آنذاك. وبذاك الهدف دخلت إسبانيا دور المجموعات الأخير المشكل من أربعة منتخبات، الذي سيحدد فيما بعد الفائز باللقب (كأس العالم بالماراكانا)، حيث احتلت إسبانيا مرتبة رابعة مشرفة، وهي المرتبة التي ظلت لسنوات طويلة أفضل إنجازات المنتخب في كأس العالم. لكن يبقى هذا الهدف واحدا فقط من سجل حافل بالأهداف على امتداد مسيرة اللاعب، السابع بين عشرة إخوة لم يكن أبوهم عاشقا لكرة القدم. وكان تيلميتو، يعرف بخوفه الشديد في صغره حيث قال عن نفسه "لطالما كنت خجولا ومنكمشا، حتى وأنا ألعب كنت كذلك". وبدأ اللعب في فريق حيه، قبل أن تلتقطه مبكرا عيون أتلتيك الذي كان يبحث عن إعادة بناء فريقه بعد الحرب الأهلية ولم يندم أتلتيك أبدا على التعاقد مع هذا اللاعب. ففي مباراته الأولى أمام فالنسيا في البطولة الإسبانية سجل زارا هدفين كانا مقدمة لقائمة طويلة من الأهداف. هو الهداف التاريخي للبطولة الإسبانية حتى الآن بأهدافه ال251، رغم أن الفرق المشاركة آنذاك لم تكن تتعدى 14 أو 16 فريقا. كما أنه أكثر لاعب فاز بلقب هداف البطولة، حيث حاز عليه ست مرات. وصمد رقمه القياسي بتسجيله 38 هدفا في موسم 1950-1951 لأكثر من 50 سنة، قبل أن يعادله هيوغو سانشيز، ويأتي بعده كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي ليحطما ذلك الرقم الذي استطاع زارا تسجيله في 30 مباراة فقط. وتحدث أوريوندو الذي شكل بجانب زارا وفينانسيو وبانيزو وجاينزا واحدا من أفضل خطوط الهجوم على مر تاريخ أسود بيلباو، عن طريقة لعب زارا واصفا إياها بكل بساطة "كان عليك فقط أن ترسل الكرة إلى الأمام لأننا كنا متيقنين أنه سيجد طريقه إليها وسيتمكن من وضعها في الشباك". وحملت نهاية الكأس التي فازوا بها عام 1945 واحدة من أسوء ذكرياته الكروية: حين تعرض للطرد للمرة الأولى والوحيدة في مشواره الكروي. وحسب روايته للأحداث فإن السبب كان "سوء فهم" من طرف الحكم الذي رأى في "ممازحة" لاعب لآخر اعتداء. قبل أن يسجل إيريوندو لحسن الحظ هدفا سيجعل دموع الغضب في أعين زارا تتحول إلى دموع فرح بعد الفوز بنتيجة (3-2) على فالنسيا. وقرر زارا الرحيل عن أتلتيك بلباو بعد 15 سنة قضاها مدافعا عن ألوان الفريق بأهدافه، حيث فضل ترك مكانه للأجيال الصاعدة، ليواصل اللعب دون مقابل في دوري الدرجة الثانية لسنوات أخرى. ابتعد زارا فيما بعد عن عالم كرة القدم الاحترافية، ليتفرغ لأعمال أخرى، حيث افتتح محلا لبيع الملابس والأدوات الرياضية ثم استثمر فيما بعد في مطعم، غير أنه استمر في اللعب من حين لآخر في المباريات الخيرية. ومما يثير الانتباه أن لاعبا من طينته لم يلق التكريم الذي يليق به من جمهوره إلا بعد 42 سنة، رغم أن عقده الأخير مع أتلتيك كان ينص على تكريمه بعد اعتزاله، وهو التكريم الذي لم يتم إلا في سنة 1997 في مباراة جمعت بين فريقه وفريق مكون من لاعبي البطولة الإسبانية. ومن بين من حضروا ذاك الموعد الكروي كان هناك بيرت ويليامز، الحارس الإنجليزي الذي كان طرفاً في أهم لحظة في حياته حين سجل عليه هدفه الأسطوري في الماراكانا. توفي زارا بسكتة قلبية في 23 فبراير 2006 عن عمر يناهز 85 سنة.